عَ مدار الساعة


“الوفد الرئاسي الموسَّع” والذمم الواسعة..

– بودِّنا أن نرى سياسي واحد ينتقد عهد فخامة الآدمي، ولديه ذرَّة من الآدمية.. (أمين أبوراشد)

***

لا تستحق تلك الطائرة المزيد أكثر مما حُكِي عنها، ولا يستحقون أولئك الذين اعتبروا أن الوفد المُرافق لفخامة رئيس الجمهورية الى الأمم المتحدة، موسَّع، وهم يُدركون ويتجاهلون بذممهم الواسعة أنه أصغر وفد رئاسي منذ عقود.

ولا شأن لنا بتقنية حجز طائرة للرئاسة الأولى من طرف شركة طيران الشرق الأوسط، ولا بالإرباك الذي حصل، وتتحمَّل إدارة هذه الشركة مسؤوليته ومسؤولية تأخير أية رحلة تزامنت مع طائرة فخامة الرئيس، وبعض الأبواق التي صدحت وقلبها على المسافرين الى القاهرة، كان يجب أن تصدح عندما تعطلت أجهزة معلوماتية الحقائب في المطار، ولم تدفع الشركة المُشغِّلة أكثر من عشرة آلاف دولار كعطل وضرر عن تأخير آلاف المسافرين الذين علقوا في المطار.

ولِمَن جعل من هذه الطائرة ذريعة ليطير في أجواء تحقيق نصر سياسي، ولِمَن اعتبر أن الوفد المرافق لفخامة الرئيس موسَّع ومُكلف للدولة اللبنانية نقول:

أولاً، ليس فخامة الرئيس عون من هواة البهرجة، وهو الزاهد بكل مظاهرها، وليس هناك من هو أحرص على أموال الدولة أكثر منه، ولا حاجة لأن نغوص في ملفات فساد أصحاب المزارع السياسية والمالية والصفقات القَذِرة، التي لم يجرؤ أحدٌ على مواجهتها قبل ميشال عون.

ثانياً، يُفترض بالإعلام اللبناني الذي نحترم بعضه، بدل أن يتلهَّى بحكاية طائرة “وعنزة ولو طارت”، أن يُضيء على إنجازات يُحققها هذا العهد، سواء في سياساته الخارجية، أو داخلياً عبر التفتيش المركزي والقضاء وكافة الأجهزة الرقابية، وعدم التعتيم عليها والإكتفاء بالتركيز على سلبيات ورثها فخامة الرئيس عون، في ملفات الإقتصاد والكهرباء والنفايات ويلزمها المزيد من الوقت للمعالجة، نتيجة التراكمات خلال السنوات الماضية.

ثالثاً، إن الهدر الحاصل في الأموال العامة ليس ناتجاً فقط عن السرقة والصفقات، بل عبر قطاع عام مدني وعسكري يُعاني من تُخمة في التوظيف، لأشخاص “محسوبيات” يتقاضون رواتباً ولا يُزاولون عملاً، وأشخاص يُداومون مع صفر إنتاجية، وأشخاص يقومون بمهام مُعيبة، وهم عناصر مواكبة للشخصيات السياسية والعسكرية، وبصرف النظر عن أعدادهم المُبالغ فيها، خاصة للشخصيات التي استوجبت مواقفها غير الوطنية حمايتها، فإن هؤلاء العناصر يعملون كما الخَدَم لدى مُشغِّليهم، لدرجة أن إحضار “الدليفري” للمدام ونقل النفايات من المنزل، والقيام بأعمال “سنكرية” باتت مهامهم، ولا حاجة للحديث ايضاً عن موظفيّ النهب والسرقة في الدوائر المالية والعقارية وكل دوائر مغارة “علي بابا”.

رابعاً، كان بودِّنا أن نرى سياسي واحد ينتقد عهد فخامة الآدمي، ولديه ذرَّة من الآدمية، إذ لا نسمع نعيقاً على العهد سوى من غربان حكومات العهود السوداء السابقة التي أوصلت البلد الى هذا المستوى.

خامساً وأخيراً وليس آخراً، كل ما يحصل من تنسيق في الهجوم على العهد، يهدف الى إفشال كل الخطط الإصلاحية المُقررة لبناء دولة، والتي سوف تجد طريقها الى التحقيق سواء تشكَّلت الحكومة اليوم أو بعد أشهر، ومشكلة البعض ليست فقط مع فخامة الرئيس عون، بل هي مع مَن ناضل سنتين ونصف، ليأتي الى بعبدا شخص أول حرفين من إسمه “ميشال عون”، ومَن يعتبر نفسه مهزوماً في مواجهة المقاومة، منذ التحرير عام 2000 الى الإنتصار عام 2006 الى التحرير الثاني عام 2017، عليه أن يُدرك حقيقة ثابتة ونهائية:

كما كان ممنوعاً على أحد لا يملك نظافة ووطنية ميشال عون أن يصل الى بعبدا، ممنوعٌ أيضاً لكل يدٍ وسِخَة بارتكابات الحرام أن تُلامس هذا العهد بمزيدٍ من الإرتكابات، ومسألة بناء الدولة هي قرار على مستوى كبار، وكفى زواحف الجحور التطاول على قامة أعلى وأنقى من جبل صنين، خاصة عندما يكون “جبل الدولة” متكئاً على “جبل الوطن” والسلام…