عَ مدار الساعة


ربما حان الوقت، يا سماحة السيِّد.. (أمين أبو راشد)

– من استطاعت يُمناه أن تحرر وتحمي وطناً، قادرٌ بيسراه انقاذ الوضع والمُشاركة ببناء دولة 

***

بدايةً أسعد الله أيامك يا إطلالة الإشراقة التي نقرأ فيها الأمل بهذا الوطن، وعظَّم الله أجرك في الأيام العاشورائية القادمة علينا، لأن استحضار الثورة الحُسينية واجب الوجوب طالما هناك على الأرض ظُلم، وطالما أن سيف الدفاع عن الحق واجب الوجود وبعد،

إسمح لي يا سيِّد الأدبيات الخطابية، أن أصرخ بحضرتك الوجع، وأن استلهم التجزئة في مقالتي وباختصار شديد، خاصة أن عنوان المقالة قد يفهمه الوطنيون الشرفاء بكل إيجابية، وقد يعتبره المُنحرفون العملاء دعوة الى السلبية، ولتكُن هذه المقالة/الرسالة الى مقامكم مُقتضبة من جزئيتين.

في الجزئية الأولى:

أولاً، لا نعني بعبارة حان الوقت، ما يتداوله السخفاء عن أن 7 أيار قادم، ولا نعني بها أن حزب الله ينتظر نصراً في إدلب، رغم ان البعض ينتظر النصر من لاهاي عبر أحكام تلك المحكمة المهزلة، التي سمَّت المُتهمين بالتواتر منذ العام 2005 يوم قرر صُنَّاع شهود الزور أن حزب الله متورِّط مع سوريا في تلك الجريمة، وجُلّ ما فعلته هذه المحكمة الكاذبة، أنها امتصَّت الملايين من خزينة الدولة اللبنانية وعرق الشعب اللبناني على مدى سنوات لتُطلِق هذا الشهر أحكامها التي لا تعنينا.

ثانيا، لا نعني بعبارة حان الوقت، أن ينقضّ حزب الله على طاولة تشكيل الحكومة ويحسِم موضوع طبخة البحص، لأنكم يا صاحب السماحة بقدر ما أنتم معنيون بالأمور الوطنية الكبرى، زاهدون كثيراً بما يرتبط بمناصب الدولة، ولا ننسى مقولتكم الشهيرة: “خذوا الدولة واتركوا لنا بندقية المقاومة”، وزاهدون لدرجة، أن وزارات الصناعة والزراعة والتنمية الإدارية باتت وكأنها حصَّة التحصيل الحاصل لحزب الله، والبعض يُطالب بوزارة سيادية ويُمنِّن أنه يتنازل عنها، وهو أبعد ما يكون عن السيادة، سواء خلال حرب التحرير عام 2000، أو نصر تموز عام 2006، أو النصر الأخير على الإرهاب عام 2017، ورغم ذلك وبكل وقاحة، يحلم هذا البعض بوزارة الدفاع، ويتناسى أن ثقافة المدرسة العسكرية ترفضه وتأنف من تاريخه مع الجيش اللبناني، ويحلم بوزارة الخارجية مع مُعاداة سوريا والزحف خلف الشحَّاطة السعودية، وليكون صوت الطعن بالوطن المُقاوِم على المنابر الدولية!

ثالثاً، لا نرغب تكرار ما يُردِّده الغيارى على حزب الله والمقاومة – وهم صادقون- أنكم لم تقطفوا ثمار انتصاراتكم كما فعلت سائر مقاومات العالم عبر التاريخ، وربما يا سيِّد المقاومة ما فعلتموه هو منتهى الحكمة، لأن السياسة على الطريقة اللبنانية هي أدنى وأوضع من أن تسقط من أجلها نقطة دمٍ من شهيد، ولكن، رغم كل ما تقدَّم نقول ونؤكد أنه حان الوقت، وقت الحسم، وعلى طريقتكم يا سماحة السيِّد.

في الجزئية الثانية:

أولاً، مهما جامَل المُجاملون، ومهما ادَّعى المارقون، فلا أحد حَسَم موضوع وصول أقوى رجل مسيحي في الشرق الى قصر بعبدا سوى وفاء سماحتكم، وصوابية رؤيتكم، وعظمة عنفوانكم اللبناني، أنه لا بُدَّ ولا بديل من شخصٍ إسمه ميشال عون “جبلاً” على جبل بعبدا، وكل نائب شارك في انتخاب فخامة الرئيس عون عبر كتلته أو منفرداً، إنما شارك من قبيل التحصيل الحاصل لنصرٍ سياسي حقَّقه حسن نصرالله بمواجهة القوى الدولية والإقليمية والمحلِّية على مدى سنتين ونصف.

ثانياً، إن الشعب اللبناني لم يُراهن يوماً على تغيير الحكومات، طالما أن الفساد هو بيانها الوزاري المشترك، لكن إعلانك يا سماحة السيِّد قبل وخلال وبعد الإنتخابات، عن برنامج عمل لمكافحة الفساد والمُشاركة ببناء الدولة ووجوب إنشاء وزارة للتخطيط، وأخذ هذه الأمور على عاتقك الشخصي بالإشراف المباشر على اللجان والملفات، هو الذي أعطانا الأمل والثقة أن شراكة الفخامة والسماحة سوى تبني دولة انتظرناها عقوداً من السنوات، ونحن واثقون أن هذه الدولة سوف تولَد على يديّ كبِيرَين شامِخَين من هذا الوطن.

ثالثاً وأخيراً، لستَ يا سماحة السيد من المعنيين دستورياً بتشكيل هذه الحكومة، لكن مسؤوليتك الوطنية في تشكيلها هذه المرَّة مُضاعفة، أولاً لحماية الإنجازات الوطنية التي تحققت على يديك، وثانياً لأنك الشريك الأوحد لفخامة الرئيس عون بوجوب قيام دولة، وهذه الشراكة التي باركها “مار مخايل” والتي اثمرت استقراراً وطنياً واجتماعياً وأمنياً، نريدها أن تُثمر سياسياً، بانجاز طبخة “بَحصِهم” الحكومية، ورفع يدّ الطبَّاخين الإقليميين عنها، لتكون انجازاً لبنانياً كما حصل في انتخاب فخامة الرئيس عون وفي الإنتخابات النيابية، ووحدك القادر من باب المَونَة على الكثيرين أن تجمع أهل الخير والصلاح منهم على مأدبة التفاهمات والتواضع في المطالب، ونحن لنا كل الثقة بقدرة فخامة الرئيس أنه بيّ الكل، وبقدرة سماحتكم في الجمع، ومن استطاعت يُمناه أن تحرر وتحمي وطناً، قادرٌ بيسراه انقاذ الوضع وبدء المُشاركة ببناء دولة تليق بوطن السيادة، وحان وقتكم يا سماحة السيِّد، لأن هذه الدولة لن تبنيها سوى شراكة الكبار…