يبدو انّ رئيس مجلس النواب قرّر التغريد خارج سرب مشاورات حكومية تراوح في دائرة الفشل. وتبعاً للأجواء غير المشجعة التي أشاعتها تلك المشاورات، أنهى فترة الانتظار التي حددها الاسبوع الماضي في حضور الرئيس المكلف، إفساحاً في المجال له لكي تبلغ مشاوراته الغاية المرجوة، وقوله صراحة: «إن تمكّنتم من بلوغ حلول وتأليف حكومة في هذه الفترة فذلك خير للبلد وافضل للجميع، والّا فأنا لن انتظركم، لأنني سأبادر فوراً الى عقد جلسات لمجلس النواب».
وأتبع بري كلامه هذا، بدعوة وجّهها أمس لانعقاد هيئة مكتب المجلس النيابي ظهر غد الاربعاء، في عين التينة، لتحديد جدول اعمال جلسة تشريعية قد يدعو اليها الاسبوع المقبل، وفي مقدمة جدول اعمالها بنود تتعلق بالفيول، واليوروبوند، اضافة الى البند الاساس الذي يتعلق بإجازة الصرف على القاعدة الاثني عشرية، الذي يحصره الدستور بشهر كانون الثاني، ومعنى ذلك انّ هذا الصرف سيتعذر بعد 31 كانون الثاني، ووزارة المالية لن تستطيع ان تصرف قرشاً واحداً في غياب نص قانوني يُجيز لها ذلك.
إنعقاد استثنائي
الى ذلك، وفيما باتَ محسوماً انّ خيار تفعيل حكومة تصريف الاعمال قد اصبح خارج التداول الجدي، خصوصاً انّ هذا الخيار يتعارض مع النص الدستوري، الذي يحصر وظيفة هذه الحكومة في النطاق الضيق لتصريف الاعمال، وليس الاجتماع واتخاذ القرارات، فإنّ هناك همساً متزايداً لدى بعض الاوساط المحيطة ببعض المراجع الرسمية والسياسية حول عدم تمَكّن مجلس النواب من الاجتماع كهيئة تشريعية عامة في ظل حكومة تصريف أعمال، وفي غياب حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات، اضافة الى انّ هناك مانعاً اساسياً امام انعقاد المجلس وهو وجوده خارج دور الانعقاد العادية، وعدم وجود مرسوم بفتح دورة استثنائية يجيز له الانعقاد.
وأبلغت مصادر مجلسية «الجمهورية» قولها انّ القول بعدم تَمكّن المجلس من الانعقاد في هذه الفترة ليس في محله على الاطلاق، إذ انّ انعقاده ليس مقيّداً بأيّ مانع. فالمجلس سيّد نفسه، ويمكنه الانعقاد والتشريع حتى في غياب الحكومة، فضلاً عن انه سبق له وعقد جلسات تشريع في أوقات سابقة في ظل حكومة تصريف الاعمال.
والأهم في ما تقوله المصادر المجلسية هو: صحيح انّ المجلس النيابي خارج دور الانعقاد العادية التي يحددها الدستور في المادة 32، الّا انه في هذه الفترة محكوم بنص المادة 69 من الدستور – البند 3، الذي ينصّ حرفياً على الآتي: «عند استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة، يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونَيلها الثقة». هذا النص واضح ولا يجوز إخضاعه لتأويلات او تفسيرات او لمزايدات سياسية.
-الجمهورية-