حسان الحسن-
هل يعكس الحراك الديبلوماسي الواسع في المنطقة تغييراً قريباً في الميدان؟
لا يبدو في الافق ان هناك عملية عسكرية واسعة، كالتي شهدتها المناطق السورية، شرقا في مواجهة داعش، أو وسطا في ضواحي دمشق أو شمالا في حلب، او حتى جنوبا على الحدود مع الاردن او مع الكيان الصهيوني، ورغم الإشتباكات المتكررة بين الجيش السوري ومسلحي تنظيم القاعدة ومتفرعاته في ريفي حماه واللاذقية الشماليين على تخوم محافظة إدلب، لم يحن بعد أوان الإجهاز على كبرى قواعد الإرهاب في الجارة الأقرب.
هذه الإشتباكات لن تتطور الى معركة كبرى، كان من المنتظر ان يشنها الجيش العربي السوري وحلفاؤه للقضاء على أكبر معاقل الإرهاب الموجودة في بلاده، في المدى المنظور على الأقل، وتؤكد مصادر ميدانية أن هذا النوع من الإشتباكات، قد تندلع في أي وقتٍ على جبهاتٍ متاخمةٍ، بين قوىٍ متصارعة، كما هو الحال في إدلب، والمناطق المحاذية لها. وتلفت الى أن ليس هناك أي إستعدادات بشرية ولوجستية جدية تؤشر الى إقتراب موعد بدء المعركة المرتجاة، وسط غياب أي مؤشراتٍ سياسيةٍ توحي بذلك أيضاً، تحديداً لناحية إعلان موقف تركي واضح في شأن التعاطي مع الحالة الإرهابية الشاذة في الشمال السوري، على الحدود مع تركيا.
من جهة اخرى، وبالإنتقال الى سياسية الأحلاف، والصراعات الدولية على أراضي المنطقة، والتي تجلت بعد زيارتي وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لسورية، ولقائه الرئيس بشار الأسد، وبعدها زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو للبنان، وقبلها للكيان الإسرائيلي، وتعقيبا على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإعتراف “بالسيادة الإسرائيلية” على الجولان السوري، تعتبر مصادر سياسية سورية أن هذه الدعوة الأخيرة لا يعد كونها أكثر من زوبعة سياسية وإعلامية، في ضوء وجود قرارات دولية نافذة صادرة عن مجلس الأمن في شأن الأوضاع في الجولان المحتل، وهي: القرار 242 الذي يدعو وقف إطلاق النار وتراجع العدو الى حدود الرابع من حزيران 1967، ثم القرار 338 الذي يبطل جواز إحتلال الإراضي، بعده صدر القرار 497، أثر إعلان “إسرائيل” ضمها للجولان، فجاء في القرار، أن هذا الإعلان مناقض للشرعة الدولية.
أما لناحية زيارة رئيس الدبلوماسية الأميركية للمنطقة، فهي معنوية “لإسرائيل “، وكذلك هي تهدف الى شد عصب حلفائه في لبنان، خصوصا بعد الإلتباس الناجم عن قرار ترامب، بسحب قواته من سورية ثم تراجعه عن ذلك، أثر هزيمة داعش، وغياب اي امكانية لفصيل او مجموعة مسلحة قادرة لتعبئة فراغ انسحاب الوحدات الاميركية، اكثر من الجيش العربي السوري، ودائما برأي المصادر.
وعن زيارة شويغو، وقبلها زيارة رئيسي أركان جيشي إيران والعراق لسورية، تؤكد المصادر أن هذه الزيارات، والتي سبقتها، تحديداً زيارتي الرئيسين فلاديمير بوتين وبشار الأسد لطهران، تهدف الى تكريس الحلف الإستراتيجي الممتد من روسيا مرورا بإيران والعراق وصولا لسورية ولبنان، ويطغى على هذه الزيارات الطابع العسكري، خصوصا بعد زيارة شويغو الأخيرة لدمشق، أي إبراز الأهمية العسكرية لهذا الحلف في الظروف الراهنة، خصوصاً التي تشهدها المنطقة.
وفي الوقت الذي تستبعد فيه مصادر في المعارضة السورية، اي تعاون عسكري عملاني بين القوات السورية والعراقية في المرحلة الراهنة، وتعتبر هذه المصادر أن لزيارة رئيس الأركان العراقي إعتبارات سياسية أكثر ما تكون عسكرية، وتلفت الى أن التركيبة الحالية للجيش العراقي، لا تسمح بذلك ، خصوصاً أنه لم يعد جيشاً عقائديا كما كان في السابق، بل هو إنعكاس للحالة شبه الفدرالية القائمة في العراق، وهو تحت الأمرة الأميركية المباشرة، تختم هذه المصادر.
من هنا، وسط حال عدم الوضوح في المعطيات المتعلقة بالانسحاب الاميركي المرتقب، لناحية التوقيت او لناحية عدد العناصر الباقية، او لناحية منطقة التنف وامكانية انسحاب الاحتلال الأميركي منها او عدم الانسحاب، وفي إنتظار جلاء الموقف التركي الجدي في شأن ادلب وارهابييها او “مسلحيها المعتدلين” ، لا يبدو ان هناك اي تغيير دراماتكي سيطال المنطقة حتى الان، وفي انتظار ان تتبلور الامور، سيبقى الترقب الحذر والحساس سيد الموقف في سورية خصوصا، وفي المنطقة في شكل عام .
-موقع المرده-