عَ مدار الساعة


هدفهم استعادة امجاد الميليشيات ليتسلطوا على مقدرات لبنان وعلى رقاب شعب لبنان- نسيم بو سمرا

– الرئيس الذي يملك حزبا داعما لعهده بحجم التيار وتمثيلا شعبيا واسعا لا يمكن عزله ولا كسره

***

رئيس حزب القوات سمير جعجع يطالب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالوفاء، في مقابلته امس بموضوعية والتي لم تكن ابدا موضوعية، ولكن نسأل على ماذا الوفاء؟ على مسار عمره من عمر انتخاب العماد عون رئيسا، لضرب العهد واضعاف الرئيس القوي؟ فربما اعتبر جعجع ان ايصال الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا سيسهل إستهدافه أكثر مما كان سيكون عليه لو بقي في الرابية، وبالتالي إزاحته سياسيا وإفشال مشروعه الانقاذي للبنان، فتخلو حينئذ لجعجع الساحة ليتفرّغ مجددا بالمتاجرة بالمسيحيين واستغلالهم لزيادة ثروته التي حصّلها ليس بعمله وعرق جبينه طبعاً، وقصر معراب شاهد على ضخامة حساباته في البنوك، في حين بات واضحا ان دعم جعجع لإيصال العماد عون الى سدّة الرئاسة، جاء لحسابات مصلحية بعد توقيع اتفاق معراب، باستغلال هذا الاتفاق في مقابل الحصول على امتيازات تعطى له في السلطة، وجعجع تعوّد في تاريخه على البيع والشراء، فمن تاجر بدماء الشهداء، يسهل عليه المساومة على المبادئ والانقلاب على الاتفاقات فيما لو تحولت لغير مصلحته، وهذا ما فهمه باكرا حين لم يتمكّن من ابتزاز الرئيس عون لنيل حصّة لا يحق له أساساً الحصول عليها في الحكومة كما في الادارات الرسمية في الدولة، لأن مشروع الرئيس عون هو اقفال المزرعة وبناء الدولة.
في سياق إثارة جعجع لموضوع حصة رئيس الجمهورية، يثبت بعكس حديثه المتناقض أمس، بأن القوات داعمة للعهد، انه يهدف من خلال إثارته، اضعاف الرئيس عون ليحوله الى ميشال سليمان آخر، أي لا حول له ولا قوة، رئيس ضعيف لا يحكم ولا يستطيع حتى تصحيح المسار السياسي في الجمهورية، وفي هذا السياق بات مفهوما سبب تفريغ جعجع غضبه على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لأن الرئيس الذي يملك حزبا داعما لعهده بحجم التيار الوطني الحر لا يمكن عزله ولا كسره، فضلا عن التمثيل الشعبي الواسع للرئيس عون والذي لم يحصل عليه أي رئيس للجمهورية في تاريخ لبنان الحديث، فيما الطامة الكبرى هي قراءة جعجع للوضع في سوريا وانفصاله عن واقع الاحداث والتحولات الكبرى الحاصلة في المنطقة والتي تصب لصالح سوريا ومحور المقاومة، حيث اعتبر ان الرئيس الاسد لم يعد يحكم سوريا في وقت استرد الجيش السوري وحلفاؤه الايرانيون ومجاهدو حزب الله اكثر من 95 بالمئة من الاراضي السورية، وقد اعترف الغرب مكرها ببقاء الرئيس الاسد في الحكم نظرا للقوة التي بات يشكلها والقادرة على فرض الاستقرار في سوريا ما سينعكس استقرارا في المشرق برمته، وبخاصة بعدما اثبتت روسيا ان الحلف معها موضع ثقة وهي داعمة حتى النهاية للأسد والجيش السوري في مواجهة الاخطار الاسرائيلية كما التكفيرية.

اما لعب جعجع على الكلام في ما خص النازحين السوريين فيدل الى خفة في التعاطي مع ملفات مصيرية للبنان، فهو وإذ يدّعي دعم باسيل في مواقفه في هذا الاطار، يعود بعدها وينتقده بحجة ان القرارات التي اتخذها باسيل هي تعدي على صلاحيات رئيس الحكومة، ويتحمل جعجع في كل الاحوال جزءا من المسؤولية في ما آل اليه وضع النازحين السوريين في لبنان من خلال دعمه للجماعات الارهابية التكفيرية وتشجيعه على دخول النازحين السوريين الى لبنان من دون حدود، كما برفضه اليوم التواصل مع الحكومة السورية لإعادة النازحين السوريين، في حين ان مزايدات جعجع في شأن سوريا مردود لأن تاريخه معروف بتعامله مع سوريا حين كان جيشها في لبنان وخوضه معركة اجتياح 13 تشرين الى جانبها لإسقاط الشرعية في بعبدا المتمثلة آنذاك برئيس الحكومة قائد الجيش العماد ميشال عون، وفي السياق نفسه يتوجه جعجع بنفاقه المعهود أمس في مقابلته، الى الرئيس عون بطلب توضيح من الاخير عن بضعة اسئلة يجب ان يسألها للرئيس الاسد في مكالماته معه، في حين يجب ان نستوضح جعجع عن الاسئلة التي هو سألها للرئيس الراحل حافظ الاسد يوم ذهب الى القرداحة في العام 1992 حين كانت سوريا في لبنان، معزيا بنجله باسل الاسد، لنضيف سؤال في الختام: ان على من تحاول التذاكي وأهدافك باتت مكشوفة وهي لم تتغير، واللبنانيون يملكون ذاكرة جماعية ولن ينغشوا بشعارات القوات الفارغة “كالجمهورية القوية ومحاربة الفساد”، وهدف القوات كان وسيبقى منع قيامة الدولة في لبنان ولذلك ليتمكنوا من إعادة عقارب الساعة الى الوراء في محاولة استعادة امجاد الميليشيات وتسلطها على مقدرات لبنان وعلى رقاب شعب لبنان.