عملية عودة النازحين السوريين انطلقت بعدما وضعها العهد على السكة الصحيحة منذ أشهر
***
وسط انهماك المسؤولين المعنيين بتشكيل الحكومة وقرب تشكيلها في ظل الاجواء التفاؤلية التي اطلقت في اليومين الماضيين وبانتظار لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري بالوزير جبران باسيل، يسير لبنان الرسمي وعلى رأسه الرئيس العماد ميشال عون بتحضير الارضية اللازمة والاجراءات اللوجستية التي تجعل من ملف النازحين في لبنان جاهزاً للتنفيذ، بعد اللقاء الروسي ـ اللبناني الذي عقد تحت عنوان مبادرة اعادة النازحين السوريين.
إنّ أهمية الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا مع الموفد الرئاسي الروسي الذي حمل المبادرة، ووحدة الموقف الذي ظهر بمشاركة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى جانب الرئيس عون، يضع الكرة منذ الان وصاعدا في الملعب اللبناني، لبدء تنفيذ الخطة الروسية في إعادة النازحين السوريين الى وطنهم، من دون الالتفات الى الاصوات النشاذ التي تصدر من بعض الافرقاء في الداخل وعلى رأسهم النائب السابق وليد جنبلاط، وإن كان الرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل قطعا اشواطاً في هذا الاطار منذ أشهر ما ترجم ببدء عودة دفعات من النازيحن الى المناطق الامنة في سوريا وإن كانت اعداد العائدين ما زالت متواضعة، نسبة للعدد الكبير للنازحين الموجودين في لبنان، ولكن تكمن اهمية عودة الالاف من النازحين في الفترة الماضية والتي تسارعت وتيرتها في الاسابيع الاخيرة، بأنها أرست آلية لهذه العودة أشرف عليها جهاز الامن العام بشكل مباشر، وهي آلية يمكن أن تشكل نموذجا للتستند اليها الخطة الروسية في تنفيذ عودة النازحين الشاملة.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبلغ أمس ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بيرنيل دايلر كاردل ترحيبه بالمبادرة الروسية التي أعلن انها تؤمن عودة 890 الف نازح سوري من لبنان الى بلدهم، وسط تأكيد الرئيس عون جاهزية لبنان للتعاون مع هذه المقترحات، واستعداده لتقديم المساعدة اللازمة لتنفيذها ضمن إطار المشاركة اللبنانية في اللجان المشتركة المُزمع تشكيلها.
إذاً بات يمكن القول أن عودة النازحين انطلقت بعدما وضعها العهد منذ أشهر على السكة الصحيحة، وصار يمكن للبنانيين أن يطمئنوا الى بدء زوال الخطر الذي شكله النازحون السوريون على لبنان من النواحي الامنية والاجتماعية والاقتصادية، ففي التقارير التي رفعتها سفارات دول عدة ومراكز أمنية ومؤسسات اقتصادية أجرت مقاربة للأوضاع الإقتصادية في لبنان تحدّثت عن مخاطر جمّة تفيض على ما هو متوقع أمنياً، لا يمكن مقاربتها ما لم يتمّ التخفيف من حجم الضغوط التي تَسبَّب بها النزوح السوري الكثيف وانتشاره على مساحة الوطن الصغير بنسبة قاربت في آخر الإحصائيات 43،7% من سكان لبنان، وهم أنشأوا دورة اقتصادية تكاد تكون مستقلّة تجاوزت نسبتها الـ 37% من الحركة الإقتصادية في البلاد، ورفعت من نسبة البطالة والفقر وتقلّص حجم الإنتاجية في البلاد. وقد رفع بعضهم حجم الخسائر المترتّبة على لبنان الى اكثر من 19 مليار دولار منها ما هو مرئي ومنها ما زال مغطّى تحت غطاء من التدابير المالية والنقدية الصعبة التي لام يكشفها بأكملها المسؤولون اللبنانيون لعدم إشاعة الهلع لدى اللبنانيين، وفي هذا السياق يستذكر الرئيس عون أمام زوّاره بالمقارنة التي أجراها في لقائه مع سفراء مجموعة الدعم مثلاً آخر يدفعه الى استعجال برامج العودة للنازحين السوريين. فقد أجرى في ذلك اللقاء مقارنة بين الأزمتين الفلسطينية والقبرصية، وقال لهم “إنّ النازحين القبارصة الذين زاروا لبنان ودول الجوار في اعقاب أحداث العام 74 عادوا الى بلادهم بعد ساعات على وقف النار ولم ينتظروا الحلّ السياسي. أما الفلسطينيون المنكوبون منذ العام 48 فمازالوا بعد عبور عشرات السنوات ينتظرون الحلّ السياسي في فلسطين المحتلة ليعودوا الى مسقط رأسهم”.
في الختام نؤكد اننا لن نسمح بتكرار التجربة الفلسطينية مجددا وبخاصة في العهد القوي، عهد الرئيس ميشال عون. !