– قد يكفي أن نحافظ على الأيدي مرفوعة مع تكرار إسم يسوع..
* ♰ *
الصلاة هي نبع الحياة وبالتالي الصلاة بلا انقطاع هي الشكل الأكمل للحياة الإنسانيّة المسيحيّة. الذي لا يصلّي بلا انقطاع، هذا يحيا بشكل متقطّع. وكيف نصلّي بلا انقطاع يقول الربّ يسوع عبارة مهمّة جدًّا “أدخلْ مخدعك وصلِّ لأبيك السماويّ“.
الصلاة هي الحالة والصلوات هي النصوص، أو الأداة أو أيّة حركة أو أيّ سبب يجعلنا ندخل إلى المخدع ونصلّي لأبينا الذي في السمَوات. ولذلك هناك عدة طرق وعدّة أشكال للصلاة. فكلمة واحد من العشّار جعلته يصلّي، وكلمات وأفعال وأعمال من الفريسّي جعلته لا يصلّي بل يتكلّم مع ذاته.
الحوار الفرديّ، أن يتكلم الإنسان مع ذاته، ليس صلاة مهما حوى من كلمات الصلوات. مَن يعي أنّه يصلّي لم يصلِّ بعد، مَن لم يخطفه ويشّده الحوار إلى وجه المسيح، ما زال بعد على درجات ضعيفة من الصلاة، يتكلّم ربما مع ذاته.
من يسمع ذاته عندما يصلّي لم يصلّ بعد. هذه الصلوات سماها الكتاب المقدس ثرثرات: “لا تطيلوا الكلام عبثاً“.
ولكن في المقابل هناك: “صلّوا بلا إنقطاع“! “لا تطيلوا” لا تعني ألاّ نكرّر، ولكن ألاّ نطيل الكلام “عبثاً”.
يقول القديس مكاريوس: ليس من الضروريّ استخدام كلمات كثيرة، قد يكفي أن نحافظ على الأيدي مرفوعة فقط، ونكون في الصلاة” أقوى صلاة عرفها التقليد النسكيّ وتعلّق بها هي تكرار إسم يسوع. لأنّ تكرار إسم يسوع له مفهوم خاص وحقيقة عميقة.
عندما نذكر الإسم يعني صرنا في مواجهة حامل هذا الإسم. الإسم يُستبدل بالحضرة، لذلك لإسم الله قوة، لذلك لم يكن اليهود يلفظون إسم الله لأن حضرة الله مهيبةٌ.
ونحن عندما نردّد إسم يسوع يعني أننا نقف أمام يسوع. في العهد القديم كان الملائكة الذين يحملون إسم الله يعلنون عن حضوره، عن فعله، ويطلبون من الإنسان الاحترام والخشوع في اليوم الكبير. ولكن في العهد الجديد صار القلب هو قدس الأقداس.
إذا كان قدس الأقداس في الهيكل يُدخل إليه مرّةً في السنة من الكاهن الأعظم فقد جعل العهد الجديد القلب البشريّ قدس أقداس لكلّ إنسان ولكلّ لحظة. هرماس الراعي يقول: “إسم يسوع يسند العالم“. فذكر إسم يسوع هو التعزية الكبيرة. أن نعيش في حضرة الله يعني أن نعيش والله معنا، ولذلك فمَن علينا.
إسم يسوع يحمل قوّة خلاص، قوة تخليص لكلّ إنسان في العالم. لذلك يقول الأب النسكيّ يجب أن يلتصق إسم يسوع بالنَفَس: “أنا نائم وقلبي مستيقظ“. حتى عندما تفقد الحواس الحضرة فإنّ القلب يتابع العشرة.
هكذا عندما تصير صلاة يسوع دائمة، وحضرة يسوع في القلب مستمرّة، نكون نحن ليتورجيا دائمة مع الله. هكذا عبَّر بولس عن خبرته وعن صلاته الدائمة. لم يتكلّم بولس عن خبرة مجهولة أو نظريّة. لقد تكلّم بولس عن ذاته حين قال: “صلّوا بلا انقطاع“. وكان بولس رجلَ عملٍ يخيط الخيام والجلود، ويداه خدمتاه ومن معه، كان رجل أسفار وإبحار ولكن كانت صلاة يسوع في قلبه دائمة “لست أنا أحيا لكن المسيح يحيا فيَّ“. راجع ترجمة الأب أنطون جرجي لكتاب سائح روسي على دروب الربّ (بيروت 1996).
(نقلاً عن كتاب “التفتيش عن الله ولو بعد حين. القسم الأول، ص: 23-25؛ الأب إدمون رزق الله مرسل لبناني و الأخت دولّي شعيا راهبة لبنانية مارونية – والكتاب يوزّع للإستعمال في كرسي الإعتراف على ضريح القديسة رفقا.)