استمرّ المناخ التفاؤلي الذي خيّم على المشهد الحكومي مطلع الأسبوع الحالي بقرب ولادة الحكومة مع مواصلة الرئيس سعد الحريري لقاءاته ومشاوراته لتذليل بعض العقد المتعلقة بتوزيع بعض الحقائب على خطوط «التيار» «أمل» «الاشتراكي» – «القوات».
وقد استكمل الحريري أمس، سلسلة اللقاءات التي بدأها الاثنين بلقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، على أن يتوجّه الى معراب اليوم أو غداً للقاء رئيس القوات سمير جعجع على أن يختم جولته الجديدة بزيارة بعبدا لوضع رئيس الجمهورية ميشال عون بحصيلة مشاوراته وبعدها يتجه الى مرحلة حسم الأمور الاسبوع المقبل، بحسب ما أعلن أمس.
فما هي الخيارات أمام الرئيس المكلف؟ هل سيُقدِم صيغة حكومية الى الرئيس عون ويرمي الثقل الحكومي وكرة نار التأليف في ملعب بعبدا ويترك للرئيس أمر التوقيع عليها وإرسالها الى المجلس النيابي لتنال الثقة؟ أم ينتقل الى السراي الحكومي لتصريف الأعمال لسد الفراغ الحكومي الحاصل وتمرير قانون الموازنة وإصلاحات مؤتمر سيدر وتسيير عجلة الدولة منعاً للانهيار الاقتصادي والمالي الشامل لا سيما مع حديث رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان عن العمل لإيجاد مخارج قانونية لتأمين استمرارية الدولة في الدفع، وذلك بعد تحذير وزير المال بأن وزارته لن تكون قادرة على دفع الرواتب الشهر المقبل؟ أم يقدّم الحريري اعتذاره ويصار الى تكليفه من جديد أم يدخل في مرحلة اعتكاف حتى إشعار آخر؟
من الصعب استكشاف المكان الذي يتجه اليه الواقع الحكومي وحتى المقرّبين من الحريري لا يملكون أدنى فكرة عن طبيعة المرحلة المقبلة، إذا ما تعثر التأليف في جولته الأخيرة. وتكتفي مصادر بيت الوسط بالتأكيد أن الحريري يقوم بواجبه ويجري جولة مفاوضات جديدة وأنه معني بتذليل عقد ما تبقى من حقائب، أما لجهة عقدة تمثيل سنة 8 آذار فليست عنده بل عند الآخرين، ولا مانع لديه من نيل الرئيس عون الثلث الضامن، أما أوساط مطلعة على موقف بعبدا فتشير لـ«البناء» الى أن «الرئيس عون لن يقف مكتوف اليدين أمام هذا الواقع وسيستعمل كل ما يملك من صلاحيات دستورية وضغط سياسي وشعبي ونيابي لفك أسر الحكومة»، موضحة أن «الرئيس لن يضحّي بأولى حكومات العهد للحصول على الثلث، فهو يمثل الثلث والحكومة والكل الضامن للحكومة وإنتاجيتها وللبلد ككل»، مؤكدة بأن «رئيس الجمهورية كما ترك أثراً كبيراً في مسيرته العسكرية ثم النيابية كرئيس لتكتل نيابي كبير، فلن يسمح بانتهاء ولايته من دون أن يترك بصمة لعهده»، إلا أن الأوساط لاحظت محاولات داخلية وخارجية لحصار العهد وتدفيعه ثمن مواقفه الوطنية لا سيما موقفه في المحافل الدولية والعربية من سلاح المقاومة وأزمة النازحين والإرهاب والعلاقة بسورية. وهذا تجلى في المقاطعة العربية لقمة بيروت»، لكنها أبدت تفاؤلها بـ»وجود إرادة جدية وجديدة للخروج من المأزق الحكومي، ملاحظة حركة جدية يقوم بها الحريري إضافة الى إلغاء مشاركته في مؤتمر دافوس والكلام الإيجابي الذي نقله بري عنه».
لكن إذا كان فريق الرئاسة لا يتمسك بالثلث الحكومي، فما أسباب الصراع على الأثلاث في الحكومة العتيدة؟ علماً أن في الحكومات السابقة ولا سيما الأخيرة منها أي حكومة تصريف الاعمال الحالية، لم تشهد التصويت على اي ملف أو قضية إلا ما ندر، ما يؤشر الى أن تمسك التيار الحر والرئيس عون بالثلث الضامن يُخفي نية عونية بطرح سلة قضايا وملفات داخلية وخارجية على طاولة التصويت كسلاح مضاد لتعطيل خطط العهد لا سيما في ما يتعلق بمكافحة الفساد. وقد أشر عون الى ذلك خلال الايام القليلة الماضية ما يعني أن عون يريد الإمساك بثلث حكومي ضامن في وجه أي نية لتعطيل المشروع الإصلاحي الذي سيبدأ بطرحه عون في مجلس الوزراء فور تأليفه.
-البناء-