أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


طالما يوجد أحقاد واصرار على الخطأ فالمصالحة المسيحية حاجة وطنية-نسيم بو سمرا

-شياطين الماضي التي أعادت القوات احياءها في ذاكرة المسيحيين لن تنسى بسهولة في كلّ مرّة

***

إن المصالحة بين المتحاربين في أي بلد تقاتل ابناؤه، مهما كانت اسباب هذا التقاتل بين أبناء الشعب الواحد، تحتاج الى مصارحة ومن ثمّ مسامحة، من جهة، كما تستوجب نقداً ذاتيا لدى كلّ من الفرقين المتحاربين من جهة ثانية، وإلاّ من الصعب تخطّي جراح الماضي والتأسيس في الحاضر لبناء المستقبل، وهذا ما يحصل اليوم مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبغض النظر عن المخطئ في الماضي والذي كان أعلن عرّاب المصالحة المسيحية الرئيس العماد ميشال عون، أن التاريخ سيحكم في هذا الاطار، إلا ّ أن ما يصعّب تجاوز تلك المرحلة السوداء من تاريخ الحرب اللبنانية هو إصرار القوات على اتباع المقاربات نفسها للماضي، ما يوصل الى النتيجة نفسها في الحاضر، أي الصدام الحتمي، مع توفّر الظروف نفسها أيضا بوجود الرئيس العماد ميشال عون على رأس الدولة.

في هذا السياق إنّ التصعيد الاخير بين التيار والقوات والذي كاد يطيح بتفاهم معراب، وتمّ انقاذه في اللحظة الاخيرة بعد اعادة القوات لحسابات الربح والخسارة وعدم قدرتها على مواجهة العهد، كما بحصول وساطات، وجاءت الخطوة الأولى للتهدئة في هذا الإطار بإعلانها من الفرقين تمهيداً لوضع خريطة طريق للعلاقة بينهما، وإعادة انطلاق عجلة الحوار التي توقفت نتيجة انفجار الأزمة، فضلا عن دخول البطريرك الماروني بشارة الراعي على الخط، وطرحه الموضوع في اجتماعه امس في القصر الجمهوري مع رئيس الجمهورية، ولكن في المضمون وبالنظر بعمق لما آلت اليه العلاقة مع القوات نتيجة تراكمات ما كانت لتحصل لو فعلا كانت النوايا صافية، كان هدف الاتفاق “بالنسبة للتيار الوطني الحر” على الاقل، هو التعاون مع القوات لإنجاح العهد ومشروع بناء الدولة، في وقت تصرّف وزراء القوات بعكس روحية الاتفاق، فتحوّلوا الى معارضة للعهد ولكن من داخل السلطة، في حين ان تسريب نصّ “اتفاق معراب”، أضرّ بهم لدى الشارع المسيحي في وقتٍ كان هدفهم تأليب الرأي العام المسيحي كما اللبناني ضد التيار، إلا ان ما تبين بعد نشر القوات للاتفاق، أنها لم تدعم وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية انطلاقاً من إقتناع مبدئي كما يحاول رئيس حزب القوات سمير جعجع التسويق دائماً، وانما قاموا بذلك طمعاً بمكاسب ومصالح سلطوية، بحيث بدت المقايضة فجّة ونافرة، في حين أثبت التيار الذي لا يفهم لغة الصفقات وتقاسم المغانم، أنه مبدئي في تحالفاته، وعليه بات موقع القوات الطبيعي ان تتموضع في صف المعارضة، لا السعي الى الدخول الى الحكومة بحصة مضخّمة، لعرقلة العهد، الذي لن يقبل سيّده أن يفشل أحد في لبنان وخارجه، مشروعه الاصلاحي لبناء الدولة وتصحيح الدورة الاقتصادية، لأن اللبنانيين والمسيحيين بشكل خاص لن يسامحوا القوات هذه المرة ايضاً، لوقوفها حجر عثرة أمام نهوض الوطن، حتى لو طلب منهم ذلك التيار الوطني الحر، لأن شياطين الماضي التي أعادت القوات احياءها في ذاكرة المسيحيين بأفعالها في الحاضر، لن تنسى بسهولة في كلّ مرّة، وبخاصة في المراحل المفصلية كالمرحلة التي يمر بها لبنان والمشرق اليوم.