– خلدون وميقاتي بدل عزل طرابلس، قوموا بمشاريع إنمائية..؟
***
بين بشرّي والمختارة آفة خطيرة لا تمسّ بالتيار الوطني الحرّ وحسب بل بكيان لبنان ووجوده. المشهد ليس بغريب على اللبنانيين بل التوقيت، فالذي يحصل اليوم لم يحصل منذ إنتهاء الحرب الأهلية ومنطق الميليشيات معها. في الحقيقة التاريخ يعيد نفسه مع بعض المفارقات الطفيفة ففي حين حاول زعماء الميليشيات تقسيم لبنان الى ممالك متناحرة يترأسونها، وقف الرئيس عون متحصنًا بقاعدته الشعبية مطلقًا شعاره الشهير: لبنان أكبر من أن يبلع، أصغر من أن يقسّم. أمّا اليوم فلا رؤساء الميليشيات تغيروا ولا منطقهم التقسيمي ولكن ما تغير هو تغيير بالشكل لا المضمون فأصبحوا بعد الطائف زعماء طوائف يمارسون التقسيم تحت شعار الدفاع عن الطوائف والخصوصيات ضاربين عرض الحائط منطق المواطنة.
لم يعد الرئيس عون وحيدًا في معركته المناهضة للتقسيم، مبطنًا كان أم علنيًا، بل الى جانبه وزيرًا ورئيس حزبٍ لا يهدأ، يجول من قضاء الى قضاء ومنطقة الى منطقة لاغيًا الحدود الوهمية والخصومات المفتعلة والزعامات التقليدية المنفوخة الحجم ما دعاها للخروج عن طورها ومهاجمته بشتّى الوسائل بغية تحديد الخسائر ووقف هذا المدّ من رجل طرأ على روتينهم السياسي فغيّره رأسًا على عقب.
البداية من بشرّي حيث أكّد الدكتور جعجع أنها ليست مدينة مفتوحة وهي تختار من تستقبل ومن لا. ربما نسي أن بشري قضاء جبران خليل جبران والقديس شربل وليست حكرًا على أحد. فات الحكيم أيضًا أن زمن الكونتانات ولّى الى غير رجعة وال laissez passer الذي إعتاد توزيعه لم يعد ذو قيمة ولا منفعة. من قرأ تصاريح الحكيم ظنّه رئيس جمهورية بشرّي في حين أن بشري ليست جمهورية ولا الحكيم رئيسًا بل أحد الفعاليات وليس الوحيد في ظل وجود خصم ذو حجم تمثيلي لا يستهان به وهو وليم طوق الذي إذا ما تحالف مع التيار الوطني الحرّ ضَمن مقعده النيابي.
تلى بشرّي الجبل حيث صرّح الوزير شهيب أن للجبل بوابة معروفة ولا يجوز تناسي خصوصيته. ربما نسيَ الوزير شهيّب أن زمن أول تحوّل فلا الوزير جنبلاط حاكم الجبل الأوحد ولا السوري يستطيع حمايته كما إعتاد زمن الإحتلال. مستغرب ما قاله شهّيب، ربما فاته أن لتكتل لبنان القوي في عاليه ذات عدد نواب الحزب الإشتراكي (٢) وذات عدد الوزراء فالواقع فرض بواباتٍ جديدة. أمّا السؤال الأهم فهل يريد الوزير شهيّب أخذ إذن دخول من بيك المختارة لنكون أمام جمهورية الجبل الإشتراكية؟
مظهر الجبل أخطر بكثير من بعض الحركات الصبيانية التي حصلت في بشرّي والأخطر منهما تضامن ساسة السياسة الذين فضلّوا سقوط منطق الدولة وهيبتها على الإقرار بخطيئة حلفائهم التارخيين.
أخيرًا زيارة طرابلس حيث بدا التلويح بتحركاتٍ سلمية رفضًا لزيارة باسيل والغريب أن من بادر بالرفض هو خلدون الشريف فهل أصبحت موضة جديدة، تحديد الضيوف ومنع الزيارات؟ ألم يكن أفضل أن يقوم السيد خلدون وخلفه ميقاتي بمشاريع إنمائية بدل محاولة عزل طرابلس؟
ختامًا، لا بد من وقفة شعبية جدّية مناهضة للتقسيم بشتى أشكاله فلبنان لجميع اللبنانيين بعيدًا عن قناعاتهم الدينية والسياسية فالمعركة ليست معركة باسيل ولا التيار الوطني الحرّ بل معركة بقاء لبنان أو ذوبانه في مستنقعاتهم الطائفية.