العقدة السنية- الشيعية تعيدنا الى مرحلة انقسام 8 و14 المشؤومة لا نقبل بها في عهد ميشال عون
***
غداة تراجع الفرص الى ما دون الصفر، وفي الامتار الاخيرة من تشكيل الحكومة، وفيما كانت الانظار متجهة الى تذليل العقدة الاخيرة الحقيقية المتعلقة بحجم تمثيل القوات اللبنانية، التي حالت دون اعلان مرسوم تشكيل الحكومة العتيدة حتى أول من امس، تراوح عملية تأليف الحكومة مكانها بعد تجميد المشاورات في شأنها، بانتظار تذليل العقدة السنية- الشيعية، المستجدة والتي يمكن وصفها بالمختلقة، نظرا لبروزها في اللحظة الاخيرة.
هذا في الشكل، اما في المضمون وبالعودة الى جذور هذه العقدة القديمة الجديدة، فهي كانت تظهر في كل الحكومات التي كانت تشكّل في لبنان، منذ اتفاق الدوحة والانقسام العامودي ما بين قوى 8 آذار وحليفه التيار الوطني الحر و14 آذار، ولكن من دون ان تعرقل هذه العقدة، أي حكومة شكّلت، أمّأ اليوم وبعد أن تنفّسنا الصعداء بانتهاء تلك المرحلة المشؤومة، بانتفاء اسباب هذا الانقسام وانتهاء مفاعيل 8 و 14، بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، فتلاقى اللبنانيون بعد تباعد، فما هي الحجة للتمسّك بما يسمّى بسنّة المعارضة، وهم يعارضون من؟ الجواب مزعج لكل لبناني يرفض مذهبة العمل السياسي، ويرى في العهد الجديد أملاً تاريخياً قد لا يتكرّر، لبناء نظام حديث، قائم على الكفاءة والعلم، يخرجنا من النظام الطائفي المقيت، القائم على الفساد، والذي يبدو ان بعض القوى السياسية تتمسّك بإعادة انتاج قديمه، بأدوات جديدة.
أمّا اذا تمعّنا النظر بمطلب تمثيل النواب الستة السنّة، فهو إضافة الى انه يشكّل طرحاً مذهبيا واضحاً، إذ يعتمد على الكوتا السنّية للتمثيل، لا الحزبية او الفكرية، فهو ايضا لا يمت الى الدستور ولا حتى الى الاعراف المتّبعة في التمثيل بالحكومات، بصلة، ومن الواضح ان المتمسكين بهذا الطرح والساعين اليه، هدفهم سياسي بالنتيجة، أولها اضعاف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وهذا ما لن يقبل به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في عهده، لأن التسوية الرئاسية التي تعتبر ناجحة وأحد مداميكها الاساسية هي العلاقة بين الرئيس عون والحريري، القائمة على رجال الدولة الاقوياء في مجتمعاتهم كما على الصعيد الوطني، يضرب أسسها هذا الاداء، وما يحصل حاليا في الحكومة منذ العقدة القواتية التي جاءت نتيجة تكبير حجم القوات اللبنانية، وكان مطلباً سعوديا ضاغطاً على الحريري، الى العقدة الراهنة السنية- الشيعية، وأسبابها هذه المرة داخلية، وهذا الاداء بالمحصلة يصب في اطار اضعاف رئيس الحكومة، الذي يجب ان يكون قوياً مثلما هو رئيس الجمهورية، لتعود مكَنات الحكم الى العمل والانتاج والمضي قدماً في مرحلة النهوض بلبنان التي بدأها سيد العهد الرئيس العماد ميشال عون، منذ وصوله الى قصر بعبدا، ولكن يجب ان تستكمل، بحكومة العهد الاولى.