طائفيون ويتهمون غيرهم بالطائفية…
علا بطرس –
في 31 تشرين الأوّل 2016، اعتلى الوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحرّ منصّة الإحتفال بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في ساحة وطنية جامعة هي “ساحة الشهداء”. تلك الساحة التي جسّدت إرثاً غنياً في الذاكرة الوطنية في مقاومة الأعداء والمحتلّ وفي الدفاع عن العناوين الوطنية الكبرى: السيادة والشراكة، لم تكن تجمع على منابرها سوى مجموعة كبيرة من أركان التحالفات العريضة في 14 آذار، ليقابلها في “ساحة رياض الصلح” المحاذية أركان 8 آذار.
ولم يكن ليحصل أن انضمّ جمهور عريض من اللبنانيين في ساحة واحدة بالتحام أعلام “حزب الله” مع “القوات اللبنانية” لهدف مشترك يخطب فيهم رئيس التيار الوطني الحرّ منفرداً ويبادل قياداتهم بالنّدية والعهد على الوفاء بالصّدق. وقد أثار هذا المشهد الغيرة والغضب من قبل الكثيرين. فهذا المهندس للتفاهمات يخطو خطوات أكبر من حجم المذهبية والمناطقية والطائفية، فكان لا بدّ من تحجيمه في سياق مسار من الإتهامات وإعادته من حيث أتى مع الضّرب على خطين متوازيين في العلاقة بين التيار والقوات من جهة وحزب الله من جهة أخرى.
حمل الوزير جبران باسيل أوزار انتمائه الصّلب الى التيار الوطني الحرّ ونهج الرئيس المؤسّس. فكانت الشائعات لأدائه الحكومي خبز الإعلام اليومي وما زالت الألسن الخبيثة تلاحقه. تارة في الإنتقاص من رمزية فخامة رئيس الجمهورية ودوره بالإدعاء أن الوزير باسيل “رجل الظلّ” غافلين أنّه رئيس التيار الوطني الحرّ وتكتّل التغيير والإصلاح وهو يمارس صلاحياته وفق الأصول وحسب النّظام الداخلي في التيار الوطني الحرّ.
فله التفاوض في حصّة الحزب واختيار الوزراء دون أن يعني ذلك أنّه المقرّر عن رئيس الجمهورية! وكرّت سبحة المنظومة بوضع “الفيتو” على تمثيل القوات السيادي مشيرين أن حصّتها مضخّمة في الحكومة، وفي تخويف حزب الله في الإيحاء أن زيارات الوفود العربية الخليجية بمثابة انقلاب استراتيجي.
وبدأ المتضرّرون في البحث عن إيجاد ثغرة مخفية في تفاهمات باسيل ودوره في السياسة الخارجية بأوّل تعبير مسرحي واضح للعالم في جلسة انتخاب الرئيس. ولا يغفل على أحد كيف قامت الدنيا بعدما أدلى بتصريح في حماية الجنسية اللبنانية من أيّ التواء في ظلّ أعباء كثيفة ناجمة عن النزوح السوري ووجود اللاجئين الفلسطنيين وخطر توطينهم الحقيقي بفعل تعنّت إسرائيل في رفض “حقّ العودة” وفي ظلّ الأزمة السورية المعقّدة. فانطلقت الأبواق نحوه بسهام “العنصرية” وكأنّ الرجل لديه عقدة من المرأة اللبنانية دون النّظر الى خطورة الأمر من زاوية مصلحة الدولة العليا. فهل تعطي فرنسا الغجر المتنقّلين من الجوار الشرقي لها لا سيّما من رومانيا وصولاً الى أراضيها الجنسية؟ ألم تُصنّف سوريا الأكراد الوافدين من الخواصر الشمالية والشرقية الرخوة ك”مكتومي القيد” دون أن تُسبغ عليهم الجنسية السورية؟
ويبقى الوزير باسيل الصامت الأكبر في ظلّ نوبة جنون فاشلة والضامن الحقيقي لروحية النّظام وحماية لبنان من الأخطار. فمن يريد المبارزة لا يربح بالتّغيب بعد تجربة سابقة في آخر جلسة من الحوار الوطني ويكفي الرئيس عون فخراً أن الحملات التي يتعرّض لها باسيل شبيهة بمساره دون زحزحة للثقة الشعبية في شخصه، وأن علاقة التيار الشائكة مع قوى التقليد ليست جديدة وهذا ما أكسب التيار المناعة والصلابة!
المصدر: tayyar.org