المصلحة الوطنية تقتضي تفعيلا كاملاً للعلاقات مع سوريا المنتصرة
***
في وقت يتسابق العالم بشركاته كما حكوماته، على حجز مكان له في عملية إعمار سوريا في بداية انتهاء مرحلة وبداية أخرى أكثر إشراقا للمشرق بأكمله، يتنطح بعض السياسيين وعلى رأسهم الرئيس المكلف سعد الحريري لعزل لبنان عن محيطه الاقرب، ضاربا بعرض الحائط المصلحة الوطنية التي تقتضي تفعيلا كاملاً للعلاقات مع سوريا المنتصرة، ولا عجب أن يعتبر الحريري نفسه خاسرا في سوريا، لأن حساباته تسير بحسب المصلحة السعودية، ما يثبت ان شعار “لبنان اولا” انتهت مفاعيله الظرفية لدى الحريري.
تصديقاً لما تقدّم، لو كان الحريري يقدّم مصلحة لبنان على ما عداها، لكان اعتبر ان لبنان هو الرابح من انتصار الدولة الجارة الوحيدة، ولما كان ضيّع الوقت في تأليف الحكومة، التي ستدير عملية المشاركة في اعادة اعمار سوريا، بدل المراهنة على تبدلات خارجية، لن تكون لمصلحة المحور السعودي المهزوم في كل الاحوال، تعيد نفس التركيبة السابقة للإنتخابات النيابية في الحكم، لأن هذه الانتخابات بدّلت التوازنات السياسية في المجلس وبالتالي يجب ان تعيد انتاج سلطة جديدة، وهذا ما يؤخر تشكيل الحكومة التي لن يرضى الرئيس العماد ميشال عون، شريك الحريري بالتأليف، أن لا تأتي تجسيداً للتغيرات الحاصلة في المجلس النيابي، وهو الذي يصفها بحكومة العهد الاولى ويريد منها ان تعمل فتتصدى للمعضلات القائمة، في حين أن الهم الاول عند اللبنانيين هو إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وهذا بات متاحاً اليوم بعدما استعاد السوريون أرضهم من التكفيريين وأفشلوا مخطط تركيع سوريا بهدف تقسيمها، اما من الناحية الاقتصادية فلن ينجح اللبنانيون بالنهوض باقتصادهم المتردي، من دون علاقات طبيعية مع سوريا تفتح طريق تصدير بضائعه عبر معبر نصيب إلى الخارج، كما بمشاركته في إعادة الإعمار التي تنعش الحركة التجارية كما تزيد الانتاج، كون الساحة اللبنانية تمتلك كل المقومات لذلك، لأنها تشكل قاعدة خلفية ستمر من خلالها كل البضائع والقوى العاملة لإعادة إعمار سوريا.