باسيل أساساً مزعج لم يعتادوا مثله في مسار وزراء الخارجية.. والمشرقية تفكير يطال كل جمهور التيار.
ميشال ن. أبو نجم*
هي كرة نار داخلية تحاول أطراف متضررة أنْ تلقيها إلى الخارج وتسعى لإيجاد “كبش محرقة” أو استهداف ما تعتبره خاصرة رخوة. هذه باختصار حقيقة استهداف العهد الجديد من زاوية اختلاق خلافات بين التيار الوطني الحر وحزب المقاومة، للتعمية على عدم تقبل وقائع التغيرات الهادفة إلى إرساء نظام ميثاقي.
العرقلة من قوى تغوّلت وتمددت في الطائف المسورن، وتجد نفسها اليوم أمام حائط صدٍّ كبير أساسه أولاً التحالف في البيئة المسيحية. ذلك أن قوى الطائف السوري، توزعت بعد التغير الإستراتيجي مسيحياً، بين اتجاهين: اتجاه عمد إلى حصر الأضرار وسعى لتسوية في منتصف الطريق، أما الإتجاه الثاني الذي يمثله الرئيس بري والنائب سليمان فرنجية فهو الذي يقود المعارضة لمسار الطائف الحقيقي.
وحجم التركيز على العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، بكلّ الضوضاء الذي ترافقه، مؤشر إلى أزمة الفريق المستهدِف التحالف لا إلى نجاحه في بث الفرقة، ويؤكد أن التفاهم الإستراتيجي بين ما يمثله “التيار” وما يمثله “الحزب”، هو صخرُ “جبل” لا يهتز. فالتفاهم بات سلوكاً سارياً ودماءً جارية في عروق العونيين ومناصري حزب الله. بعد معمودية النار القاسية في حرب تموز، ها هم مؤيدو “التيار” يرقبون بألم سقوط شهداء حزب الله في وجه مشروع تكفيري لم يكن ليُبقي أو يذرّ لو نجح، ويدركون جيداً أن حماية أدبياتهم الكيانية التقليدية نفذها الشهداء بدمائهم. أما مؤيدو المقاومة، فهم فرحون بوصول “الجبل” إلى الرئاسة، ويدركون في أعماقهم أنه ليس حامياً للثوابت فحسب، بل عنواناً للإستقرار ومعبراً للتفاهم والجمع.
إذن كيف نصوّب في ظل جدران الصد؟ لعل جبران باسيل هو الخاصرة الرخوة!
أساساً باسيل مزعج. يستخدم لغة لم نعتد عليها في الماضي، ولا يكتفي بما اعتدناه في مسار وزراء الخارجية السابقين. ميثاقية، كيانية، حقوق، توازن، أرض، وجود، ويعطي البعد اللبناني الكياني الأولوية، مركّزاً على قوة لبنان الحقيقية المتمثلة في المغتربين ويسعى لاستعادتهم إلى قلب المعادلة الإقتصادية والسياسية.
ما يجهله الفريق المتحامل، أن البعد الإستراتيجي والإلتفات المشرقي، هو الجانب الآخر للخطاب الكياني لدى وزير الخارجية. لم تعد “المشرقية” مصطلحاً ثقافياً أو سياسياً، بل تعبيراً عن خيار راسخ ليس في خطوات الرئيس عون وباسيل فحسب، بل في تفكير كل مؤيدي “التيار الوطني”. إنها تعبير عن التجذر في هذه المنطقة، والحفاظ على عناصر قوة لبنان، وتترجم بفهم وجدان حزب الله ومقاومته، وبأهمية دور الدولة السورية في حفظ وحدة سوريا ومواجهة مشروع الإرهاب التكفيري واستخداماته.
استعادة الميثاقية وحفظ الكيان، لا ينفصلان في خطوات باسيل عن الحفاظ على الثوابت الإستراتيجية التي صنعت استقرار لبنان. الحملة فاشلة في منابتها، فكيف إذا ساهمت في ازدياد الإلتفاف الداخلي حول باسيل؟
· صحافي وباحث سياسي