حسان الحسن-
بالرغم من ضراوة المعارك في الشمال السوري، غير أنها لاتزال بدون أي أفق إستراتيجيٍ في المرحلة الراهنة، خصوصاً في ظل غياب تفاهم سياسيٍ، يفضي الى إنهاء الوجود التكفيري الإرهابي في إدلب ومحيطها، ويبدو أنه لا يلوح في الأفق أي عملية سياسية مرتجاة، في المدى المنظور، على الأقل، إذ أنه حتى الساعة، لا وضوح في الرؤيا، في شأن أهداف المعارك المذكورة، والنتائج المتوقعة منها. وتشير مصادر ميدانية الى أن هذه المعارك محصورة في بقعةٍ جغرافيةٍ صغيرة المساحة، وتدخل ضمن مناورة القتال التي تراوح مكانها، وباسلوب “الكر” و”الفر” القتالي، و هي حتى الان لم تفض إلا الى نتيجةٍ واحدةٍ، وهي إستنزاف الطرفين المتحاربين، أي القوات السورية، والمجموعات التكفيرية المسلحة.
وحسب المصادر عينها، تشبه هذه المعارك المذكورة، تلك التي كانت تدور في الغوطة الشرقية، قبل تطهيرها من الإرهاب، والتي كانت تقوم على تقدم معين لوحدات الجيش العربي السوري في بعض المناطق، و من ثم يعمل على تثبيت نقاطه العسكرية فيها، فيلجأ التكفيريون ، ولمواجهة ذلك التقدم، الى تنفيذ العمليات الإنتحارية، في محاولة لثني وحدات الجيش من هذا التقدم وتأخير إنتشاره، فيتصدى الجيش بدوره للإرهابيين، حيث نراه، تارة يستعيد قرية معينة، لتعود الى سيطرة المسلحين بعد وقت، وهكذا دواليك، تبقى العمليات العسكرية على هذا المنوال، عمليات كر وفر وتبادل في السيطرة بين الطرفين، داخل بقعة جغرافية ضيقة، تختم المصادر.
من جهة اخرى، لا شك أن هناك جهودا تركية مضاعفة في دعم المسلحين في الآونة الأخيرة، وهذا ظهر واضحا في نوعية الاسلحة التي واجهوا فيها مؤخرا وحدات الجيش العربي السوري، ومنها بعض الصواريخ النوعية المضادة للدبابات، وهذا ما نشرته بعض وسائل الاعلام.
أيضا، تؤكد مصادر معارضة أن الدور التركي في الشمال السوري، وتحديداً لناحية دعم المجموعات المسلحة، باقٍ على حاله ولم يتبدل، فأنقرة التي لا تزال تقدم الرعاية والدعم لهذه المجموعات، تدرك تماماً أن المنطقة المذكورة تشكل اليوم نقطة توازنٍ دولي، وليس بوسع أي جهة إقليمية ضرب هذا التوازن في المدى المنظور، كذلك ترجِّح أن يبقى حال الشمال على ما هو عليه، في إنتظار نضوج تسوية سياسية لترتيب الوضع الإقليمي بأكمله، الامر الذي سوف ينسحب على الوضع السوري حتماً، وإما بغير ذلك، فلا حل، على حد قول هذه المصادر .
وفي السياق، تتوقع مصادر سياسية سورية، أن يبقى الوضع في شمال البلاد، على ما هو عليه، في إنتظار تدخلٍ سياسيٍ ما على خط هذه المعارك لوضع حدٍ لها، وبالتالي دفع الأمور الى إيجاد حل للوضع المعقد في إدلب ومحيطها، على حد قول تلك المصادر.
وعن الإجتماع الثلاثي المرتقب في القدس المحتلة منتصف الجاري، بين ممثلين عن الولايات المتحدة، وروسيا، والكيان الإسرائيلي، وعما إذا كان سيصدر عنه من مقررات لها إنعكاس إيجابي على ترتيب الوضع الإقليمي ككل، ومنه الوضع السوري، لا تعول المصادر السياسية كثيراً على هذه اللقاءآت، خصوصاً في ضوء تأخر ولادة “صفقة القرن”، أو كما يبدو في ضوء فشلها، من هنا لا يمكن عقد الآمال على هذا الإجتماع، خصوصا اذا لم يحمل مبادرة لإنهاء الحصار الأميركي لإيران، على حد تعبير المصادر.
-موقع المرده-