أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الصحافة الحرة لن تكون “صحافة البلاط” والمديح والهجاء للشعراء لا للصحافيين- نسيم بو سمرا

-كتابات غسان سعود تنطلق من غيرته وايمانه بقضية التيار والعهد

***

بئس اللذين يهاجمون الزميل الصحافي غسان سعود، في ما يشبه الحملة، على خلفية رأي ادلى به في مقالة، فنحن الصحافيون من واجبنا حتى لو كنّا متحزّبين، تسليط الضوء على الاخطاء، ومن اساس مهنتنا اطلاع الرأي العام على خفايا السياسة وما يحدث خلف الكواليس، فالمواطن المتلقي للخبر على الشاشة يخضع لشتى انواع التأثيرات السمعية والبصرية والمكتوبة، فلا يستطيع تحت ضغط الاحداث المتسارعة، تكوين رأي موضوعي وبخاصة في ظل الضخ المتواصل للاخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الصعب عليه تكوين رأي حر من دون مساعدة صحافيين يغربلون له الاحداث الحقيقية عن الافتراضية و الكاذبة، فيخلق الصحافي عندها رأيا عاما واعيا ومطّلعا على ما يحدث حقيقة حوله، فيدرك حينها الصح ويعرف الخطأ، فبالمحصلة هدف الصحافي ايصال الحقيقة للمواطنين لان الحقيقة وحدها تحررهم من العبودية.
اما لبعض الرفاق العونيين الناشطين، فأنا أؤكد لهم ان التعرض للصحافيين بسبب آرائهم، لا يجوز، حتى أولئك الذين لا ينتمون الى خطّنا السياسي، لأنه اولا نحن احرار في عرض أفكارنا وآرائنا كما نؤمن بها وثانيا لأن “صحافة البلاط” ليست أسلوبنا ولا من شيمنا، فالمديح والهجاء هو للشعراء وليس للصحافي الحر مثل الزميل غسان سعود، وهو الذي بكتاباته يفيد التيار الوطني الحر وبالتالي قضية التيار، وتأثير كتاباته على الرأي العام العوني وغير العوني اكبر بكثير مما تظنون، كما أطمئنهم ان إثارته للمواضيع المختصة بالتيار، تنطلق من غيرته وايمانه بقضية التيار والعهد فيسعى من خلالها الى منع انحراف المسار بتصحيح الاخطاء التي يقع بها بعض مسؤولينا في التيار والحفاظ بالتالي على قوة الدفع التي يملكها التيار الوطني الحر على الساحة السياسية، وهي قوة إذا صُوِّبت نحو الهدف ولم تحد عنه، فبإمكانها تغيير وجه لبنان والمشرق بأكمله؛ وأعرض نموذجاً هنا من مقالات غسان سعود التي تصيب هدفها باحترافية وصدق وتفيد التيار والعهد:

غسان سعود

قراءة مقدمة برنامج مرسيل غانم تختلف عن مشاهدتها لأنها تتيح التمعن في المضمون كلمة كلمة بدل التأثر الانفعالي السريع بالومضات التلفزيونية. وعليه بعد تفريغ المقدمة وقراءتها كلمة تلو أخرى، يتبين أن “المساء يغمر لبنان” الذي يدخل عام ميشال عون الثالث في رئاسة الجمهورية “دون ومضة أمل بالغد” رغم شعور مرسيل أن “الأحلام بأمان” طالما رئيسي الجمهورية والحكومة متفقين على خير البلاد. كيف “الأحلام بأمان ولا يوجد ومضة أمل بالغد؟ يحق للشاعر في بلادنا ما لا يحق لغيره؛ ولنعد إلى الألياذة حيث يعدد غانم المآخذ على العهد:

1. “ما زالت الحكومات محاصصة طائفية وحزبية مقرفة”.

حيث كان غانم ينتظر إطاحة عونية كاملة بالنظام السياسي اللبناني وتوضيب عاجل للطوائف وأحزابها ووضعهم في كونتينرات وتصديرهم إلى ليتوانيا وتشكيل العهد لحكوماته من مجموعة أكاديميين سينغافوريين.

2. “تدهور التغذية الكهربائية”.

