أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


في هذا اليوم تحية وفاء الى الأب دعبول وماري كلير الفغالي ولجميع المناضلين

حسان الحسن-

في مثل صبيحة هذا اليوم من العام 2001، توجهنا الى بيروت مع الرفيق المختار جوزيف فنيانوس أنا والرفيقين: بدوي الحلبي وشربل شيحا، وكان الأب شهيد دعبول ينتظرنا عند دوار مستشفى السلام في طرابلس، للتوجه سويا الى ساحة قصر العدل في العاصمة، من أجل المشاركة في الحركة الاحتجاجية السلمية على توقيف اللواء نديم لطيف ورفاقه في التيار الوطني الحر وسواهم، علماً أن “الأبونا” كان موقوفاً قبل يومين لدى مخابرات الجيش في ثكنة القبة في طرابلس، حيث تعرض للضرب والإهانة.

إنطلقنا، ثم توقفنا قليلا عند جسر البترون، حيث كنّا ننتظر شقيقة رفيقنا ناجي ديب الموقوف في المحكمة العسكرية، لترسل له كتبه الجامعية، لأنه كان في طور التحضير لإمتحان الدخول الى كلية الصيدلة في الجامعة اللبنانية. ثم توجهنا الى المكان المقصود، وصلنا، فوجدنا ساحة العدلية أشبه بثكنة عسكرية، كذلك تنتشر في المحلة مجموعة كبيرة من “البلطجية” بلباس مدني، يعتدون على المارة، بهدف ترهيب المحتجين، وتفشيل الاحتجاج السلمي.

ركن المختار سيارته في موقف مستشفى أوتيل ديو، وتوجهنا الى ساحة قصر العدل، فلفتني وجود الرفيقة ماري كلير الفغالي في مقدمة الاعتصام، وكان القضاء العسكري أخلى سبيلها قبل نحو ساعة من بدء الحركة الاحتجاجية. كذلك لفتني أيضاً حضور والدة الرفيق غسان عطا الله الى جانب شقيقته وزوجته، الذين حملوا هم غسان وظروف توقيفه، كان أيضا من بين الحضور الرفيق النائب سيمون أبي رميا، الذي كان يقيم في فرنسا في حينه، وجاء الى بلده في إجازة صيفية. ولم تفلح كل أعمال البلطجة والهمجية والترهيب من إفشال الاعتصام، فعنفّت القوى الأمنية همجيتها على المحتجين، وكان الرفيق النائب زياد أسود من أبرز الوجوه التي نالت قسطاً كبيراً من وحشية أجهزة القمع.

تشاورنا قليلاً في شأن كيفية التعاطي مع الهجمة الهمجية التي نتعرض لها، فكان القرار مغادرة الساحة تباعاً، بعدما أوصل صوتنا للرأي العام، وكان وقتها الرفيقين جورج شقير والمرحوم ميشال حداد، يطلبان من المحتجين المغادرة، بعدما وصلت الأمور الى حد اللامقبول.

ولن أنسى صوت ميشال: “حسان وانت الشاب بسرعة الله معكن الشمال، الأمور عم تزيد عنف”.

أما جورج شقير، فاستقل باص النقل العام، وتوارى من أمام أعين الجلادين.

عندها قررنا العودة الى الشمال، ونحن في طريق العودة الى مرآب مستشفى أوتيل ديو، وإذا بمجموعة من هؤلاء الجلادين باللباس المدني يركضون في إتجاهنا، ويهمس أحدهم في آذان جنود كان يقيمون حاجزاً متحركاً في طلعة المستشفى المذكور، ثم تقدم عناصر المجموعة نحونا، واقتادوا “الأبونا” بالقوة، الأمر الذي استفزنا، خصوصا الرفيق بدوي الحلبي، فبادر أحد أفراد هذه المجموعة بالسؤال لبدوي: “شو مش عاجبك؟”، عندها أمسكت يد رفيقي وطلبت منه أن يكف الشر. وعدنا الى زغرتا بدون الأب شهيد.

وفي عصر ذلك اليوم، قصدت أنا والرفاق: يوسف بوهارون وإيلي مقبض وأنطوان عبود منزل “الأبونا” في بلدة مزيارة الشمالية، وأخبرنا ذويه بما حدث، و عدنا الى زغرتا وأمضيت أنا وشربل شيحا تلك الليلة المشؤومة في منزل المختار فنيانوس، ولم يغمض لنا جفن طوال الليل، نستذكر مع حل بنا.

وبعد نحو أسبوعين خرج اللواء لطيف ورفاقنا مرفوعي الرأس، بينما بقي الرفاق أنطون الخوري حرب، طوني أوريان، ومارون ناصيف في سجن رومية، بعدما حكمت عليهم المحكمة العسكرية قرارا بالسجن لمدة 45 يوما.

-شهادة للحق-