عماد مرمل-
على رغم الإنطباع السائد ومفاده أنّ العقدة الدرزية باتت غير عصيّة على المعالجة بعد الإشارات التي أطلقها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط في هذا الاتجاه، إلاّ انّ رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال ارسلان لا يبدو أنّه على الموجة نفسها، بل يتشدّد أكثر من أي وقت مضى في التمسّك بتسمية الوزير الدرزي الثالث، رافضاً أن تشغل هذا المقعد شخصية درزية وسطية، ومنتقداً بحدّة سلوك الرئيس المكلّف سعد الحريري.
ويقول ارسلان لـ«الجمهورية» انّ أحداً لم يناقشه في أي حلّ للعقدة الدرزية، وأنّه غير معني لا من قريب ولا من بعيد بما يتردد في الإعلام عن حلحلة في مسألة التمثيل الدرزي في الحكومة، «وعندما سألت حلفائي عن حقيقة الأمر قيل لي انّه لن يحصل شيء لا أكون راضياً عنه».
ويشير ارسلان الى انّ الكلام المُتداول حول قبول جنبلاط أن يتمثل بوزيرين درزيين على ان يكون الثالث وسطياً، «مؤداه العملي انّ ما لجنبلاط هو له وحده، وما لنا هو له ولنا»، مؤكداً أنّه لا يستطيع الموافقة على هذه «المعادلة المجحفة». ويضيف بلهجة حازمة: «إمّا أن يكون الوزراء الدروز الثلاثة وسطيين جميعاً، وإما يسمّي جنبلاط إثنين منهم وأنا أسمّي الثالث».
ويؤكّد إرسلان «انّ المطلوب ان يكون الوزير الثالث منتمياً الى خطّنا واستراتيجيتنا وخياراتنا ومقاومتنا، وعندما يُطرح عليّ إسم تنطبق عليه هذه المواصفات سأقبل به فوراً». ويقول: «لو كان الوزير المقترح إبن عمي ولا تتوافر فيه الشروط التي أشرت اليها فإنني لن أتردد للحظة في رفضه».
ويلفت ارسلان الى انّه «لم يعد هناك من مكان للون الرمادي في طائفة الموحّدين الدروز، خصوصاً بعد الفرز الحاد الذي انتجته مرحلة الانتخابات النيابية وما بعدها، وبالتالي فان الوزير الرمادي ليس موجوداً في هذه الظروف، وإن وُجد فسيكون مكبّلاً بقيود عدّة، الامر الذي لا يمكن ان نتحمّله، خصوصاً انّ لبنان قد يواجه مستقبلاً تطورات حسّاسة تتطلب مواقف واضحة وحاسمة».
ويشدّد ارسلان على انّه لم يعد متمسكاً بتوزيره شخصياً، ويقول: «شرطي الوحيد هو أن يكون الوزير الثالث مندرجاً كلياً في خطنا السياسي، أما إذا أرادوا ان يفرضوا أمراً واقعاً وان يسمّوا شخصاً ليس قريباً مني، فإن عليهم آنذاك ان يتحمّلوا المسؤولية والتبعات، وأن لا يتوقعوا نيل مباركتي، خصوصاً انّ أي تصرّف استفزازي من هذا النوع سيؤدي الى زيادة الانقسام والتشنج في الوسط الدرزي».
وهل تشاور الحريري معك في شأن إيجاد مخرج للعقدة الدرزية؟ يجيب ارسلان بنبرة عالية: «الحريري يحتاج الى أن يتحرّر في المضمون وليس في الشكل فقط. ومن المؤسف ان تكون شخصية رئيس الحكومة، أياً تكن هويتها، ضعيفة الى هذا الحد، وبلا لون او طعم، وأسوأ ما في الامر انّ لبنان هو الذي يدفع بالدرجة الاولى ثمن هذا الاسلوب في التعاطي». ويضيف: «لقد صدمني سلوك الحريري الذي اعتبر في مقابلته التلفزيونية انّ مشكلة التمثيل الدرزي ستُعالج بالتعاون بينه وبين الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط من دون ان يلحظ ضرورة التشاور ايضاً مع رئيس الجمهورية، وكذلك معي، انطلاقاً ممّا أمثّله على المستويين الوطني والدرزي، وهو بذلك يكون قد فاته انّ العريس موافق وأهله كذلك، لكن العروس غير موافقة بعد».
ويرى ارسلان، انّ طريقة تصرّف الرئيس المكلّف «تعكس كتلة من الحقد وتؤشّر الى انّه أصبح رهينة لمزاج بعض حلفائه سواء من الدول او الأشخاص»، مشدداً على «أنّ من حق الحريري ان يتّخذ الموقف السياسي الذي يعتقد أنه الأنسب، حتى لو اختلف معنا في الرأي، إلاّ انّ المُستغرب هو انّه حوّل الخلاف قطيعة، بحيث انّه لم يكلّف نفسه عناء الاجتماع بي حتى يستمع الى طروحاتي وأستمع الى طروحاته في شأن المقاعد الوزارية الدرزية، كما انّه لم يحافظ على العلاقة الأخلاقية في الحدّ الادنى، مفضلاً ان يكون طرفاً منحازاً الى فئة على حساب أُخرى».
-الجمهورية-