فيما نجحت الاتصالات على خط الرئاستين الأولى والثالثة بتوفير ظروف انعقاد آمن لجلسة مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومي بعد السجالات الساخنة التي سادت الجلسة الماضية في بعبدا، يبدو أن المعركة التي أعلنها حزب الله على الفساد ستشهد توتراً سياسياً كبيراً مع اتجاه الرئيس السابق فؤاد السنيورة الى التصعيد في وجه الحزب في مؤتمره الصحافي غداً، علماً أن النائب حسن فضل الله لم يذكر اسمه لا خلال مداخلته في المجلس النيابي ولا في مؤتمره الصحافي الأخير في ساحة النجمة.
ما يطرح سؤالاً جوهرياً لماذا استنفر السنيورة واعتبر نفسه معنياً إذا كان يدّعي براءة الذمة من الـ 11 مليار دولار؟
وإذ سارع السنيورة الى تجميع أوراق المواجهة بضربات استباقية في بيان حمل اتهامات مقابلة الى الحزب بالفساد وزجّ اسم الرئيس الراحل رفيق الحريري في المعركة والاستعانة بالسلاح المذهبي، بدلاً من الركون الى القضاء وتقديم الأدلة إليه لتبيان براءته، كانت لافتة زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري في توقيتها الى عين التينة ومن دون موعد مسبق ولقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري على عجل لمدة ربع ساعة، ما يؤكد علاقة الزيارة بالسجال الحاصل بين السنيورة وحزب الله.
ولما رفض الرئيسان بري والحريري الإفصاح عما دار خلال اللقاء، أشارت المعلومات الى أن الحريري صارح بري بضرورة عدم إثارة اي ملف يؤثر على الاستقرار السياسي والحكومي في البلد، في اشارة الى الـ 11 مليار دولار، علماً أن الحريري لم يعلن موقفاً رسمياً حتى الآن حيال السجال القائم ولا كتلته النيابية ما خلا إعلام تيار المستقبل الذي تماهى مع بيان السنيورة الأخير.
وتُطرَح الأسئلة نفسها: هل السنيورة وحده المسؤول عن إنفاق هذه الأموال؟ أم أنه كان واجهة مالية لمشروع سياسي خارجي كان يهدف إلى تكبيد مزيد من الديون على لبنان ومفاقمة أزماته ليبقى رهينة لإرادة ومشيئة الولايات المتحدة ودول الخليج والمجتمع الدولي حتى تحين لحظة المقايضة بين سداد الديون وإنقاذ لبنان من الانهيار مقابل شروط سياسية تتعلق بسلاح المقاومة وموقع لبنان في الصراع في المنطقة؟ وهل كان يُنفق هذا المال بطرق غير شرعية من دون علم تيار المستقبل ورئيسه رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري؟
واستطراداً، هل سيسمح الحريري باستدعاء السنيورة الى التحقيق؟ أم سيجد نفسه معه في مركب واحد ومضطراً لحمايته؟ وهل سيتخلى الأميركيون والسعوديون عمّن كان رأس حربة المشروع الأميركي الخليجي في لبنان منذ اغتيال الرئيس الحريري في العام 2005 حتى العام 2010 وربما لا يزال؟ وأيضاً هل سيحُول التهديد بالفتنة المذهبية دون ملاحقة السنيورة قضائياً؟ وهل ستُطلب النيابة العامة المالية أصلاً استدعاءه الى التحقيق بعد تسليم فضل الله الملف كاملاً الى الجهات القضائية المختصة؟
تؤكد أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» بأن الحزب مستمر في عمله المهني والعلمي والموضوعي في كشف مكامن الفساد وكيفية ووجهة إنفاق المال العام بطرق مخالفة للقوانين»، مشيرة الى أن «الحزب لم يُثر الموضوع انطلاقاً من استهداف شخصي للسنيورة ولا لغيره وليس لديه أي مشروع سياسي، بل ما يقوم به هو تجميع المعلومات والمستندات التي تدل على فساد مالي وإداري وإيداعها القضاء المختص، فليس من واجب الحزب مقاضاة أحد أو التشهير به»، وإذ استغربت هذه الهجمة السنيورية الاستباقية، أكدت أن «هذه الحملة المضادة لن تؤثر في أداء المهمة التي تبنّاها الحزب ووعد جمهوره وكل الشعب بإنجازها، موضحة أن التلويح بفزاعة الفتنة مجدداً لن تنفع بعد الآن لا سيما في قضية فساد تعني مختلف شرائح الشعب اللبناني»،
وأكدت المصادر أن ما حصل خلال تلك المرحلة نهب منظم لأموال الدولة دون قيود وبلا رقيب ولا حسيب، ومبلغ الـ 11 ملياراً جزء من منظومة النهب لـ مئة مليار دولار وأكثر خلال العقدين الماضيين»، وتميز الأوساط «بين الفساد وبين الهدر المتمثل بتوظيف الآلاف في مؤسسات الدولة بطرق غير شرعية ومخالفة للقانون أو بغير حاجات المؤسسات، لكن الفساد هو سرقة موصوفة للمال العام ويجب كشف مكامنه مهما كان الثمن».
وأشار النائب فضل الله، من عين التينة الى ان «ملف الحسابات المالية سيأتي الى المجلس ويذهب الى القضاء الذي عليه تحديد أسباب الهدر والفوضى الحاصلة في الملف». فيما كشف النائب قاسم هاشم عن قرار بعدم إقرار الموازنة للسنة الحالية دون إجراء قطع حساب للموازنات السابقة.
وردّ وزير المال علي حسن خليل على سؤال عن السجال الحاصل بموضوع الحسابات المالية، فقال «عم يحكوا وما حدا فهمان شو صاير».
وفي ضوء السجالات المالية والاتهامات المتبادلة بالفساد، اندلع سجال بين وزيري المال علي حسن خليل والاتصالات محمد شقير، على خلفية موازنة مؤسسة أوجيرو.
-البناء-