أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


اشتدي أزمة تنفرجي.. وكلشي بوقتو حلو..

– وضع الأصبع على الجرح (حبيب البستاني)

***

مع بداية كل أسبوع تتكشف النوايا الظاهرة والمبطنة ” لتسهيل ” تشكيل الحكومة، ويُدلي كل طرف بدلوه وشروطه التقليدية التعجيزية والتي باتت معروفة والتي لا مجال للاستجابة لها، والتي لا تتطابق ونتائج الإنتخابات وبالتالي لا تحاكي واقع الجغرافيا الجديدة لتوزيع القوى، وكما يقول المثل الدارج ” لو بدها تشتي غيمت”، بمعنى لو أراد المعنيون الإستجابة للمطالب التعجيزية للمعرقلين لكانوا فعلوها، فلماذا إذن الإصرار على طلب المستحيل؟

المشكلة ليست في الحساب بل في السياسة
يقول بعض الخبثاء أن المشكلة عند البعض ليست فقط في علم الحساب، إنما أيضا في علم السياسة وفي مفهومها، فالسياسة هي فن الممكن ولكنها تحولت عند البعض لعبة المستحيل، وبتنا نرى ويا للأسف شركاء في الوطن يكابرون لوضع البلاد أمام مأزق سياسي، متناسين ربما أن البلد لا يمكن أن يخضع للإبتزاز، أياً يكن شكله أكان سياسياً أو اقتصادياً. وأن زمن الضغوطات الداخلية أو الخارجية قد ولى إلى غير رجعة، وأننا قد تخطينا مرحلة الخطر وحتى أننا تخطينا لعبة حافة الهاوية.

تكبير الحجر ليس بالضرورة في سبيل العرقلة
من الواضح ان الشروط السياسية لهذا الفريق باتت تقابلها شروطاً سياسية بل قل تعجيزية لفريق آخر، وهكذا نرى أنه من السهل ممارسة لعبة ” شد الحبال “وبدلا من وجود طرف خارجي يحتكر عملية العرقلة، يمكن خلق أطراف أخرى تشارك في العرقلة، وبالتالي يمكن قلب كل المفاهيم، فإذا كان الإتفاق يتطلب توافق فريقين أو أكثر فإنه يكفي فريق واحد لفرط العقد. أما السؤال المطروح هل مسموح للمعرقلين قطع خيط معاوية أم إن كل شيء هو تحت السيطرة؟

وما هو المقصود بذهاب البعض إلى تكبير الحجر فتتعدى المشكلة عدد المقاعد الوزارية ونوعية التمثيل في الحكومة العتيدة، إلى المعضلات السياسية التي تدخل من ضمن البيان الوزاري وسياسة الحكومة، والعلاقات مع سوريا هي في أولى هذه المعضلات؟

سياسة القفز إلى الأمام ليست حتماً القفز في المجهول
لقد جاء التطور السياسي الأخير لا سيما المطالب ذات الطابع السياسي ليضفي نوعا من الستاتيكو على المشهد الحكومي، وبتنا نرى بأن سياسة ” الشارع مقابل شارع ” باتت مفهوما يطبق في كل المفاصل، وبالتالي فإن كل ذلك يدخل بالنسبة للبعض من ضمن لعبة ” عرض العضلات ” وأنه في النهاية سندخل في لعبة توازنات ستؤدي حتما إلى عقلنة كل الفرقاء على حد سواء، ففي نهاية المطاف لا بد من تشكيل حكومة ولكن ليست أية حكومة. ولكن ما هو السيناريو المحتمل للوصول إلى الهدف المنشود؟

تحرك الرئيس وتدخله الفاعل لولادة قيصرية إن تعذرت الولادة الطبيعية
لقد بات واضحا وأنه وفي ظل التعثر الحاصل في تشكيل الحكومة، وفي ظل المطالب التعجيزية لكل فريق، بات من حق رئيس الجمهورية إن لم نقل من واجبه التدخل لوضع الأمور في نصابها، ففخامة الرئيس المؤتمن على الدستور والمؤتمن على حسن سير المؤسسات الدستورية، لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي إلى ما لا نهاية وهو بالتالي قد وضع حداً زمنياً ليلجأ إلى وضع الأمور في نصابها، ووضع الأصبع على الجرح وحث الرئيس المكلف على إنجاز التشكيلة الحكومية المنتظرة، وهو كما أدار الأزمة التي عصفت بالبلاد إبان غياب رئيس الحكومة في السعودية، يستطيع إيجاد المخارج لأزمة أقل منها خطراً على الدولة والكيان. أما الكيفية والتوقيت فإنها أمور متروكة لفخامة الرئيس، وكما يقول المثل ” كل شي بوقته حلو “.

* كاتب سياسي