– مقدمة اخبار OTV: موازنة القرن الموعودة
***
في زمن الكلام على صفقة القرن، وترقّب الإفصاح عنها بعد رمضان، اللبنانيون في انتظار موازنة القرن، أو هكذا يخيِّل إلى المراقبين، لدى سماعهم تصريحات بعض المسؤولين، وما تتضمنه من عنتريات وحروب طواحين.
لكن حقيقة الأمر ليست هنا… بل في مكان آخر: ففي مواضيع الإصلاح ومكافحة الفساد والتقشف وغيرها من العناوين الرائجة هذه الأيام، بين اللبنانيين وغالبية الطبقة السياسية، مشكلة كبيرة.
هم يصدِّقون طبعاً رئيس الجمهورية، الذي حمل هذا اللواء منذ اليوم الأول، وقبل أن يكون رئيساً، لتشكل مضامينُه أساس الخطاب السياسي للتيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح، منذ عودة العماد ميشال عون من المنفى عام 2005.
واللبنانيون يصدِّقون بالتأكيد، قوى سياسية كثيرة، بينها حزب الله، الذي لم يكن شريكاً في المراحل السوداء، والذي لم يمنح ثقته يوماً لما تكشف أخيراً عن حكومات سنوات طويلة، شكل ما ورد في المؤتمر الصحافي الأخير للمدير العام لوزارة المال بعيد إنجاز الحسابات، غيضاً من فيضها الكثير.
غير أن اللبنانيين هؤلاء، الطامعين بوطن، والطامحين بدولة، غير قادرين على التصديق اليوم بأن من شارك لعقود في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن منح ثقته العمياء لسياسات خاطئة، ومن أعطى توقيعه بقانون أو من دون، ومن صمت على فتح الحدود بلا ضوابط أمام النازحين، ولا يزال على صمته إزاء حقهم بالعودة الآمنة، بات اليوم محاضراً بالإصلاح، مهولاً على الناس بالوضع الاقتصادي والمخاطر المالية، ومزايداً بتوجهات التقشف والحرص على المال العام.
تلك هي بكل بساطة مشكلة اللبنانيين مع المطروح اليوم. وقبل استعادة ثقة المجتمع الدولي الذي يترقب خطوات محددة ليدعم لبنان، لعلَّ على طبقة سياسية شبه كاملة أن تبذل الجهد مضاعفاً لاستعادة ثقة شعبها بها، حتى يجاريها في طروحاتها المستجدة، لا ان يعتبرها مجدداً بيع وعود واجترار الكلام من دون أن تتحقق بفعلها أي نتيجة عملية.
هذا هو جوهر المشكلة. أما تفاصيلها، فترتبط بالتوجهات العامة لتخفيض الانفاق، ومَن الفئات المشمولة، وكم نسبة التخفيض، ومتى تعقد جلسة مجلس الوزراء الخاصة بإقرار الموازنة المنتظرة… موازنة القرن الموعودة.