د. حكم أمهز-
هل ستغلق ايران فعلا مضيق هرمز؟ ولماذا؟ ولماذا لا تغلقه ان تعرض نظامها لخطر التهديد الوجودي؟
للاجراءات الامريكية ضد ايران هدفان استراتيجيان اساسيان، الاول تطويع النظام واسقاطه، وفي هذا الاطار يأتي كل ما نشهده من ضغوط على مختلفة المتسويات وحروب خشنة وناعمة وذكية، شكلت لها الامريكيون والاسرائيليون واتباعهما في المنطقة غرف عمليات سوداء، بهدف تقويض الداخل الايراني شعبيا وتأليب الرأي العام الايراني ضد حكومته وقيادته.
بالنسبة للامريكيين وحلفائهم، على ايران ان تختار تنفيذ احد الهدفين،التطويع بما يعني من تمرير لصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وتقديم التنازلات في ملفات المنطقة ، كي تكون مستحلبة ماليا وسياسيا مثلها مثل بعض دول المنطقة، او ان تواجه هدف الاسقاط بالقوة عبر الحروب المذكورة.
اسقاط النظام في مفهوم ايران وحلفائها، يعني اسقاطا ليس للنظام الايراني داخل الجغرافيا الايرانية فحسب، بل لمنظومة محور المقاومة على امتداد الجغرافية الميدانية والسياسية، الممتدة على مستوى الاقليم والعالم.
الايراني حتما لن يقبل بالتطويع، يبقى امامه خيار اسقاط الغاء الوجود اذا صح التعبير، واي انسان يخيّر بين الحرب والغاء الوجود، حتما سيختار الحرب، لان فرص الكسب في الحرب تبقى افضل من الغاء الوجود.
وعليه فان ايران ، تجد نفسها امام مواجهة مفروضة ولا بد منها، الا اذا توصلت الحركة السياسية والدبلوماسية الدولية الى تسوية ما، تحفظ الحق الايراني في الاتفاق النووي.
لماذا الخيار العسكري المتمثل باغلاق مضيق هرمز؟…
عندما نتحدث عن اجراءات حظر امريكية على النفط والصادرات الايرانية الاخرى، فان ذلك يعني، عمليات تمهيدية لخنق ايران رويدا رويدا وصولا الى اسقاط النظام، وبالتالي فان ايران لن تنتظر حتى تضعف، لتواجه بعد ذلك، لان المواجهة في ذلك الوقت، لن تنفع ولن تجدي. لذا فان خيار المواجهة الان، تبقى مكاسبه كبيرة لايران ويمكن ان تقلب هذه المكاسب معادلات المنطقة رأسا على عقب لمصحة ايران ومحورها.
المواجهة الان تعني امورا كثيرة ايضا، منها ان ايران مطمئنة الى ان امريكا ومن معها اذا ما قرروا خوض المعركة فهم لن يضمنوا النتائج، لاسباب بينها، ان ايران لن تقاتل لوحدها عسكريا، فهي ستقاتل مع حلفاء اثبتوا قوتهم وجدارتهم في مواجهة الحرب الكونية في سوريا، ويمتد محور هولاء، من ايران الى العراق فسوريا فلبنان وفلسطين واليمن..
اي ان مضيق هرمز لن يقفل وحده، بل ربما سيقفل معه البحر الاحمر وباب المندب وبحر العرب، والبحر الابيض المتوسط هو في اطار الاستهداف ايضا، وهذا ما سيقوم به حلفاء ايران من اليمنيين واللبنانيين والفلسطينيين السوريين والعراقيين. لان هذا المحور، يعتبر اسقاط ايران اسقاطا له والغاء لوجوده، لان ايران بالنسبة له هي العامود الفقري.
وقد اعلن الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله قبل فترة، ان محور المقاومة بات ذات موقف واحد وجغرافيا واحدة.. واذا ما تعرض احد اعضائه للاستهداف، فهذا يعني استهدافا للمحور كلها. والمحور كله سيواجه.
ولم يكتف السيد نصر الله بذلك، بل توعد الاعداء بالاتيان بعشرات الاف المقاتلين من انحاء العالم للمواجهة…
فكيف، والحال هذه ، ستخوض امريكا واسرائيل مع اتباعهما في المنطقة، حربا ضد شعوب تستوطن المنطقة وتتدرع بامكانية عسكرية وبشرية هائلة ؟
وكيف ستخوض واشنطن حربا بجيش مترهل بحسب ما اعلن العديد من كبار قادة هذا الجيش؟ ولمن يرغب فان التقارير عن هذه الترهل ،منشورة في وسائل الاعلام وليس الامر سرا.
وكيف سيخوض الرئيس الامريكي دونالد ترامب حربا، وهو الذي ابلغ زعماء الاعراب والمسلمين في قمة الرياض، الا تراهنوا علينا في ان نأتي ونقاتل عنكم؟
وهل سيقاتل ترامب باتباعه في المنطقة ؟ وهل هم اصلا قادرون على ذلك؟
مستبعد ذلك ايضا، لان عديد جيوش الدول التابعة للامريكي لا تساوي خمسة في المئة من عديد محور المقاومة، واصلا هذه الدول ضعيفة عن تحقيق انجاز في اليمن الفقير، فكيف مع محور المقاومة؟
ومذا عن قوة هذه الدول، وقد (منّن) ترامب زعماءها اكثر من مرة بقوله، انه لولا حماية امريكا، لم استقريتم اسبوعين على عروشكم؟
ربما البعض يقول ان المعركة قد تخاض باسرائيل.. الجواب، لو كانت اسرائيل قادرة على شن حرب ليس ضد ايران بل ضد حزب الله ، لما تأخرت لحظة.. بل ان اي معركة في هذا الوقت، حتما لن تكون في مصلحتها.
والسؤال المطروح ايضا ، هل ستقبل روسيا والصين، المس بحليفة قوية ومحورية مثل ايران؟
ننستخلص من ذلك، ان اهون الحلول بعد الحلول السياسية في المنطقة، بالنسبة الى ايرن قد تكون حرب اغلاق هرمز. لان كلفة ذلك لا تقارن بكلفة الغاء الوجود. ما يعني ان التهديدات الايرانية جدية جدا، ويجب على الجميع اخدها بعين الاعتبار والعمل على عدم تحقيقها من خلال الزام الاطراف الدولية بتنفيذ الاتفاق النووي.
ولمن يراهن على خلخلة الوضع الداخلي الايراني، عليه ان يلتفت الى ان الشعب الايراني، ربما يختلف فيما بينه حول السؤون الداخلية، ولكن عندما تتهدده رياح خارجية، فانه يتوحد بكل شرائحة وقومياته مع القيادة، وهذا ما عودنا عليه هذا الايرانيون.
والان التهديدات التي تطلقها امريكا ضد ايران، خففت كثيرا جدا من حدة ازمة الوضع المالي الداخلي، وخلقت مناخا الوحدة لان الخطر بات يتهدد كل فرد ايرني.
-العالم-