– ندوة في البترون عن النزوح وفادي كرم: لعدم تحويل هذا الملف إلى خلاف لبناني يؤخر ويعقد العودة.
* 🇱🇧 *
نظمت “رابطة البترون الإنمائية والثقافية” ندوة عن “النزوح السوري” شارك فيها أمين سر “تكتل الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم ومستشارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لشؤون النازحين الدكتورة علا بطرس، وأدارها سيزار زكريا، في حضور ممثل باسيل منسق قطاع الشمال في “التيار الوطني الحر” المهندس طوني نصر، النائب فادي سعد، المقدم شربل أنطون ممثلا النائب السابق بطرس حرب، إيف ضاهر ممثلا النائب السابق سامر سعادة، المديرة العامة للنفط المهندسة أورور الفغالي، عضو اللجنة التنفيذية في “الرابطة المارونية” المهندس طوني منعم، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جاك نوفل، رئيس الرابطة الدكتور سمير أبي صالح، عضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” زياد نجار، منسق منطقة البترون في “القوات اللبنانية” إلياس كرم، مسؤول منفذية قضاء البترون في الحزب “السوري القومي الاجتماعي” خالد العبدالله، وكيل أمانة الداخلية في مفوضية حزب “الوطنيين الأحرار” في البترون جوزيف صوايا، الرؤساء السابقين للرابطة، أعضاء الرابطة ومدعوين ومهتمين.
زكريا
بعد النشيد الوطني، ألقى زكريا كلمة ترحيب، فقال: “أيام عدة تفصلنا عن الذكرى 71 للنكبة الفلسطينية، يومها اضطر لبنان لاستقبال عشرات الآلاف من الفلسطينيين، تحت شعارات إنسانية، وحينها قيل إن مكوثهم موقت والعودة حتمية بضمانات دولية، وما زلنا نطالب بهذا الحق المقدس، ولكن النتيجة كلفت لبنان حروبا داخلية، وعشرات الآلاف من القتلى والمعوقين، عدا التبعات الاقتصادية والاجتماعية والخلل الديموغرافي في بلد تحكمه الطوائف”.
أضاف: “ها نحن اليوم، نعاني من نزوح أكثر من مليون ونصف المليون سوري مع التبعات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل ضمانات دولية لعودتهم مشروطة بالحل السياسي، وطرح سلسلة تساؤلات حول تأثير النزوح على لبنان والعودة الآمنة والعودة الطوعية وخطر التوطين”.
بطرس
ثم تحدثت الدكتورة بطرس، فقدمت مداخلة عن “النازحين السورين بين الإنسانية وأزمة الوجود”.
وقالت: “في العام 2011، بدأت الأزمة السورية، وتخبطت معها الحكومة اللبنانية بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له، حيث اعتمدت سياسة الباب المفتوح، بتدفق جماعي للنازحين السوريين، بلغت نسبته 37% من مجموع السكان، في وقت تبلغ نسبة اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي 2% فقط، وهذا عائد إلى نظام الحصص المحدد، وفق مصلحة الدولة وقدرتها وحاجاتها لاستضافة واندماج، وصولا إلى تجنيس اللاجئين”.
أضافت: “أما في لبنان، فقد تحجج البعض بالاعتبارات الإنسانية، وفق ما يعرف بمندرجات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، استنادا إلى ما ورد في الفقرة “ب” من مقدمة الدستور، إلا أن ذلك كان على حساب مصلحة الدولة العليا لاعتبارات عدة، منها أن الإعلان العالمي هو توصية صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي غير ملزمة للدول قانونا، بالإضافة إلى أن لبنان، غير موقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي أعطت اللاجئ تعريفاً قانونياً، بتأمين الحماية له في البلد المضيف، وخيار البقاء، إذا شعر بالخوف من الاضطهاد في بلد المنشأ. وقد حددت الاتفاقية المذكورة حلولاً لا تتوافق مع مصلحة لبنان، ومنها العودة الطوعية والتجنس. لذلك قيد لبنان بعد ذلك الحين، الوجود الفلسطيني على أراضيه بحرمان الفلسطنيين من حقوق التملك والعمل في 73 مهنة، مؤكدا حق العودة، وحاسماً في مقدمة الدستور الواردة في اتفاق الطائف، لعام 1990، في الفقرة (ط) على وحدة لبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه، مع التشديد على لاءات ثلاثة “لا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”.
