– تألمت لرؤية أمي تتألم..
* ♰ *
يسوع يقول لي:
” لم أنْسَ كذلك آلام مريم، أمي. وجوب تمزيقها في إنتظار عذابي، وجوب رؤيتها تبكي. لذلك لا أرفض لها شيئاً فقد أعطتني كل شيء. وأنا أُعطيها كل شيء. لقد تألمت الألم كلّه. وأُعطيها الفرح كلّه.
أودكّم حين تُفكِّروا بمريم، ان تتأملوا في النزاع الطويل الذي عانته خلال 33 عاماً وتكلّل عند اسفل الصليب. لقد عانته لأجلكم. سخريات الجمع الذي كان يعتبرها أم مجنون. لأجلكم ملامات الأهل والشخصيات المهمة. لأجلكم، إنكاري الظاهري: “أمي وإخوتي، هم مَنْ يصنعون مشيئة الله”.
ومَنْ كان يصنعها أكثر منها، ومشيئة رهيبة كانت تفرض عليها عذاب رؤية إبنها يُعذَّب؟
لأجلكم، متاعب اللحاق بي هنا وهناك. لأجلكم، التضحيات: من تضحية ترك منزلها الصغير والإختلاط بالجمع، حتى ترك موطنها الصغير لضوضاء أورشليم. لأجلكم، وجوب بقائها على إتصال بمَن كانت الخيانة تكمن في قلبه. لأجلكم، ألم سماع إتّهامي بمسّ شيطاني، بهرطقة. كل شيء، كل شيء، لأجلكم.
إنكم لا تعلمون إلى ايِّ حدٍّ أحببتها، أمي. انكم لا تفكِّرون إلى أيِّ حدٍّ كان قلب إبن مريم رقيقاً بالنسبة إلى المشاعر. وتعتقدون بأن تعذيبي كان جسدياً فقط، وتُضيفون إليه على الأكثر التعذيب الروحي بتخلي الآب الأخير.
لا يا أبنائي. حتى آلام الإنسان، عانيتها. تألمت لرؤية أمي تتألم، لوجوب سوقها مثل رِخْلةٍ وديعة إلى العذاب، وجوب تمزيقها بالوداعات المتتالية، في الناصرة قبل التبشير بالإنجيل، في الذي كانت فيه على علمِ بخيانة يهوذا، قبل العشاء السرّي، وفي الألم الفظيع على الجلجلة.
تألمت لرؤية نفسي مُحتقراً، مكروهاً، مُغتاباً، محاطاً بفضوليات مُضلّة لم تكن تتطوّر نحو الخير، بل على العكس نحو الشر.. أكاذيب الفريسيين المرائين الذين كانوا يدعونني معلماً… أكاذيب مَن غمرتهم بنِعَمٍ وجعلوا أنفسهم مُتهمين في المجلس الأعلى أو في مقرّ القضاء، الكذب، الكذب المتعمّد، المديد، البارع ليهوذا الذي باعني وتابع إظهار نفسه بمظهرِ تلميذٍ، الذي دلّ اليّ الجلادين بعلامة الحبّ. تألمت لكذب بطرس الذي استولى عليه خوف بشري.
تقولون انكم تُحبونني، لكنكم لا تُحبونني. ان إسمي على شفاهكم، وتعبدون الشيطان في قلبكم، وتتبعون شريعة مُعاكسة لشريعتي.
تألّمت وأنا أفكّر بأن قليلين جداً سوف يُخلّصون أنفسهم، على رغم القيمة اللا مُتناهية لتضحيتي: تضحية إله. كلّهم، أقول: كل الذين سوف يُفضلّون، خلال قرون الأرض، الموت على الحياة الأبدية، جاعلين تضحيتي غير مُجدية، كانوا حاضرين عندي. وبهذه المعرفة مضيت إلى مُلاقاة الموت.
الإنجيل كما كُشف لي أو قصيدة الإنسان – الله للرائية ماريا فالتورتا ، ( المجلّد 9 ، الآلام – ص: 14-15 ؛ ترجمة اسكندر شديد)