أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الثقافة في مواجهة الإرهاب… “الإرهاب أداة مشروع الهيمنة الصهيو-أميركي”

المحامي جوزيف أبو فاضل  –

أن تجتاح القوات الروسية أفغانستان قبل أربعة عقود من اليوم، وتبدّل نظام الحكم هناك من نظام متخلّف قبليِّ جائر، الى نظام يحاول تطوير وتحديث البلاد، وأن يكون في الوقت عينه مؤيداً للاتحاد السوفياتي.
هنا، هنا كانت البداية في استعادة وإحياء الفكر التكفيري الإرهابي الذي شهده العالم الإسلامي في حقبات تاريخية ماضية، فتجنّدت كل القوى وأجهزة المخابرات الغربية والأميركية والإسرائيلية لتحيك المؤامرة الكبرى التي تستهدف في آن معاً الاتحاد السوفياتي نصير القضايا العربية والإسلامية المحقة، وايضاً الشعوب الإسلامية.
عندها تحول الحلفاء الطبيعيون الى أعداء وأخصام، فبات الاتحاد السوفياتي والشعوب الإسلامية هدف واحد بحجر واحد، فاستعيدت مقولة الإسلام في مواجهة الشيوعية والإلحاد، وأصبحت أميركا والصهيونية واسرائيلهما دول الإيمان بالله ورسله !!
لقد زرعوا حالة من الحقد والكراهية بين الإسلام والشعوب الإسلامية في الاتحاد السوفياتي، فالجنود في أفغانستان كانوا بأكثريتهم من المسلمين، والقتلة المأجورين كانوا أيضاً من المسلمين الذين تمَّ تضليلهم والتغرير بهم، وصُوّرَت لهم الحرب في أفغانستان بأنها “الجهاد” دفاعاً عن الإسلام، في حين انها ليست كذلك أبداً.
هنا، تحولت قبلة “الجهاد والمجاهدين” من فلسطين الى أفغانستان، حتى أن بعض المتأسلمين الفلسطينيين هاجروا الى أفغانستان للجهاد وتركوا فلسطين بأيدي إسرائيل والصهاينة، وهناك في أرض الجهاد في ارض في أفغانستان تلقفتهم القاعدة” بزعامة الوهابي أسامة بن لادن، الذي لم يكن بدوره سوى اختراع أميركي – صهيوني.
من فلسطين ولبنان وسوريا والأردن وتونس والسعودية والعراق والكويت ودول أفريقيا وغيرهم قدّم من أسموهم المجاهدين الى أفغانستان، ودخلوا في حرب استنزاف طويلة ومدمرة.. انتهت بانسحاب الجيش الروسي ودمار أفغانستان وعشرات آلاف القتلى المسلمين وبانتصار أميركي – صهيوني، نعيش تداعياته السلبية لتاريخه.
هنا، تحوَّل من بقي من “المجاهدين” الذي سلحتهم ودربتهم أميركا الى إرهابيين، بعدما أدركوا أنهم كانوا مجرد أداة تمَّ استخدامهم بالصراع الأميركي – الروسي وانهم وقعوا في حرب ليست حربهم، وبدأت أفكار وكتابات شيوخ هؤلاء، تتحدث عن الثمن وعن النتيجة وعن الأهداف بعدما ساروا مغمضين العينين مقفلين الأفكار والرؤوس وراء أميركا صاحبة المشروع الصهيو – أميركي.