واعتبرت أن “ذلك عائد إلى خصوصية الكيان اللبناني، بفعل مساحته الجغرافية الصغيرة وموارده الضعيفة واقتصاده الريعي وسوق العمل المحدود، حيث اعتبر تاريخياً بلد عبور وهجرة، فمقابل 4 مليون ونصف لبناني مقيم، هناك 14 مليون منتشر في العالم، فضلا عن تركيبته الديمغرافية الدقيقة المؤثرة على تكوين السلطة فيه، والقائمة على المناصفة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، كبلد الرسالة القائم على التعددية، حيث يعد نموذجا ديمقراطيا فريداً في الشرق الأوسط”.
ورأت أنه “كان خطأ الحكومة كبيراً، باستقبال ما يقدر مليون ونصف من النازحين السوريين، من دون تحديد مستحقي الدخول لاعتبارات إنسانية محقة، أي الذين تنطبق عليهم معايير اللجوء السياسي، وذلك عائد إلى تسييس الملف، بفعل مواقف القوى السياسية، ومدى علاقتها بالنظام في سوريا بين حليف وغير حليف، وهذا ما أثر سلبا على الواقع الإنساني للنازحين، وسبب أزمة وجود حقيقية على الكيان، بعد أقل من سنة من مئوية إعلان لبنان الكبير”.
وأشارت إلى أن “حكومة الرئيس سعد الحريري المسماة “إلى العمل” في العام 2019، أقرت بند العودة الآمنة، الذي يبقى حتى الآن حبرا على ورق، دون موقف موحد من كافة مكوناتها على العودة دون ربطها، لا بالحل السياسي، أو إعادة الإعمار مع إقرار ورقة وزير الخارجية جبران باسيل المحدثة، وهي ورقة سياسة عامة، تتضمن آلية تنفيذية للعودة الكريمة، كونها توائم بين مقتضيات القانون الدولي، بعدم الإعادة القسرية، وبين المبدأ الدستوري، بعدم التوطين من خلال تقسيم النازحين إلى فئات، كون غالبيتهم لا ينطبق عليهم توصيف اللجوء السياسي، فضلا عن أن عودة غالبيتم، باتت متاحة إلى سوريا، بحكم استقرار معظم المحافظات السورية، أقله الحدودية منها. فحمص وحدها تشكل أربعة أضعاف مساحة لبنان (42220 كلم مربع). وقد تبين لنا، وبعد التدقيق في الجداول، أن 73% من العائدين قد توجهوا إلى مناطقهم الأصلية، مما يعني أن عامل الخوف المانع للعودة بحسب القانون الدولي قد سقط”.
وقالت: “وعليه، تقتضي الكرامة الإنسانية تسهيل عودة النازحين إلى سوريا، لا بقاءهم في خيمة يقتلهم البرد شتاء والحر صيفا، والفقر والعوز والبطالة والتزويج المبكر، والاستغلال على أنواعه، من الإتجار بالأشخاص إلى الإرهاب، مما ينذر بتمدد أزمة اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث تقع المسؤولية المشتركة على جميع الأطراف المعنية وفق مبدأ تقاسم الأعباء الدولي، وهي مسؤولية مثلثة الأضلع، تقع بالدرجة الأولى على السلطات اللبنانية، بضرورة تطبيق القوانين، ومنها العمل والأجانب، فضلا عن مكافحة التهريب، وكذلك على المجتمع الدولي بضخ المساعدات في سوريا، لتأمين عودة مستدامة، مع القيام بمشاريع تنموية في البلدان المضيفة، بفعل الإرهاق على ماليتها واقتصادها وأمنها القومي، وكذلك على السلطات السورية بتذليل المعوقات اللوجستية والقانونية والإدارية المحتملة، أمام العودة رغم الجهود في هذا الإطار”.
وختمت: “في العام 2017، غادر 11 ألف نازح سوري لبنان، بقرار ذاتي، وفي نيسان من العام 2018 بدأت العودة المنظمة، من خلال تكليف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بالمهمة، وبلغت العودة لغاية تاريخه 192 ألف عائد، لكن السؤال ألم يحن الوقت لإقرار ورقة سياسة عامة للعودة الآمنة في مجلس الوزراء، لحل الأزمة بشكل مستدام، لمصلحة النازحين وحماية للكيان؟”.
