غريب أمر الساسة اللبنانيين، غريبةٌ هي تصرفاتهم، حديثهم، تفكيرهم، وكأنهم لا يزالون في القرن التاسع عشر وما قبل، يجلسون في قصورهم الفاخرة، ينتظرون مستزلميهم كي يؤدون فروض الطاعة، وتحل عليهم البركة.
وفي طبيعة الحال طبقة كهذه لن تتقبل أي طارئ عليها يغير هذا المسار، فكيف إذا بشخص نسف مسارهم، وهزّ مصيرهم، وخلخل عروشهم، وغير تفكير شعبه، ليقتنعوا بأن الشعب هو صاحب القرار ولا يعود لغيره أن يحدد مصيره، وينسحب هذا الشخص ظله الى خليفته.
من المعروف عن من جالس فخامة العماد ميشال عون، لا بد من أن يشعر بمعرفته لكل زاوية في قرى لبنان، حتى أنه على علمٍ بتفاصيل ضيع صغيرة غير موجودة على الخريطة، واليوم من يراقب حركة الوزير جبران باسيل، يرى مدى إهتمامه بإكتشاف كل قرية وضيعة وبلدة في لبنان، ويهتم بمميزاتها، ومقدساتها، وحاجة الناس للبقاء فيها.
منذ أن تسلم هذا الوزير رئاسة التيار الوطني الحر، وهو في دورة مكوكية على المحافظات والأقضية كافة، لم يستثني أي منطقة، أو بالأحرى لم تستثنيه أي منطقة، حيث أن إنتشار حزبه على مساحة الوطن يفرض عليه ذلك (وهذا ما كان واضحًا في الإنتخابات الماضية)، وعليه نراه في كل نهاية أسبوع يجول في منطقة وأخرى، ولكن ما كان لافتًا هي جولة ١٥/٦/٢٠١٩ يوم قام الوزير باسيل بزيارة منطقة مُحرمة بنظر البعض على أن تطأها قدم غريبة، يومها ذهب جبران الى بشري، معقل القوات اللبنانية، فإعتبروا القوات هذه الزيارة فاشلة ولا قيمة لها، ولكن كيف ذلك؟ فهو يزور منطقة إستحصل فيها على ما يفوق الألف صوت، وكان بجانبه مرشح فاقت أصوات صناديقه الخمسة آلاف، أما ثانيًا ما يؤكد أهمية وعمق هذه الزيارة هي الردود القواتية، من السيدة ستريدا الى المسؤولين الحزبيين، وختامها مسك مع رئيس حزب القوات اللبنانية، ليخرج ويقول “شو الله جابرو يبهدل حالو” نعم يا سيدي، هذا هو من يكسر جبروتكم، وهو مجبور ومفروض عليه زيارة رفاقه وأبناء حزبه أينما وجدوا، داخل الحدود وخارجه، وهو لا ولن ينتهج سياسة الجلوس في القلاع وإنتظار الأتباع، بل سيذهب ويقرع الأبواب لا “الطبول”، و”سيفتح” المناطق اللبنانية بعضها على بعض، وليس هناك من منطقة مغلقة في وجه رئيس التيار الوطني الحر، لأنه أينما ذهبت ستجد له مناصرين ورفاق وإخوة.
زبدة الحديث، من تاريخ هذه الزيارة وحتى موعد الإنتخابات النيابية القادمة، سنرى حفلة جنون قواتية ستنتهي بفوز التيار الوطني الحر بمقعد نيابي في بشري، يبقى لكم حق إختيار من هو المرشح الخاسر، وإنشاد أغنية “هزت منازلنا” لانه فعلا هزها جبران.