أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عن العلاقات اللبنانية – السورية .. دمشق لن تقبل راهناً ما قاومته سابقاً

حسان الحسن-

لاريب أن للأزمة السورية تداعيات سياسية وإقتصادية وأمنية وإجتماعية على الأوضاع اللبنانية، أبرزها: أزمة النزوح، إقفال المعابر البرية في إتجاه العراق، ودول الخليج، وتركيا، التي تشكل متنفساً إقتصادياً مهماً للبنان، بحكم الجغرفيا، لأن ليس له أي منفذ بري لتصدير المنتوجات الصناعية والمحاصيل الزراعية اللبنانية، إلا عبر المرور في الأراضي السورية، وهناك أيضاً الخطر على الوضع الأمني.

ولكن تتصدر أزمة النازحين السوريين الى لبنان، ومطالبة بعض الجهات اللبنانية وفي طليعتهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، وعدم ربط هذه العودة بالحل السياسي للأزمة السورية، كل ما عداها من التداعيات المذكورة آنفا، كذلك تشكل أبرز القضايا الخلافية بين الأفرقاء اللبنانيين المنقسمين في الرأي في شأن العودة المرتجاة من جهة، وبين القوى اللبنانية التي تطالب بإنهاء أزمة النزوح وبعض الدول التي تربط “العودة” بالحل السياسي، من دون أي مبررٍ من جهة أخرى،ولاتزال هناك أيضاً ضغوطاً من المجتمع الدولي تحاول أن تنفذ الى الساحة اللبنانية من خلال الخلاف اللبناني الداخلي في شأن كيفية التعاطي مع أزمة النزوح، ولكن على ما يبدو، فإن رئيس الجمهورية لديه قرار واضح وحاسم بعودة النازحين الى المناطق الآمنة في بلادهم.

خصوصاً أن الدولة السورية إستعادت غالبية أراضيها من المجموعات التكفيرية المسلحة، وهي في صدد الإستعداد للتقدم نحو إدلب، المعقل الأكبر للمسلحين المرتبطين بتنظيم “القاعدة”. ولا يمكن تحقيق هذه العودة المرتجاة، إلا من خلال تفعيل التنسيق والتعاون مع السلطات السورية المعنية، ولكن لايزال بعض الأطراف اللبنانيين يكابرون في رفض هذين الأمرين، رغم الإنفتاح الإقليمي والدولي على الجارة الأقرب، بحسب ما ذكرت أبرز وسائل الإعلام العالمية الموثوقة.

إذا، من البديهي أن يكون لعملية إستعادة إدلب المتوقعة إنعكاساً على الساحة اللبنانية، بخاصةٍ على المستويين الأمني والسياسي، فالوضع في لبنان قبل معركة إدلب لن يكون كما بعدها، خصوصاً على المستوى الأمني، وسط تحذيرات دولية من إمكان هروب بعض المسلحين الى لبنان، حيث تتوفر لهم البيئات الحاضنة، التي أسهمت الخطب المذهبية النارية في تأمينها، التي بلغت حدتها عند إندلاع الأزمة السورية. وليس مستبعداً أن ينضوي هؤلاء المسلحون في خلايا نائمة للاستهداف الأمن القومي للبنان وسورية في آنٍ، كما حدث في أوائل ثمانينيات القرن الفائت في طرابلس، الأمر الذي دفع القوات السورية الى الدخول الى هذه المدينة، لإنهاء الحالة الأصولية التي كانت تستهدف الأمن السوري في ذلك الحين، التي كان آخر فصولها في الضنية في العام 1986. بالتالي لن تقبل دمشق، ما رفضته بالأمس، أي إستخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لإستهداف أمنها وبنيتها الاجتماعية، بحكم الجغرافيا، والتشابك العائلي بين البلدين، وهذا الأمر في حال حدوثه سيزيد في تعقيد الخلافات بين البلدين، ويعد خرقاً فاضحاً لمعاهدة التنسيق والتعاون الموقعة بين البلدين في العام 1991.

ولاشك أنه سيعمّق الخلافات بين اللبنانيين حول مسألة عودة العلاقات الطبيعية مع الجارة الأقرب.

اذا في ضوء التطورات الداهمة في المنطقة، بخاصة قرب تطهير إدلب من الإرهاب، لا بد من تضافر جهود القوى اللبنانية للتوصل الى رؤيا مشتركة للتعاطي مع هذه التطورات ومواكبتها، لما في ذلك مصلحة لبنان أولا، ثم حسن الجوار، بحكم الأعراف والقوانين الدولية، فعبثاً تحقيق عودة النازحين الى ديارهم، التي باتت تشكل خطراً وجودياً على البلد، كذلك فتح الطريق المؤدية الى الدول العربية وسواها أمام الشاحنات اللبنانية عبر المعابر البرية السورية، وضبط الأمن في لبنان، إلا من خلال إعادة تفعيل العلاقات بين البلدين.

-tayyar.org-