ذريعة 11 أيلول وشرط ان يكونوا مسلمين:
أراد هؤلاء الارهابيون الانتقام فكانت احداث 11 أيلول 2001 التي استخدمتها أميركا كذريعة للقضاء على الإرهابيين الذين دعمتهم ودربتهم وربّتهم علّها بذلك تتخلص من هؤلاء بعد أن انتهى دورهم لتعود وتشكل من بعدهم جيلاً جديداً من الإرهابيين لكن شرط أن يكونوا مسلمين !! لتنفذ أهدافاً ومشاريع أخرى في العالمين العربي والإسلامي تحقيقاً للسيطرة على هذا العالم العربي والإسلامي وإخضاعه عبر الفوضى والحروب والخسارات المتتالية …
الحرب على العراق واحتلاله:
بعد أفغانستان .. جاءت الحرب على العراق في العام 2003 وأطلقت موجة جديدة من الإرهاب والإرهابيين الذين يستبيحون قتل النفوس وتدمير الممتلكات واستباحة كل من يعارضهم ويعارض فكرهم الإرهابي الوهابي التكفيري، وبعد ان انكفأ دور أسامة بن لادن، بدأنا نسمع بأبي مصعب الزرقاوي الأردني الذي ليس هو في الحقيقة سوى أداة للقاعدة ولبن لادن.
وهنا، أيضاً كان الهدف تدمير العراق وزرع بذور الفتنة والشقاق بين أهله وتهجيرهم وتشريدهم داخل وخارج العراق.
وكذلك تحويل العراق الحبيب من دولة معادية للكيان الصهيوني الى دولة فاشلة غارقة في الحروب والانقسامات العرقية والطائفية والإثنية …
العدوان والحروب على سوريا:
جاءت الحلقة التالية في الحرب الصهيو-أميركية على سوريا، وبدأت الرايات المزيفة للحرية والديموقراطية ترتفع تحت رايات أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني وعشرات فصائل الإرهاب والتكفير والقتل والتنكيل والذبح، فهم ينشدون الحرية والرفاهية والديموقراطية والتقدم والتطور.
أما في الحقيقة، فهم ارهابيون صنعتهم الأداة الصهيو – أميركية لتحقيق الهدف التالي وهو تدمير سوريا ودور سوريا وموقع سوريا وإزالة آخر الحصون في الدفاع عن فلسطين وعروبة فلسطين، وقطع جسر التواصل من طهران الى بغداد الى دمشق الى بيروت المقاومة الى القدس عاصمتنا.
في هذه الحرب استُخدمت كل الإمكانيات المالية والعسكرية والإعلامية والمذهبية والطائفية لتدمير سوريا وتقويض الدولة أي الجمهورية العربية السورية، وعلى رأسها الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد، وهنا انكشفت الأقنعة وظهرت الحقيقة، فظهر النظام السعودي بوجهه الوهابي التكفيري.
لا فرق بين من كان يدّعي العروبة وحماية سوريا كالملك عبدالله بن عبد العزيز ومن كان لا يخفي ولائه لأميركا وإسرائيل من الملوك والأمراء، فكلهم في الحرب على سوريا واحدٌ؟! هدفهم القضاء على سوريا، لا لشيء إلا لأن سوريا – الأسد قالت:
نحن مع فلسطين. قالت نحن مع عروبة فلسطين.
قالت نحن مع المقاومة الفلسطينية العربية الشريفة.
قالت نحن مع المقاومة اللبنانية، نحن مع “حزب الله”.
قالت نحن مع إيران الجارة المناصرة لقضايانا العربية والإسلامية.
سوريا – الأسد قالت وفعلت والتزمت، فحرب تموز 2006 على لبنان التي شاءها “العربان” حلفاء أميركا وإسرائيل حرباً لإنهاء المقاومة اللبنانية البطلة .. إذ بها تتحول بفضل صمود المقاومين وبسالتهم ودعم سوريا التي فتحت مخازن أسلحتها لهم تحولت بعد 33 يوماً الى انتصار مؤزَّر غيّر وجه الصراع العربي – الإسرائيلي وفرض قواعد جديدة، وهذه هي خطيئة سوريا التي يجب ان تدمر وتدفع ثمنها بنظر المشروع الصهيو-أميركي موضوعنا اليوم.