كرم
أما كرم، فقال: “مع بدء الحرب في سوريا، وتحويل ثورة الشعب السوري إلى مواجهة دموية إرهابية مدمرة، بدأ النزوح السوري إلى الدول المجاورة لسوريا، وإلى أوروبا والعالم أجمع. وفي الوقت الذي قامت فيه كل الدول بتنظيم هذا النزوح، لم تبادر الحكومة اللبنانية، حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لتنظيم هذا النزوح، بل كان المطلوب استمرار هذا النزوح بشكل عشوائي. ربما لم تكن هناك من قدرة وفعالية في بعض الوزارات، ولكن الأهم من كل ذلك، أن الحسابات السياسية لدى النظام السوري وحلفائه في لبنان، كانت تهدف عدم تنظيم هذا الوجود في لبنان”.
ولفت إلى “العوامل التي تسببت بعدم إقامة مخيمات”، معتبرا أن منها “ما هو مرتبط بالذاكرة اللبنانية حول اللجوء الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية، التي جلبت للبنان الكثير من الويلات، وشكلت سببا أساسيا لحرب أهلية داخلية لبنانية لبنانية”، مؤكدا أن “عدم تنظيم النزوح السوري، تسبب بخسارة اللحظة التاريخية، بتنظيم هذا الوجود القسري والمؤقت على الحدود، وفي الداخل السوري، ولكن حسابات النظام السوري وحلفائه منعت ذلك”، لافتا إلى أن “ما يجب القيام به اليوم، هو عدم تحويل هذا الملف الوطني والمصيري والإنساني، إلى ملف خلاف لبناني يؤخر ويعقد العودة”.
وأشار إلى أن “الدول الأوروبية تتعهد بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، وتأمين عيشهم فيه، طالما ليس هناك حل سياسي في سوريا، لأن البديل عن ذلك هو انتقالهم إلى أوروبا. ومن جهة أخرى يستفيد النظام السوري من هذا الملف، لفك عزلته السياسية، فهو يريد التطبيع على حساب العودة، ولا يريد عودتهم لأسباب ديموغرافية وسياسية، ولا يستطيع تأمين عيشهم والبنى التحتية لإقامتهم لأسباب مالية، فالنظام السوري، الذي ما زال يحتجز لبنانيين في سجونه، ويريد احتجاز السوريين النازحين في لبنان”.
ولفت إلى أن “المبادرات التي قام بها اللواء عباس ابراهيم، أفضت إلى عودة حوالى 150 ألف نازح فقط، ونعلم جيدا أن النظام السوري، لا يسهل العودة، لا بل يرفضها، والقوى الدولية لا تسهلها وفقا لروزنامة لبنان، لأن حساباتها وهمومها ليست كهمومنا، فهي تربط هذه العودة بالحلول السياسية للمنطقة، وروسيا الفاعلة على الأرض في سوريا، لم تقم حتى الآن بأي مبادرة جدية لإعادتهم، بالرغم من مطالبة رئيسي الجمهورية والحكومة بذلك، والولايات المتحدة تربط كل الحلول بمغادرة بشار الاسد الحكم ، فلا أموال ولا بنية تحتية، طالما بشار هو الحاكم، وذلك لأسباب سياسية وإنسانية”.
وتطرق لمبادرة “القوات” حيث “اقترح الدكتور سمير جعجع تجميع النازحين في مناطق آمنة في الداخل السوري، على الحدود مع لبنان، بحماية روسيا والأمم المتحدة، وبرعايتهما لهم هناك، وليس في لبنان، بانتظار انتقالهم إلى قراهم”.
وقال: “لا دور للبنان في الحل السياسي السوري، بل الدور يعود لإيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة”، محذرا من “محاولات تحويل النزوح إلى لجوء، كأمر واقع مع الوقت، وهنا يكمن دورنا في التصدي لهذه المحاولات، لأن التداعيات خطيرة، وعلينا حزم أمرنا، وعلى الحكومة البدء فورا بتجميعهم على الحدود، لفرض إدخالهم إلى الأراضي السورية”، معتبرا أن “التوطين خطر دائم، نواجهه سويا ونرفضه جميعا، ونعمل كلنا على رفضه كأمر واقع”.
سعد
وبعد حوار بين المحاضرين والحضور، كانت مداخلة للنائب سعد، فقال: “النزوح السوري هو قضية وطنية نتحملها نحن وأولادنا، ولا شك أن هواجسنا واحدة، لذلك لا يجوز أن نقارب هذا الموضوع، وغيره من الملفات بكيدية، وبإلقاء التهم يمينا وشمالا، وتحميل الوزارات بعيدا عن المنطق والموضوعية، مسؤولية النزوح، وهذا مؤسف للغاية، ونحن بذلنا الكثير لكي نطوي الصفحة الاليمة”.
