عَ مدار الساعة


لغة الطفل و”برنار صادر”.. قصة معبرّة

– للقلب حجج لا يفهمها العقل.. 

***

سمعت طرطقة على زجاج سيارتي في ساحة جونيه بينما كنت منتظراً في عجقة السير الصباحية، ولمحت بطرف عيني متسوّلة تحملاً طفلاً في يديها …

بطبيعة الحال لم ارد … وبَقيت هي تدقّ … لم التفت اليها كي لا اعطيها اي امل في الحصول على مبتغاها المدبّر في اروقة عصابات الاطفال…

بل سرقت نظرة على عيني الطفل حيث بادرني فوراً بابتسامة رقيقة وطأطأ رأسه خجلاً…. فبالرغم من شقائه وبؤسه وعذابه وحرمانه وربما مرضه، ابتسم لشخص لا يألفه ولا يعلم عنه شيئاً ولم يلتقيه يوماً ….

ابتسامة مجانية دون مقابل … فهو لا يعرف ماذا يطلب، ولا يعرف انه ضحية امه وغريزة اباه ومجتمعه المتخلّف، ولا يعرف ان وجوده بين يدي هذه المتسولة وجود بارد لا دفئ ولا عطف فيه، ولا يعدو كونه دوراً تمثيلياً مزيّفاً مقيتاً لجمع الاموال الحرام …

اما ابتسامته فكانت وحدها الصادقة والاصلية …. تلك الابتسامة الخجولة والبريئة، فبالرغم من شقائها وتعاستها فقد دخلت الى القلب في جزء من الثانية وكانت كافية لتكسر جليد الاشمئزاز، رأيت في ابتسامته ضحكات بناتي الصباحية … ولكن مهلاً … فضحكاتهن مبررة، اما هو… فما الذي يبرر ضحكته ؟؟؟؟؟؟؟

فخلافاً لمبادئي ولأفكاري، ولا اعرف لماذا، وفقط لأجل هذه اللحظة الصادقة، وجدت نفسي مندفعاً لتلبية طلب المتسولة …..