الحريري اقتنع بمبدأ “خذ واعطِ”.. بري مستمر بنهج “خذ وطالب”!
علا بطرس –
نظر البعض الى التفاهم بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية من زاوية مقعد انتخابي في قضاء البترون، ورأى البعض الآخر وفق تدقيق حسابي أن منفعة القوات فاقت أرباح التيّار. وشكّك آخرون بقدرته في إيصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية وباندفاعه في بناء الدولة والسياسة الخارجية المستقلّة. وهلّل المحبّون مبدئياً للوطن والتفاهمات بانزعاج شديد قائلين “الله يديم الوفق هلّق صاروا يحبو بعضن!” وكأنّه مطلوب ضرب مكامن القوة في الشراكة المسيحية واللبنانية سواء بتحميل القوات وحدها وزر الحرب اللبنانية بتدفيعها الثمن مرتين وبوضع الفيتو على تمثيلها بحقيبة سيادية! وباتهام التيار أنّه أجرى صفقة – فضيحة مع القوات على قاعدة أن التنازل عن حقيبة سيادية مقابل موقع نيابة رئاسة الوزراء!
وعلى هذا المعيار السّطحي والمبسّط، بات التفاهم بين التيار والقوات مكشوفاً بعد حصره بالمواقع حيث أُصيب جمهور التيار الوطني بالذّهول مستعيداً مشهدية التحالف الرباعي في العام 2005 مع القوات اللبنانية لمصلحة انتخابية ومستذكراً حجم التقارب والمودّة بين المردة والقوات على أساس طيّ صفحة الماضي دون تفاهم سياسي. ولم ينتبه، للأسف، صناع القرار الذين ما زالوا يمارسون عقلية الإستئثار في العهود السابقة ما بعد العام 1990 أن قواعد اللعبة قد تغيّرت وأن الأساليب القديمة في ممارسة السلطة باتت بالية أمام المستجدات الحالية. وتقضي الحكمة بالتأقلم مع الواقع لا بمحاولة الإبتزاز أو التمسك بالمواقع على أساس المُلك الشخصي أو الحقّ الحصري!
ويبدو أن انطلاق عجلة العهد ليست بعيدة لأنّ هدف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو في تأليف حكومة وحدة وطنية، وإن تعذّر فحكومة إئتلاف وطني لأنّ مصالح المواطنين والهموم الحياتية لا تنتظر ولأنّها حكومة مؤقتة هدفها إنجاز قانون انتخابي عصري يحقّق صحّة التمثيل العادل لديمقراطية سليمة. وعلى هذا الأساس جاء موقف الوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحرّ في التعويل على دولة الرئيس نبيه بري للمضي في الإنجاز الإنتخابي لانتظام عمل المؤسّسات، بعدما أبدى الرئيس سعد الحريري مرونة كافية في الإقرار بالتماثل على قاعدة “خذ واعطِ” وليس وفق نهج “خذ وطالب”!
وبموازاة انتخاب العماد عون رئيساً، أطلقت القوات اللبنانية شعارها “معاً لبناء الدولة القوية” فلمَ لا ينضمّ لهذه الورشة الوطنية كل الأفرقاء وينزعون عن سلوكهم صفة التعطيل لعهد يأمل منه اللبنانيون الكثير!