أضاف: “لا شك أن هناك دورا للوزارات في ملف النازحين، فوزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولة عن الشق الاجتماعي، ولأول مرة يتم تأمين دعم للبيئة الحاضنة للنازحين، بعد أن كانت المساعدات تأتي للنازحين السوريين فقط، وهذا ما حصل في وزارة الشؤون وبمبادرة من الوزير، وبفضل علاقته بالمجتمع والدولة، تمكن من تأمين دعم للبيئة الحاضنة، وفقا لخريطة محددة للمناطق اللبنانية، وتم تنفيذ مشاريع عدة بملايين الدولارات في المناطق التي تحتضن نازحين”.
وتابع: “وبما أن وجود النازحين أصبح أمرا واقعا، وبما أن الدولة تخاذلت بكل مكوناتها وقصرت، أو لم تتمكن من معالجة ملف النازحين، علينا أن نستفيد من هذا الأمر الواقع”، مؤكدا “نحن أول من يحارب التوطين، إلا أن الموضوع اليوم، هو موضوع نزوح والمجتمع الدولي يتلطى وراء غطاء إنساني، وعلى كل فرد منا أن يؤدي دورا ما، حيث هو بالرغم من أن لا صفة تقريرية لنا، إن كنا في مجلس النواب، أو في مجلس الوزراء، وفي أحزابنا، علينا أن نتخذ قرارا سياديا، ونحن على ثقة أنه لا يوجد مكون لبناني واحد، مع بقاء النازحين ولا يجوز رمي الاتهامات بشكل عشوائي”.
وأردف: “أما على صعيد وزارة الصحة، فهناك لوائح إحصائية تؤكد وجود 40 ألف ولادة سنوية، مغطاة بنسبة 75% من الأمم المتحدة، وليس من وزارة الصحة، وهذه الولادات تحصل في مستشفيات حكومية وخاصة، مما يعني أننا سنكون أمام 400 ألف مراهق في لبنان، بعد 10 سنوات، إذا استمرت وتيرة الولادات بالشكل نفسه”.
وأكد “أنا لست مع العودة الطوعية، لأنها قد تستمر لسنوات، بل مع عودة آمنة من منطلق إنساني، وإذا أردنا السير في الاتجاه العملي، المطلوب قرار سيادي من الحكومة اللبنانية، يقضي بمنع كل سوري يغادر إلى بلاده من العودة إلى لبنان، وكل سوري لا يملك صفة النازح، يجب أن يرحل، وإذا لم يتم اتخاذ قرار سيادي بهذا المستوى، سنبقى نتلهى ببعضنا واتهام بعضنا، وتحميل المسؤولية لهذا الحزب من جهة، ولهذا الوزير من جهة أخرى، وطبعا لا التيار الوطني ولا القوات، يتحملان هذه المسؤولية”، متمنيا “عدم الإنجرار إلى الأسلوب نفسه، بشن حملات إلقاء التهم وتحميل المسؤولية، من أي كان، وإذا كان الوزير جبران باسيل، قد تقدم باقتراح لحل جذري لأزمة النزوح، فلن نكون ضده، بل بجانبه، للتوصل إلى إنهاء هذا الملف، ونحن لم نتعود يوما على استثمار إنجازات الآخرين. أما اختلافنا الوحيد مع التيار، فهو حول موضوع التواصل والتنسيق مع النظام السوري، لتنفيذ عودة النازحين، ونحن لن نقبل باستغلال النازحين لتعويم النظام السوري”.
ولفت إلى “وجود قنوات مع سوريا، وما شاء الله، هناك وزراء طالعين ونازلين من وإلى سوريا، عبر معابر شرعية وغير شرعية، وهناك تمثيل دبلوماسي، ولدينا المدير العام للأمن العام، وهناك علاقات جيدة، بالإضافة إلى علاقة رئاسة الجمهورية مع النظام السوري، فلنترك كل ذلك جانبا، ودعونا لا نتلهى بموضوع العلاقة مع النظام، الذي يشكل مادة خلافية بيننا، ولنعمل على حل أزمة النازحين وإعادتهم وفق رؤية وخطة مدروسة، لأن كل لبناني يؤيد عودة النازحين”.
أبي صالح
وفي الختام رحب رئيس الرابطة بالحضور، وشكر للمحاضرين مشاركتهما، وقال: “لا يجوز أن نختبئ وراء الإصبع، وعلينا أن نعترف ونقر، أن لسوريا أطماعا واضحة ومعروفة في لبنان، وعلينا أن نعي هذا الأمر، وندرك أن النزوح السوري، هو احتلال مقنع، ولبنان ليس شقيقا لسوريا، وسوريا ليست شقيقة للبنان”.