اردوغان العثماني – الوهابي الإخواني:
في الوقت عينه كشف السلطان العثماني الجديد رجب إردوغان عن وجهه، وفتحت الحدود السورية – التركية لإدخال الإرهابيين وتحولت مطارات ومرافئ تركيا الى محطات لاستقبال الإرهابيين من كل أصقاع الدنيا، تماماً كما حصل في أفغانستان والعراق.
قد أفهمُ ونفهم ان يكون للسوريين مطالب وتطلعات يسعون لتحقيقها سلمياً عبر الحوار والتفاهم على قواسم مشتركة، تحفظ سيادة الدولة وسلامتها وتحقق الاستقرار والرفاهية.
لكن، لا نفهم ما شأن الشيشاني والتركماني والسعودي والباكستاني والقوقازي والأوروبي والأسترالي و”العرباني” وغيرهم ان يأتي الى سوريا شاهراً سلاحه في وجه الشعب السوري، يدمر حضارة عمرها آلاف السنين ويقتل شعباً كان ينعم بالاستقرار والأمان؟! كل هذا باسم الإسلام!!.
الإسلام هو السلام، هو التآخي والوئام، أما هؤلاء الأغراب ليسوا سوى إرهابيين استعادوا محطات وحركات سوداء في تاريخنا الإسلامي والإنساني، فهم ليسوا سوى أحفاد القرامطة والحشاشين الذين دمروا وقتلوا واستباحوا حرمات المسلمين تحت حجة الدفاع عن الإسلام، وما يقومون به الآن هو استغلال للدين.
فهل يرضى الإسلام بقتل وحرق المسلمين أحياء فقط لأنهم يخالفونهم الرأي؟؟
فالإسلام الذي نعيشه ونعرفه هو إسلام النبي والصحابة (عليهم السلام).
لكنهم بالرغم من الدعم العثماني – الإردوغاني والصهيو – أميركي والوهابي لم ينجحوا بتحقيق أهدافهم فسوريا الشعب والدولة والجيش… “الجيش العربي السوري” نجحوا في إفشال المخططات الهمجية، فالتضحيات كبيرة وكبيرة جداً والخسائر في البشر والحجر كبيرة وكبيرة جداً، لكن الإرادة والتصميم هما الأساس، والدلالات على ذلك كثيرة.
نعم الإرادة والتصميم هما الأساس في انقاذ سوريا والانتصار على العدوان والقتلة في حلب والرقة ودير الزور وسائر المدن والبلدات والقرى السورية الحبيبة الأبية التي حولها هؤلاء الى بؤر للفساد والإرهاب والتسلّط على العباد، وإزالة حكم الجور حاصل لا محال.
الحرب مع الدول العظمى وليست مع الزمر الإرهابية
نحن وفي هذه المرحلة المهمة والحساسة في مراحل الصراع، علينا، المزيد من التماسك والصبر، لقد مررنا في ظروف صعبة وظللتنا غمائم سوداء كانت تنذر بالشر. أما اليوم فنحن على أبواب الانتصار على هذا المشروع الصهيو – أميركي بدعم “روسي بوتيني” عنيت به فخامة الرئيس فلاديمير بوتين.
معركتنا اليوم لم تكن مع هؤلاء الإرهابيين المجانين، بل كانت مع أميركا والصهاينة وإردوغان والوهابية… ومن هنا عظمة ما سيتحقق، فسوريا لم تكن في حرب مع مجموعات وأفراد وزمر إرهابية، بل هي في حرب مع دول كبرى وعظمى لم تدخّر وسيلة إلا واستخدمتها في هذه الحرب عليها.
هذه الدول الكبرى الداعمة للإرهاب طالبت منذ اليوم الأول برحيل الرئيس  بشار الأسد لأنه الضمانة والقائد المؤتمن على المسيرة لكنهم رحلوا دون أن يحققوا حلمهم، رحل ساركوزي وعبدالله وأوباما وكاميرون وقريباً إردوغان وسيلحقهم هولاند وميركل.. وستبقى سوريا دولة عزيزة قوية بقيادة الرئيس