حسان الحسن – الثبات-
الحصار الإقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية على سورية، قد يكون آخر أوراق الضغط عليها، في محاولة لتركيع شعبها، وتأليبه ضد دولته، ولكن لن تجدي نفعا، وهي مرتبطة بحسابات أميركية داخلية، خصوصاً سعي الإدارة الراهنة الى تحقيق تقدم لمصلحتها في الملف السوري، قبل حلول تشرين الأول المقبل، موعد بدء الحملات الإنتخابية الرئاسية الأميركية، بحسب تأكيد مرجع لبناني على صلة مع الحكم في دمشق.
ويشير الى أنه منذ إندلاع الأزمة في الجارة الأقرب راهنت كل الدول والجهات الداعمة للمجموعات المسلحة على سقوط الدولة السورية في غضون أشهر، واستخدموا كل الوسائل المتاحة لديهم لتحقيق هذه الغاية، من تحريض مذهبي وإثارة الشغب، ثم تصاعدت الى اللجوء للأعمال الارهابية، وفي سياقها إستهداف الأماكن الآمنة بالسيارات المفخخة والانتحاريين، وصولاً الى المطالبة بإقامة مناطق عازلة، غير أن كل أشكال الحرب على سورية، وفي شكلٍ خاص، آخر فصولها، أي الحصار، لم تحقق مبتغاها لاسبابٍ عدة، يلفت إليها المرجع، بإيجاز:
أولاً- لم ينزلق الشعب السوري الى فخ الصراع المذهبي، الذي حاولت الجهات الشريكة في “الحرب” إيقاع السوريين فيه، ثم تهجير الاقليات، في محاولة لتكريس واقعٍ ديموغرافيٍ جديدٍ، يشكل منطلقاً لاقامة فدراليات مذهبية، غير أن النتائج جاءت معاكسة، فعلى سبيل المثال: نزح الجزء الأكبر من المواطنين في المناطق الساخنة في محافظتي “أدلب وحلب” في اتجاه الساحل السوري، حيث احتضنتهم الدولة والمنظمات الانسانية والاهالي.
ثانيا- فشل المسلحين ومن خلفهم، في تقطيع أوصال البلاد، ومحاولة إقامة حزام أمني بإدارة التكفيريين، لحماية الكيان الاسرائيلي يمتد من الغوطة الشرقية الى “درعا” ـ القنيطرة، على غرار مليشيا العميل أنطوان لحد في لبنان.
ثالثا- تآكل المجموعات المسلحة: وفي هذا الصدد يسجل نجاحاً أمنياً نوعياً للجيش السوري وحلفائه الذين نجحوا في تطويق المسلحين في محافظة إدلب وبعض المناطق المتاخمة لها، ومنعهم من التمدد في اتجاه المناطق الآمنة، وهي الآن في حال تآكل وصراع دائم، حيث تشهد إدلب تصفيات شبه يومية بين المجموعات المسلحة على خلفية “فرض النفوذ”، وتحقيق المكاسب، في وضعٍ مماثل، للممارسات المليشيوية إبان الحرب اللبنانية.
رابعاً- تأقلم السوريين مع الوضعين الاقتصادي والمعيشي الراهن، رغم قساوته وإيلامه: لاشك ان للحرب الكونية على سورية، لاسيما في شقها الاقتصادي أثر سلبي كبير على حياة السوريين، ولكنها ليست المرة الأولى التي يشن فيها عدوان اقتصادي على بلدهم، فبعد مضي نحو ثمانية أعوام على بدء هذه الحرب، اعتاد السوريون التعايش مع “الاقتصاد الحربي” الى حدٍ كبيرٍ، يختم المرجع.
وتعقيباً على ما ورد أخيراً، يعتبر الباحث في العلاقات الدولية الدكتور جمال واكيم من جهته، أن للحصار تأثير مؤلم في حياة المواطن السوري، ولكن لن يغير في الواقعين السياسي والعسكري الراهنيّن، ويخف تأثيره تدريجياً مع إقتراب فصل الصيف، فهو أكثر إيلاما على حياة المواطنين في فصل الشتاء، حين يضطر المواطنون لإستخدام المحروقات، كذلك يشاطر واكيم المرجع الرأي، أن هذا الحصار المفروض على سورية، هو أحد أوراق الضغط عليها، قبل حلول تشرين الأول، ودخول الولايات المتحدة في فترة الحملات الإنتخابية الرئاسية، لتوظيف الحرب على سورية في هذه الحملات من قبل إدراة الرئيس دونالد ترامب، ولكن ستلاقي مصيراً كسابقاتها من اشكال الحروب على الجارة الأقرب، أي الفشل، خصوصا في ضوء التوازنات الدولية القائمة على الساحة السورية، اي الحضور الروسي والإيراني، يختم واكيم.