أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“المجتمع المسيحي” ودروب الجلاجل

– “وثيقة معراب” غامضة كما “سرّ الزواج” ( أمين أبوراشد )

***

أخيراً، وبعد مرور أكثر من سنتين على “تفاهم معراب” كشفت قناة “أم تي في” بتاريخ 05/07/2018، عن الشق السياسي من الوثيقة السياسية السرية لـ”اتفاق معراب” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وفيها تتوزع القوات والتيار الوطني الحر مناصفة المقاعد الوزارية المخصصة لكافة مذاهب الطائفة المسيحية، بما فيها الوزارات السيادية والخدماتية، وبمعنى آخر، فإن كل من هو مسيحي غير منتسب حزبياً للطرفين هو خارج دائرة الإحتساب حتى ولو كان عونياً مناضلاً أو مناصراً للقوات ولا يحمل بطاقة.

وبصرف النظر عن أن هذه الوثيقة لا تُعطي قيمة للإنتخابات النيابية والإرادة الشعبية طالما أن قالب الجبنة محسومٌ سلفاً، فإن أسوأ ما فيها على المستوى الشعبي، أنها غير موقَّعة من فخامة الرئيس العماد ميشال عون شخصياً، وهي غير مُلزِمة للعونيين من خارج الكادر الحزبي، وأسخف ما فيها، أن بعض بنودها كانت لغاية يوم أمس سريَّة، وأتفه ما فيها أن “المجتمع المسيحي” طُلِبَ منه أن يرفع شعار “أوعا خيَّك”، وهو بغالبيته الساحقة غير راضٍ عن أخوَّة مُنزَلة عليه من فوق، يُترجمها أحياناً تكاذباً وأحياناً تضارباً، بسبب وثيقة هجينة أكبر مصيبة فيها هي مسرحية التوافق على “الأمور الإستراتيجية الكبرى” المرتبطة بمصير مسيحيي الشرق.

وطالما أن الفريقين أعلنا التوافق على موضوع استراتيجية الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق، فأي توافق هذا، والقسم الأكبر من المسيحيين يعتبر أن “وثيقة مار مخايل” التي وقَّعها فخامة الرئيس عون مع سماحة السيد نصرالله هي الضمانة للوجود المسيحي، والبعض الآخر من المسيحيين على خصومة مع حزب الله ويُجاهر برفضه لسلاح المقاومة وللمعادلة الثلاثية، لا بل يذهب بعيداً في الإرتماء بأحضان مملكة تعتبر هذه المقاومة منظمة إرهابية؟!

أولاً في الشكل: بقدر ما كانت “وثيقة مار مخايل” واقعية ومُعلنة وواضحة، وبقدر ما خلقت أجواء إلفة شعبية ومحبة حقيقية بين جماهير التيار وحزب الله، بقدر ما جاءت “وثيقة معراب” غامضة كما “سرّ الزواج”، هذا الزواج الذي ما كاد ينتهي شهر العسل فيه، حتى قام “القتال والنقار” بين الزوجين، لدرجة إعلان الهجر وبُطلان الزواج على المستوى الشعبي، وبلغت مستويات التخاطب بين المُناصرين – خاصة على مواقع التواصل- أدنى وأوضع من نشر الغسيل على سطوح بيروت.

ثانياً في المضمون: بقدر ما أن تفاهم الأقليات في هذا الشرق، كان الغالب على منطق “وثيقة مار مخايل”، وبقدر ما أظهر كلٌ من فخامة الرئيس عون وسماحة السيد نصرالله انفتاحاً على كل الشركاء في الوطن عبر دعوتهم الى المزيد من التفاهمات على المستوى الوطني اللبناني، بقدر ما جاء تفاهم معراب بلا أفُق مسيحي ولا وطني، وها هو الوضع اليوم خير شاهدٍ على تفاهمٍ مسيحي يحمل بصمات “يهوذا” على لمسات “وهَّابية”، وبئس هكذا استراتيجية في الحفاظ على الوجود المسيحي، والبعض من المسيحيين باتوا علناً بين أحضان مملكة تعتبر المسيحي كافراً والشيعي رافضياً وكل من هو غير “وهَّابي” من المسلمين مُرتداً، وأفيدونا أفادكم الله وجازاكم عنا كل خير، كيف لنا أن نستمر في هذا الشرق ما لم نبنِ تفاهمات مع مَن يقبلنا على دين المسيح ويُقبل علينا كأخوة له في الإنسانية والمُواطَنَة، فيما بعضنا يسعى الى تفاهمات انتحارية من تحت الطاولة مع مَن يشترون وجودنا وقرارنا بثلاثين من الفضة باتت في الألفية الثالثة، “شنطة سامسونايت”…