وهي معلومة خاطئة حتى لا نقول كاذبة؛ حيث تضاعفت ساعات التغذية الكهربائية رغم كل العرقلة التي قام بها أصدقاء غانم السياسيين ورغم إسراف أكثر من مليون ونصف نازح سوري في استهلاك الكهرباء دون حسيب أو رقيب.

3. “تهديد المدارس لمستقبل الأطفال بأقساط خيالية ترهق الأهالي”.

حيث كان غانم سيكون في طليعة المتظاهرين دعماً للعهد فيما لو أصدر قراراً بتأميم المدارس الخاصة مثلاً. ربط فجعنة المدارس بالعهد! لا، لا أبداً. يربط غانم ارتفاع الأقساط بـ “إقرار السلسلة دون دراسة”، وها هي معلومة خاطئة أخرى؛ عزيزي مرسيل: لقد استغرقت “الدراسات” لإعداد السلسلة أكثر من عامين في اللجان النيابية حيث شاركت جميع الهيئات الاقتصادية في البلد دون استثناء وجميع الكتل النيابية ووضعت كل خبرات البنك الدولي وغيرها من المؤسسات المالية العالمية بتصرف “الدراسة” التي تقول إنها لم تحصل، وتخيل ماذا كان سيحصل بالطبقات الفقيرة التي تكرهها لو لم ترتفع الرواتب قليلاً قبل تدهور القدرة الشرائية الذي حملت العهد مسؤوليته أيضاً.

4. “صفقات مشبوهة تطال كل ملف، وملايين في الجيوب المنتفعة والمنتفخة”. وهنا بيت القصيد: طالما يوجد صفقات وطالما يعرف مرسيل بها، لماذا يخصص يخصص برنامجه لتفاهات السياسيين التي تطيح بالرايتنغ والإعلانات السياسية والأستديو الامبراطوري الجميل بدل كشف الفاسدين والسارقين وتحميل القضاء والعهد لمسؤولياته تجاههم؟ لماذا؟ لماذا يتلهى من يرى الجيوب المنتفعة والمنتفخة بأشياء هامشية تقلق رئيس مجلس إدارة الإم تي في على استثماره الكبير العاجز عن فرض نفسه من حيث “الرايتنغ” كما كان يأمل.

5. تعيينات عشوائية؛ لم يقدم مرسيل أية نماذج عنها لنقف مصفقين، في وقت بدا عليه الانفعال من “اضطرار الشباب إلى الوقوف على أبواب الزعماء (مثل صديقه وليد جنبلاط كل يوم سبت) لاستجداء لقمة العيش التي يستحقون. وهو انفعل أيضاً من امتلاء الإدارات المهترئة بالوظائف الوهمية لأشخاص (مثل أزلام ومرافقي صديقه النائب ميشال المر) يأكلون مال الدولة دون أن يداوموا.

وبعدها يكوم مرسيل الأسئلة الانفعالية الشعبوية التي تحمل العهد مسؤولية التلوث في جونية، والعقوبات الأميركية المقبلة، وتحكم أصحاب المولدات بأرزاق الناس، والأحكام القضائية وفواتير المستشفيات. وهو لا شك نسي هنا زحمة السير وتلوث الليطاني وتعليك خبز الوودن بايكري وتلهي شرطة السير في إنطياس بهواتفهم وارتفاع أسعار زينة الميلاد عند الـ BHV. لينتهي أخيراً غانم إلى القول إن آلام الوطن اليوم إنما هي أعظم مما كانت في أي عهد.

علماً أنني أخذت كل الوقت اللازم قبل كتابة هذا المقال لأتأكد أن ما علق في رؤوس المشاهدين من برنامج أول من أمس هو مقدمة مرسيل لا مداخلات ضيوفه. والمشكلة لا تتعلق بالضيف العوني آلان عون الذي قال كل ما يمكنه قوله طبعاً إنما بالعهد نفسه الذي يصر على مواجهة الماكينة الذكية والسريعة والضخمة والممولة المناوئة له بأكثر الوسائل التقليدية والبطيئة والغبية والصغيرة والبخيلة. أن يفعل مرسيل غانم ما فعله الخميس متوقع وأقل من طبيعي، لكن أن يفعل القصر الجمهوري ما فعله الأربعاء هو المستغرب وغير المتوقع وغير الطبيعي. لقد كان الرئيس العماد ميشال عون رائعاً في مقابلته وشاملاً وحاضراً، لكن هل رأى أحد “الكادر” الذي أجلس فيه؟ هل سأل أحد عن شعبية الصحافيين الذين أحضروا لمقابلته؟ هل رأي أحد الطاولة التي أجلسوا جميعاً حولها؟ هل توقف أحد عند الأستاذ رفيق شلالا وخبرته مع مواقع التواصل الاجتماعي؟ جدياً الآن ماذا يحصل هنا وماذا يفعل المسؤولون عن هذا الملف ولماذا يغامر أهل البيت بالإطاحة بالعهد بهذا الشكل؟

