رغم أن مشروع الموازنة بلغ سن الرشد مع انعقاد الجلسة الثامنة عشرة أمس، لكن الدخان الأبيض لم يتصاعد من السرايا الحكومية كما كان متوقعاً، ولا زال المشروع أسير المداولات في ورقة وزير الخارجية جبران باسيل.
ووفق معلومات «البناء» فإن قراراً اتخذ في جلسة الثلاثاء بالانتهاء من الموازنة أمس، لكن إصرار رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل على استكمال النقاش بالبنود الإصلاحية التي طرحها في مقابل اصرار وزير المال علي حسن خليل على الانتهاء من الموازنة وعدم النقاش بأمور سبق وأن ناقشها المجلس مطولاً، دفع برئيس الحكومة سعد الحريري الى إبداء استيائه ورفع الجلسة وأمهل الوزراء فرصة 48 ساعة للعودة الجمعة المقبل بتقديم مقترحاتهم الجديدة وإجابات نهائية على المقترحات الواردة في ورقة باسيل. مضيفاً أن لا يمكننا عقد جلسة اليوم الخميس وفي حال لم ننتهِ الجمعة فقد نعود لمتابعة درسها الثلاثاء المقبل. ما يعني أن يومي السبت والأحد لن تعقد جلسات. علماً أن مصادر وزارية في حزب الله أكدت أنه سيتم الانتهاء من الموازنة الجمعة بتوافق جميع مكوّنات الحكومة.
وهناك انقسام بين فريقين داخل مجلس الوزراء بحسب مصادر وزارية: الاول يمثله وزير المال ويعتبر أن النقاش في الموازنة انتهى واستمراره عبثي، وفريق آخر يمثله باسيل ويرى ضرورة إدخال مزيد من التخفيضات في نفقات الموازنة لا سيما الوزارات التي لم يتم التخفيض منها وتأمين إيرادات جديدة لتخفيض نسبة العجز الى 7 في المئة وهو يعتبر أن الموازنة فرصة لتمرير هذه البنود الإصلاحية التي لطالما نادى بها التيار الوطني الحر في السنوات الماضية ولم يؤخذ بها». أما رئيس الحكومة الذي يؤيّد خليل فيعمل على التوفيق بين الطرفين وإيجاد مخرج يرضيهما معاً للانتهاء من الموازنة بأسرع وقت. ولهذه الغاية، عقد الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية المصغّرة لترطيب الأجواء. إلا أن المعطيات أفادت ان هذا الاجتماع لم يقدّم أي جديد بالنسبة للموازنة، وكلّ الكلام كان عن طروحات قديمة وعلمت «البناء» أن «الاجتماع المصغر بحث في النقاط الإحدى عشرة التي أثارها باسيل والنقاش كان ايجابياً، لكن لم ينته البحث بكل النقاط فطلب الحريري من اللجنة الانضمام الى جلسة مجلس الوزراء الذي تأخر انعقادها ساعة عن موعدها المحدد».
وقد حرص الحريري على عدم إشاعة أجواء الانقسام في الجلسة كي لا تؤثر على الثقة بأداء الحكومة وعودة الاضطرابات في الشارع، إلا أن التضارب في مواقف الوزراء ظهر واضحاً في الجلسة، وقد حصل سجال بين وزير الاشغال يوسف فنيانوس ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، على خلفية اقتراح فنيانوس لجنة ثنائية بين خليل وباسيل لنزع الخلاف على الموازنة وإلا سيستمر الجدل ما يؤخر ولادة الموازنة، فردّ جريصاتي رافضاً الفكرة مشيراً الى أن لا اجتماعات ثنائية بوجود مجلس الوزراء المكان الدستوري للبحث والنقاش. وعبّر مصدر وزاري لـ«البناء» عن قلقه حيال تأثر الأسواق بما يحصل في مجلس الوزراء. مشيراً الى أن باسيل «أعاد طرح مسألة الرواتب علماً أن سبق للمجلس أن ناقشها في خمس جلسات».
وفيما خيّم الهدوء والصمت على جبهة وزيري المال والخارجية، أفادت مصادر التيار الوطني الحر الى أن «الأجواء لم تكن سلبية في مجلس الوزراء ووزير المال لم يجلس في غرفة جانبية كما أشيع، بل جلس مع الموجودين ولا خلاف بالشخصي ولا بالسياسة معه»، كما أُفيد أن وزير المال وافق على عدد كبير من النقاط التي طرحها باسيل»، وقال الأخير بعد الجلسة: «يجب أن لا يكون هناك خاسر ورابح في الامر وسأتحدّث عن كل الأمور اليوم بعد اجتماع التكتل».
وخلال الجلسة أثنى باسيل على عمل خليل وجهوده الجريئة في تخفيض موازنات الوزارات، مشيراً الى أننا أيضاً نعمل بجرأة على تقديم بنود إصلاحية لتخفيض العجز، وعلمت «البناء» أن «باسيل طلب في الجلسة مؤازرة حزب الله وتأييده في الاقتراحات التي قدمها إلا أن الحزب بذل مساعي لإقناع باسيل بتأجيل البحث باقتراحاته الى ما بعد إقرار الموازنة».
كما علمت أن «خليل أكد في الجلسة أنه منفتح على كل المقترحات، لكن يمكن بحثها من خارج الموازنة في جلسات أخرى يعقدها مجلس الوزراء، ولا يمكن إصلاح كل شيء في هذه الموازنة طالما أنها تحتاج الى شهر وربما أكثر لإقرارها في مجلس النواب ما يعني عملياً الاقتراب من نهاية العام، وبالتالي يمكننا إدخال المقترحات الجديدة في مشروع موازنة العام 2020 وبالتالي علينا الإسراع في إنجاز هذه الموازنة».
من جهتها عبرت مصادر وزارية في القوات اللبنانية عن عدم ارتياحها للأجواء السائدة، معتبرة «أن هناك إجراءات يمكن أن تتخذ تزيد الإيرادات وتخفض العجز أكثر ولو تمّ خفضها حتى 7 ونصف بعد الرسوم على نمر السيارات من قبل وزارة الداخلية».