– عن المادة والإضطراب والخطيئة والمرض بحسب إنجيل مريم المجدلية
***
منذ بضع سنوات، وضع البابا فرنسيس الاحتفال بتذكار القديسة مريم المجدلية (22 يوليو) على قدم المساواة مع احتفالات الرسل الذكور، وقدمها “مثال ونموذج لكل امرأة في الكنيسة.”
هي احدى تلميذات المسيح يسوع ولا اثبات للرأي الشائع انها كانت امرأة زانية… و لكن تعود فكرة أن المجدلية هي نفسها الزانية وأيضاً المرأة الخاطئة التي مسحت رجلي الرب بالطيب، الى إجتهاد من القرن السادس حيث إعتبر أنّ الشياطين السبعة التي أخرجها منها الرب هي “كل الرذائل”، بما فيها الشهوة الجنسية .
أضف الى ذلك ما تحدث عنه بعض الباحثين في الكتاب، أنّ فكرة مريم المجدلية هي نفسها الخاطئة التي مسحت قدمي الرب تعود الى أنّ البعض إختلطت عليه الأمور حين قدّم لنا متى الإنجيلي مريم المجدلية مباشرةً بعد الحديث عن المرأة الخاطئة المجهولة الإسم. وإستطرد البعض أنّ الدهن الذي استخدمته المرأة الخاطئة من قبل “لتطيّب جسدها للأعمال الممنوعة … حوّلته خدمة لله كلية”.
ولكن…
الحقيقة أنه ما يقارب ال 13 مرة يرد ذكر المجدلية بالإسم في الإنجيل ولا نقرأ في أي موضع أنها كانت “الزانية”! لذلك لا إثبات أنها نفسها الزانية التي كادت أن ترجم أو تلك المرأة الخاطئة التي مسحت قدمي الرب في بيت عنيا في اليهودية والتي تبعد مسافة كبيرة (تقريباً 130 كيلو) عن مدينة مجدل موطن المجدلية في الجليل .
من ناحية ثانية، تفيدنا بعض الدراسات أنّ مريم المجدلية كانت أرملة أربعينية ثرية ومستقلة وهذا ما يفسر حرية حركتها وانضمامها للمريمات اذ انّها في سن مقارب لزوجة كلوبا وايضاً ام يوحنا ولهذا انضمت اليهنّ واطلق عليها معهنّ لقب نساء الذي يُعتقد أنه عادة يطلق على المتزوجات والارامل وليس الفتيات.
وبهذا تمكنت ان تتبع المسيح كمعلم وحتى أن تقوم بخدمة التكفين التي أيضاً بحسب ما كان متعارف عليه، هي خدمة تقوم بها النساء الناضجات في العمر وبخاصة الارامل. و المجدلية هي التي أشرفت على كل ما يحتاج إليه السيد من طعام وشراب ولباس وكانت تحرص على أن يظلّ الصندوق عامرًا حتى ولو سرق منه يهوذا ما سرق…كان المال أحد الوزنات التي تملكها هذه المرأة، ولقد أحسنت استخدامه في خدمة الرب والجماعة…. وقد ثبتت إلى المنتهى فكانت تحت أقدام الصليب مع العذراء (يو 19: 25)، وعندما بكرت إلى القبر مع المريمات لتطيّب جسد الرب (مر 16: 1) كانت أول من حدّث القائم (يو 20: 11 – 18) و بحسب دعوة السيد بشرت الرسل الذين إنطلقوا بدورهم الى البشارة في العالم أجمع.
يبقى أن نقول أن ما يجب أن يستوقفنا مع مريم المجدلية لا يكمن بما كانته قبل لقاء الرب (و كلنا أخطأنا و أعوزنا مجده، كما يقول بولس) إنما كيف غيّر هذا اللقاء حياتها لتصبح مرادفة للأمانة والخدمة والمحبة المُرسلة!!
وُجد في بعض كتب التقليد القديمة مدونات تثبت ان مريم المجدلية انتقلت الى السماء موطن القديسين في سنة 63 ميلادية عن عمر يقارب ال 72 سنة! (ar.zenit.org)
إنجيل مريم المجدلية
(الصفحات من 1 إلى 6 غير متوفرة)
الصفحة السابعة
1 (…) “ما هي المادة؟
2 أتراها أزلية؟”
3 أجاب المعلم:
4 “إن كل ما هو مولود، وكل ما خلق،
5 وكل عناصر الطبيعة
6 متداخلة ومتحدة فيما بينها
7 كل ما هو مركب سيتفكك؛
8 ويعود كل شيء إلى جذوره؛
9 المادة ستعود إلى أصول المادة.
