– يعقوبيان تكمل حملتها على العهد بطلبها من القصر الجمهوري الاعتذار
***
بعدما كثر الجدل في الفترة الاخيرة حول المرأة ودورها في المجتمع كما في السياسة، ويتخذ النقاش حولها في الدول العربية ومن بينها لبنان، في بعض الاحيان منحى عنفيا لفظياً، من المفيد شرح ماهية مصطلح “الجندر” Gender وضرورة تمييزه عن مصطلح “الجنس”، ولكلّ منهما وظيفته وهدفه، فالجندر هو مفهوم تحرري يهدف لتحقيق العدالة في المجتمع، وتغيير واقع التمييز واللامساواة المبني على أساس الهوية الجنسية (ذكر أو أنثى) مع كامل الاعتراف بهذه الهوية وخصائصها البيولوجية ، ولكن ما يهدف إليه “الجندر” هو أن لا تكون هذه الخصائص البيولوجية أساسا للتمييز بين الجنسين في المكانة الاجتماعية ومن ثم الانتقاص من الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية .
وخلاصة الفكرة أن فلسفة الجندرية تسعي إلى تماثل كامل بين الذكر والأنثى، وترفض الاعتراف بوجود الفروق، وترفض التقسيمات حتى التي يمكن أن تستند إلى أصل الخلق والفطرة، فهذه الفلسفة لا تقبل المساواة التي تراعي الفروق بين الجنسين، بل تدعو إلى التماثل بينهما في كل شيء، وهنا بالتحديد يكمن الخلاف بين المحللين الاجتماعيين حيث ينادي قسم منهم بالمساواة وقسم آخر بالتماثل، ويرفض القسم الاول التماثل باعتبار ان لكل من الجنسين دوره ووظيفته بالفطرة، ولا يمكن إزالة الفوارق البيولوجية او اعتبارها غير موجودة، بعكس ما هو سائد لدى المرأة في الغرب.
ولكن ما يهمنا من وراء هذا الشرح هو ما يحدث في مجتمعاتنا وبالاخص في المجتمع اللبناني حيث تختلط الامور لدى المنادين بحقوق المرأة، فيفقدون المنطق السليم كما يضيّعون الهدف، وما حدث في اليومين الماضيين بالتحديد يثبت هذا الضياع لدى المختصين، فبعدما شن بعض ممّن يسمّون أنفسهم “مدافعين عن المرأة وحقوقها”، ودخل على خطّهم كل من يدّعي احترامه للمرأة ودعمه لنيل حقوقها، حملة على المحامي والكاتب السياسي جوزيف ابو فاضل، لانتقاده نائب الامة بوليت يعقوبيان، مع العلم ان ما ادلى به من رأي لا يتخطى سقف ما ادلت به يعقوبيان من آراء صوّبت فيها على رئيس الجمهورية، ومن دون وجه حق، ولا منطق سياسي، استخدمت فيها تعابير نافرة بحق الرئيس والعهد، مثل قولها: “انا لا أتكلم عن الصغار بل اصوب دائما على الرأس”، ووصفعا العهد “بالعهد القذر” وغيرها من توصيفات مسيئة، فضلا عن اطلاقها قصصا غير صحيحة في ما خص الطائرة الرئاسية، وإصرارها عليها حتى بعدما جاءتها توضيحات من مصادر في القصر الجمهوري، لا بل اكملت حملتها مطالبة باعتذار من القصر الجمهوري عما صدر بحقها من قبل ابو فاضل، بدل ان تعتذر هي من الشعب اللبناني على استنادها الى معلومات مغلوطة في حملتها على رئاسة الجمهورية، ما استوجب ردّا من ابو فاضل بنفس المستوى، غير ان القضية اتخذت هذه الابعاد، فقط لأن صودف ان الرد جاء على نائب امرأة لا رجلا، وإلا لكان مرّ ما ادلى به ابو فاضل مرور الكرام، وهنا يتضح لنا ان مفهوم الجندر لدى هؤلاء مشوّه وهم لا يفقهون به ولا يفهمون معناه، لا بل يخلطون بين مفهومي الجندر والجنس.