– مقدار ما يكون لبنان من دون اقتصاد، تزداد أرباح المصارف..
***
رفاقي بالتيار
ان المعركة ضد الفساد لم تكن يومًا معركة ضد سمسار من هنا أو مرتشٍ من هناك، أي ضدّ الأدوات الصغيرة. إنما معركة ضد تنين مال جشع اسود مموه اسمه المصارف، معركة لم يجرؤ أحد بالبداية على مناصرتنا فيها، حتّى ان خصومنا السياسيّين اصحاب تلك الهندسة المصرفية الناهبة للمال العام لم يأخذوننا على محمل الجد فاكملوا جشعهم المعتاد.
لماذا لم يتمّ تطوير قطاع الكهرباء منذ أكثر من 40 عامًا وحتّى اليوم؟
لماذا الاعتراض على سدود المياه، أو على المشاريع الإنمائية الهادفة، أو على تطوير الاقتصاد؟
لأنّ البديل بالنسبة إليهم أكثر فائدة وربحًا! ولأنّ الشعب اللبنانيّ كلّه مشروع استثماريّ رابح. فتعطيل الكهرباء يحوّل الشعب اللبنانيّ كلّه إلى زبائن للمازوت والمولّدات واعتمادات البواخر وتأخير تفريغها بالبحر مع ما يترتب من فوائد وخوات.
كما أن رفض السدود يبقي تجارة رخص حفر الابار والمشاريع والدراسات الورقية التي تدفع للاستشاريين من اجل الشح وتجارة الماء رائجة.
أمّا الصناعة فممنوعة، لانها ترفع ميزان لبنان اقتصادياً وتحسن وضعه وبالتالي لا يسهل خضوعه، لذلك يجب الاستثمار في السياحة. وما أدراك ما السياحة؟ إنّها استباحة للأملاك العامة والمطار والاتصالات والإنترنت وأوجيرو وشبكات الدعارة وسوليدير والمساحات والتلاعب العقاري. إنّها أيضًا الارتهان للعرب سياسيًّا، وفي الوقت عينه خنق فرص العمل الصناعية والتطويرية في لبنان. فتُصدَّر الأدمغة اللبنانية المتعلمة الباحثة عن الفرص في مجالها، لبناء الاقتصاد العربي، وهنا يُرتهن القرار الحر لأجل لقمة العيش التي تُجنى في الخارج، ولأجل سياسات الملوك والأمراء والشيوخ!
وعند كل انتخابات تأتي الأساطيل باللبنانيّين المغلوب على أمرهم، ليجددوا البيعة للمستثمرين أنفسهم، للزمرة الفاسدة التي سيطرت على الأمن والمؤسسات ألعامة، عبر ذراع شيطانية سوداء يمتلكونها حارقة للجيوب والقلوب: ان تلك الذراع ليست الا التنّين بعينه الذي يفترس اللبنانيّين: المصارف.
إنّ كلّ الضجّة المثارة تفيد المصارف. فبمقدار ما يغرق لبنان من دون إنتاج ولا اقتصاد، تزداد أرباح المصارف التي تقرض الدولة بفوائد تحدّدها هي! إنّه الرّبا المقونَن حيث الدولة هي الضحيّة والمرابي صاحب العصابة ليس إلاّ المصرف!
لا تضيعوا البوصلة فمعركة ميشال عون كانت أولًا وأخيرًا هنا، ضد المصارف، ضد المرابين الكبار! وهو قد حضر شعبه شيئًا فشيئًا لهذه المعركة التي سُمّيت منذ البداية معركة التحرر من بعد تحرير البلاد. التحرر من ماذا؟
التحرر من قيود الإقطاع والعبودية المالية الآسرة لمصالح وعقول الناس، والمخدِّرة، والسالبة لإرادة العائلات الفقيرة.
ميشال عون حرّر المقاومة من هؤلاء الفاسدين، بعدما كانت المقاومة تخشى انفراط بيئتها الحاضنة إذا حاربتهم، فصمتت على مضض، وسارت في المقاومة تاركة لهؤلاء الهيمنة على اقتصاد لبنان منذ نحو ثلاثين عامًا. وحده ميشال عون أعطى الضمانة الداخلية والحصانة الشعبية للمقاومة عبر تفاهم مار مخايل. وصلابة ميشال عون، الذي لا يحنث بكلمة واحدة يقولها، وحيثيته، شجّعت السيّد حسن نصرالله على الإعلان، منذ نحو شهر، أنّ محاربة الفساد هي بمثابة محاربة إسرائيل. وهذا ما جعل فرائص هؤلاء وعظامهم ترتعد خوفًا وهلعًا، واستشاطوا غيظًا وأرادوا الانتقام.
ما ترونه حتى الآن هو بدايات المعركة. فأخيرًا انكشف وجه التنين، وحان حصاد رأسه بسيف مار مخايل، وطعن صميم قلبه برمح المقاومة.
جوزف السخن.