حسان الحسن –
رغم كل المعلومات المتداولة عن قرب إنطلاق عملية روسية – سورية لإستعادة أحياء حلب الشرقية
من المجموعات التكفيرية المسلحة، والذي عزز من احتمال هذه العملية، وصول حاملة الطائرات “كوزنيتسوف”، وسواها من السفن والمدمرات العسكرية الروسية إلى البحر الأبيض المتوسط ، الأمر الذي شد الأنظار أكثر فأكثر الى “الشهباء”، ورفع منسوب إحتمال قرب بدء هذه العملية المرتقبة، يبقى الواقع مغاير لكل ذلك، فعلى ما يبدو لم ولن تبادر القوات الروسية حتى الان على مهاجمة شرق حلب في المرحلة الراهنة، وذلك للأسباب التالية :
أولاً- بسبب وجود المدنيين الذين تمنعهم المجموعات المسلحة من المغادرة.
ثانياً- لشدة تركيز الإعلام الدولي على ثاني أكبر المدن السورية ، ومحاولة تأليب الرأي العام العالمي على موسكو، واتهامها بالوقوف وراء ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في حال هاجمت شرق حلب.
ثالثا – إفساحاً في المجال أمام الوساطات الدبلوماسية لإيجاد حلٍ يفضي الى خروج المسلحين من الشهباء، وبالتالي تكرار “سيناريو حمص”.
رابعا- لتجنب كلفة معركة مع المسلحين التكفيريين وتلافي إهدار طاقة عسكرية معهم، قد تستهلك بمعارك أخرى، بحسب رأي مصادر سياسية سورية واسعة الإطلاع .
من ناحية اخرى، ترى المصادر أن صبر الروس لن يدوم طويلا ، وأن هناك قرارا روسيا باستعادة كامل مدينة حلب نظرا للاهمية الحيوية لذلك ، ولكن يبقى امر تحديد ساعة الصفر لهذه المعركة يتعلق بما تراه القيادتين الروسية والسورية بما يناسب استراتيجية الدولتين في موضوع مناورة كاملة تتداخل فيها عناصر متعددة ، منها الدولي والاقليمي والداخلي السوري .
بالمقابل ، جاءت الضربات الصاروخية الروسية على محافظتي أدلب وحمص في الأيام القليلة الفائتة، لتؤكد استبعاد عملية مهاجمة شرق حلب في الوقت الراهن، وللتركيز على استهداف معاقل الجماعات التكفيرية في ادلب وغرب وجنوب غرب حلب، والتي كانت دائما أهم قواعد أمداد المسلحين في معاركهم السابقة ومهاجماتهم مواقع الجيش العربي السوري في اكثر من محاولة فاشلة لفك الحصار عن احياء حلب الشرقية .
وقد اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت تلك الهجمات المركزة والتي استهدفت مواقع لتنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” في سورية، بصواريخ “كروز” أطلقتها قاذفات استراتيجية من فوق البحر المتوسط بهدف تدمير وعزل القواعد الخلفية للمسلحين في الشمال السوري ، وتدمير مراكز مشبوهة بانها لتصنيع وتجميع اسلحة كيمياوية ، استعملت مؤخرا لقصف مراكز الجيش العربي السوري والمدنيين قرب محيط مطار حلب الدولي .
وقد نشرت ايضا الوزارة المذكورة تسجيلاً يظهر قاذفة “توبوليف 95” ترافقها عدة مقاتلات وطائرات للتزود بالوقود، مشيرة إلى أن القاذفة انطلقت من قواعد روسية وانتقلت عبر بحر الشمال ثم المحيط الأطلسي وصولاً إلى البحر المتوسط. وأوضحت أن مقاتلات “سو 33” الموجودة على حاملة الطائرات “اميرال كوزنيتسوف”، الموجودة شرق المتوسط، شاركت في الهجمات إلى جانب المقاتلات من قاعدة حميميم، كذلك قامت مقاتلات “سو 30” بمهمات المراقبة الجوية خلال العملية .
هذه الضربات المركزة والتي استهدف مواقع متفرقة للمسلحين، لا توحي بهجومٍ وشيكٍ على أيٍ من المحافظتين المذكورتين، بل تهدف الى دفع ما تبقى من مسلحي حمص الى التراجع نحو الشمال والشرق، وفصل الغاب الشمالي- الشرقي في حماه عن أدلب، كذلك تهدف الى تحصين جبهة الجيش العربي السوري في جنوب غرب حلب بمواجهة نقطة انطلاق المسلحين في خان طومان – الراشدين ، وربما تهدف الى التأسيس لمعركة مرتقبة قد يهدف فيها الجيش السوري لفتح طريق حلب- حماه دمشق، برأي مرجع عسكري واستراتيجي.
ويبقى من النقاط الاستراتيجية والتي قد تشكل هدفا مرتقبا للجيش العربي السوري ، وبدعم مركز من القاذفات الروسية ، إعادة تشغيل مطار حلب الواقع في الشمال الشرقي من المدينة، بعد تأمين محيطه والتقدم شمال شرق وقطع الطريق على الاتراك من الوصول الى مدينة الباب في ريف حلب الشمالي- الشرقي، رغم التنسيق الروسي- التركي، ودائما بحسب المرجع .
وعن ترجمة هذا التنسيق على أرض الواقع، يشير المرجع الى أن هذا الأمر يبدو جلياً من خلال الصمت التركي، وتوقف أنقرة عن إدخال السلاح والعتاد الى حلب، تحديداً من جهة “الكاستيلو” في الشمال على الأقل، وهذا لا يعني خروج تركيا بالكامل من تحت العباءة الأميركية، يختم المرجع .
المصدر: المردة