10 فليستمع كل من له أذنان.”
11 قال له بطرس: “بما أنك تجعل من نفسك مفسِّرًا
12 لعناصر وأحداث هذا العالم، قل لنا:
13 ما هي الخطيئة في العالم؟”
14 قال المعلم:
15 “لا توجد خطيئة.
16 أنتم من يخلق الخطيئة
17 عندما تتصرفون وفقًا لعاداتكم
18 ولطبيعتكم الذاتية:
19 هنا تكمن الخطيئة.
20 لهذا أتى الخير ليسكن بينكم؛
21 لهذا ساهم في عناصر طبيعتكم
22 ليعيد ربطها بجذورها.”
23 وتابع قائلاً:
24 “لهذا أنتم مرضى
25 لهذا تموتون:
26 كنتيجة لأفعالكم؛
27 لأنكم تفعلون ما يبعدكم…
28 فليفهم من بوسعه ذلك.”
الصفحة الثامنة
1 “يولد التعلق بالمادة
2 شغفًا يتنافى مع الطبيعة.
3 عندئذٍ يتولد الاضطراب في أجسادكم
4 لهذا أقول لكم:
5 “كونوا على تناغم…”
6 وإن كنتم مضطربين،
7 استلهموا مما تقدمه لكم
8 طبيعتكم الحقيقية.
9 من له أذنان
10 ليسمع فليسمع.”
11 وبعد أن قال هذا، (القى) سعادته
12 التحية عليهم قائلاً:
13 “السلام عليكم – ليحل سلامي
14 عليكم ويتحقق بكم!
15 إحرصوا على أن لا يضللكم أحد
16 حين يقول
17 ها هو ذا،
18 ها هو ذا.
19 لأن ابن الإنسان يقيم في داخلكم؛
20 فاتجهوا إليه:
21 فالذين يبحثون عنه سيجدوه
22 فإلى الأمام
23 لتبشروا بالمملكة.”
الصفحة التاسعة
1 “لا تفرضوا أية قاعدة،
2 ما عدا تلك التي كنت شاهدًا عليها.
3 لا تضيفوا قوانين جديدة على تلك التي أعطاها خالق التوراة،
4 كي لا تصبحوا عبيدًا لها.”
5 وبعد أن قال هذا غادرهم وذهب.
6 كان التلاميذ متألمين؛
7 وذرفوا الدموع قائلين:
8 “كيف بوسعنا التوجه إلى حيث الوثنيين والتبشير
9 بإنجيل مملكة ابن الإنسان؟
10 إنهم لم يرحموه،
11 فكيف سيرحموننا؟”
12 عندها وقفت مريم،
13 وقبّلتهم جميعًا ثم توجهت إلى أخوتها قائلةً:
14 “لا تدعوا الألم والشك يتملككم،
15 فنعمته سترافقكم وتحميكم:
16 فلنهلل بالأحرى لمجده،
17 لأنه هيأنا،
18 وهو يدعونا لكي نكون بشرًا بكل ما في الكلمة من معنى.”
19 بهذه الكلمات، حولت مريم قلوبهم تجاه الخير.
20 فانفتحوا على كلمات المعلم.
الصفحة العاشرة
1 قال بطرس لمريم:
2 “نحن نعلم يا أختاه أن المعلم أحبك
3 خلافًا لباقي النساء.
4 لذلك أخبرينا الكلمات التي قالها لك،
5 تلك التي تتذكريها
6 تلك التي لا نعرفها…”
7 قالت لهم مريم:
8 “هذه هي الكلمات التي لم يتح لكم سماعها،
9 سأخبركم بها:
10 في رؤية ظهر لي المعلم
11 وقلت له:
12 “سيدي، أنا أراك اليوم
13 بهذا التجلي.”
14 فأجاب:
15 “أيتها المباركة، يا من لا تضطربين لرؤيتي.
16 حيث يوجد القلب، يوجد الكنز.”
17 عندئذٍ قلت له:
18 “يا سيدي، في هذه اللحظة، هل من يتأمل
19 رؤياك،
20 يراها من خلال روحه؟
21 أم من خلال نفسه؟”
22 أجاب المعلم:
23 “لا من خلال الروح ولا من من خلال النفس
24 إنما من خلال الذكاء الواقع بينهما،
25 فهو الذي يري وهو الذي (…)”
(الصفحات من 11 إلى 14 غير متوفرة)
الصفحة 15
1 “لم أشاهدك هابطة
2 لكنّي أراك الآن صاعدة”،
3 قالت الرغبة.