دعكم من مرسيل غانم وكل الشعر الذي كتبه النواب العونيين هنا وهناك، ألم يكن ضرورياً تعداد التالي:

1. بدأت الأعمال بمرفأ جونية الذي كان يفترض أن تبدأ الأعمال به في عهد فؤاد شهاب، لكن الرؤساء الضعفاء لم يتجرؤوا على ذلك.

2. بدأت الأعمال بتوسيع أوتوستراد جونية الذي كان فترض أن تبدأ الأعمال به في عهد فؤاد شهاب أيضاً.

3. تضاعفت مداخيل الجمارك بفضل التعيينات العونية.

4. تضاعفت مداخيل كازينو لبنان ووضع حد للتدهور المالي الذي كاد يطيح به وينهيه بالكامل بفضل التعيينات العونية.

5. بدأ العمل الجدي لاستخراج النفط.

6. بدأ العمل الجدي ببناء معامل إضافية لإنتاج الكهرباء بعد بناء العونيين لمعملين وإصرارهم على تأمين الكهرباء بواسطة البواخر – ريثما – يتم بناء المعامل الجديدة بدل الاستسلام لمافيات المولدات.

7. أقر النظام النسبي الذي يعزز فرصة جميع المجموعات بالتمثل، ورضي العونيون بذلك رغم سماحه لخصومهم بالتمثل في جبل لبنان.

8. شهد لبنان لأول مرة منذ عام 2012 عامين هادئين بالكامل لم تشوبهما أية شائبة إرهابية بعدما سمح الرئيس القوي للجيش بأن يكون بالفعل قوياً.

9. تحولت السفارات اللبنانية في العالم إلى خلايا نحل اقتصادية تعمل على تأمين مئات الاتفاقيات لتصريف الإنتاج الزراعي والصناعات الزراعية، وهو ما كان يجب أن يحصل قبل أكثر من نصف قرن أيضاً.

10. مصالحة الخليج رغم كل الحملات، لا بل الحروب، والتوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي ووضع حد لنوايا العقاب الجماعي الثأرية والعمل الجدي لوصل ما انقطع اقتصادياً.

11. استعادة الحريري وتأمين الاستقرار السياسي بكل ما يتطلبه ذلك من خطوط حمراء في مواجهة طموحات المستقبل سابقاً والمستقبل اليوم.

فقط! لو كان في القصر الجمهوري مكتب إعلامي حقيقي أو حتى مستشار سياسي أو إعلاميّ واحد “عليه القدر والقيمة” لأمكن تعداد 111 إنجازاً هنا وأكثر (بالإذن من الأستاذ الكبير رفيق شلالا الذي يلعب دور إداري وليس استشاري)، وكان آلان عون سيكون قادراً على دعوة مرسيل غانم إلى أن “يروق شوي” ويكف عن تحميل العهد ما لا علاقة له به من قريب أو بعيد، لكن مع الأسف المشكلة ليست في الخارج؛ المشكلة في الداخل. الأقربون أولى بتحمل المسؤولية عن القدح والذم والتشهير اللاحق بالعهد من الأبعدين. لا يمكن مواجهة تكنولوجيا عام 2018 بحمام عام 1988 الزاجل؛ خصوم الرئيس يقودون سيارة موديل 2018 فيما هو يسابقهم بسيارة موديل 1988؛ وليتمهل من سيسارعون إلى نفخ عضلاتهم الآن: نتائج الانتخابات أظهرت أن الرأي العام لا يتفاعل معكم أو يواكبكم أو يفهم عليكم.