أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


جعجع قبيل إغتيال كرامي: “افتحوا عيونكم منيح على الشمال” ـ (حسان الحسن)

بالتأكيد أن هذا الدرك الذي وصلت زعامة الطائفة السنية في لبنان، ليس وليد الصدفة، بل وصلت الأمور الى ما هي عليه الآن، في سياق تنفيذ مخطط، يستهدف زعامات أهل السنة الوطنيين، إما بالإلغاء الجسدي، كإغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، إما بالإلغاء السياسي، من خلال إثارة النعرات المذهبية، والتحريض الطائفي ضدهم، كذلك تهديد الإستقرار النقدي تارة، ومحاولات ترهيب مؤيدي نهج الإعتدال طوراً، كما حدث مع الرئيسين سليم الحص، والمرحوم عمر كرامي، ويرمي كل ذلك، الى حرف هذه الطائفة عن مسارها العروبي التاريخي، ونهجها المعتدل الداعم لكل حركات التحرر والمقاومة والثورات المحقة في البلاد العربية، والعالم أوسع، كثورة الضباط الأحرار في مصر، والثورة الجزائرية، والثورة الإسلامية في إيران، التي حظيت بتأييد جمع من علماء أهل السنة، كان في طليعتهم مؤسس حركة التوحيد الإسلامي المرحوم الشيخ سعيد شعبان.

 

ولاريب أن الخطاب الوطني العروبي الجامع، وتأييد موقف حق المقاومة في تحرير الأرض وحماية السيادة، يؤرقان المتعهدين الإقليميين بضرب خط المقاومة والإعتدال، فشنوا عليه حرباً شعواء، منذ إنطلاقها، لم تنته فصولها، حتى يومنا هذا، ولم يعدموا وسيلة، لتهشيم هذا الخط، منها الإغتيالين الجسدي والسياسي، و”الثوارات والإنتفاضات المضادة، “كثورة 14 آذار” غداة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي وجد فيها بعض المستغلين، فرصة سانحة، لإعداد هجوم كبير، وشنه على محور المقاومة، بخلفية مذهبيةٍ وطائفيةٍ، غير أن أركان هذه “الثورة”، عقدوا تحالفاً إنتخابياً مع حزب الله في الإنتخابات النيابية في العام 2005، في أكثر من دائرة انتخابية ومنها على سبيل المثال لا الحصر دائرة “بعبدا – عاليه”، عرف “بالإتفاق الرباعي”، مالبثوا أن إنقلبوا عليه. وأبدوا يومها تأثرا واضحاً، بنهج جعجع الذي إعتاد “الإنقلابات”، فإستهلها بالتحالف مع المرحوم إيلي حبيقة والإنقلاب على قائد “القوات اللبنانية” الأسبق فؤاد أبو ناضر، ثم التحالف مع الرئيس أمين الجميل، والإنقلاب على حبيقة، بعدها التحالف العماد ميشال عون، والإنقلاب على الجميل، ثم دخول جعجع في إتفاق الطائف، والإنقلاب على عون، ومساندة الجيش السوري في إزاحته في العام 1990، ثم الإنقلاب على الطائف. وكان آخر فصول جعجع الإنقلابية الغادرة، الإنقلاب على الرئيس سعد الحريري، إثر إحتجازه في السعودية في العام 2018، أثر غضب حاكم المملكة السعودية على الأخير. بعد تحالف القوات اللبنانية معه في تجمع ما يسمى بـ “14 آذار”، وصعودها السياسي على كتفي الحريري، خصوصاً في إنتخابات العامين 2005 و2009.

 

إنطلاقاً من هنا، يمكن التأكيد بما لا يرتقي الى مستوى الشك، أن ذهنية جعجع الآحادية الإلغائية، لا تقبل باي رأي مخالفٍ لها، خصوصاً في “المنطقة الشرقية” إبان الحرب، وكان أول من دفع ثمن مخالفة رأي “قائد القوات”، المونسنيور ألبير خريش، الذي إغتيل في العام 1988، لحقه الدكتور الياس الزايك في العام 1990. كذلك يستخدم جعجع كل ما أوتي من قوة، لإفشال أي إتفاق لا يكون راعيه الإقليمي حاضراً فيه، وهذه أيضاً أحد أسباب إنقلابه على الإتفاق الثلاثي الموقع في دمشق في كانون الثاني 1985. كذلك الأمر بالنسبة للدوافع التي جعلته يقدم على إقتراف جريمة إغتيال الرئيس رشيد كرامي، الذي قصد بيروت في صبيحة يوم الواحد من حزيران 1987، بهدف إجراء مروحة إتصالات، خصوصاً مع الزعماء المسيحيين، لم تشمل جعجع آنذاك، وفي مقدمهم الرئيس الراحل كميل شمعون، لإنقاذ الوضع اللبناني، رغم تلقي كرامي تحذيرات من جهات أمنية نافذة، بعدم المخاطرة والذهاب الى بيروت، وأن هناك معلومات، تفيد بأن لدى جعجع “نشاط أمني ما” في المنطقة الشمالية، كذلك طلب من جماعته التشدد في مراقبة هذه المنطقة بدقه، ولأي نشاط أمني مضاد قد يأتي منها، بحسب تأكيد مرجع أمني. غير أن كرامي لم يأبه لكل هذه التحذيرات، فكان مشواره الأخير.

-الثبات-