4 “لماذا تكذبين، وأنتِ جزء منّي؟”
5 أجابت الروح:
6 “أنا رأيتك،
7 أمّا أنتِ فلم تريني؛
8 ولم تتعرفي إليّ؛
9 لقد كنت معك كاللباس،
10 ولم تشعري بي.”
11 وبعد أن قالت هذا،
12 غادرت يملؤها السرور.
13 ثم تقدم المناخ الثالث،
14 الذي كان يدعى الجهل؛
15 وهذا خاطب الروح سائلاً:
16 “إلى أين أنتِ ذاهبة؟
17 ألم يتسلّط عليك ميل سيء؟
18 نعم، لم يكن بوسعكِ التمييز، وكنتِ أسيرة.”
19 عندها قالت الروح
20 “لماذا تحاكمني؟ أني لم أحاكم أحدًا.
21 لقد تسلّطوا علي، وأنا لم أتسلّط على أحد؛
22 لم يتعرّفوا عليّ،
23 أمّا أنا، فقد عرفت
24 أن كلّ ما هو مركّب سيتفكك
25 على هذه الأرضِ كما في السماء.”
الصفحة 16
1 بعد أن تحررت من المناخ الثالث، تابعت الروح الصعود
2 فرأت المناخ الرابع
3 وكانت له سبع تجليات
4 التجلي الأول كان ظلمة؛
5 والثاني، رغبة؛
6 والثالث، جهالة؛
7 والرابع، غيرة قاتلة؛
8 والخامس، تسلط الجسد؛
9 والسادس، حكمة سكرى؛
10 والسابع، حكمة محتالة؛
11 تلك كانت التجليات السبعة للغضب
12 تلك التي أثقلت الروح بأسئلتها:
13 “من أين أتيت أيتها الفانية؟
14 إلى أين أنت ذاهبة أيتها المتشردة؟”
15 أجابت الروح:
16 “لقد حكم بالموت على من كان يضطهدني؛
17 وزال من كان يحاصرني؛
18 عندئذ هدأت رغبتي،
19 وتحررت من جهالتي.”
الصفحة 17
1 “خرجت من العالم بفضل عالم آخر؛
2 وانمحى تصور
3 بفضل تصور آخر
4 فأصبحت أتجه نحو الراحة
5 إلى حيث يرتاح الزمان في قلب أزلية الزمان،
6 أنا ذاهبة إلى الصمت.”
7 وبعد أن نطقت بهذه الكلمات، سكتت مريم.
8 هكذا كان المعلم يحدثها.
9 عندئذٍ تكلم أندراوس وتوجه إلى إخوته:
10 “حدثوني، ما رأيكم بما قالته لنا؟
11 أنا من جهتي، لا أصدق
12 أن المعلم تحدث هكذا؛
13 هذه الأفكار تخالف التي عرفناها.”
14 وأضاف بطرس:
15 “هل يعقل أن يكون المعلم قد تحدث
16 هكذا، مع امرأة،
17 عن أسرار، نحن نجهلها؟
18 هل يتوجب علينا تغيير عاداتنا؛
19 والاستماع إلى هذه المرأة؟
20 هل انتقاها حقًا وفضلها علينا؟”
الصفحة 18
1 عندئذ بكت مريم.
2 وقالت لبطرس:
3 “ما الذي في رأسك، يا أخي بطرس؟
4 وهل تعتقد أنّي لوحدي، من مخيلتي،
5 أخترعت هذه الرؤيا،
6 أو أني أتفوه بأكاذيب عن معلمنا؟”
7 عندئذ تحدث لباوس فقال:
8 “لقد كنت دائمًا أحمقًا يا بطرس؛
9 وها أنذا أراك تتحامل على المرأة،
10 كما يفعل خصومنا.
11 ولكن، إن كان المعلّم قد جعلها جديرة،
12 فهل بوسعك أن ترفضها؟
13 من المؤكد أن المعلّم يعرفها جيدًا…
14 وقد أحبها أكثر منّا،
15 لذلك فليتملكنا الندم
16 ولنصبح ذلك الإنسان الحقيقي؛
17 ولندعه يتجذّر فينا
18 فنؤمن بما طلبه منّا.
19 وننطلق كي نبشر بالإنجيل
20 من دون أن نبحث عن قواعد وقوانين جديدة
21 ما عدا تلك التي كان شاهد عليها.”
الصفحة 19
1 بمجرد أن تلفظ لباوس بهذه الكلمات،
2 انطلقوا ليبشروا بالإنجيل
الإنجيل حسب مريم (ترجمة: أكرم أنطاكي)