يتابع الجيش العربي السوري عملياته العسكرية جنوباً، وحيث تتسارع اماكن سيطرته تباعا، محررا منطقة تلو الاخرى ميدانيا وعسكريا، او عبر التسويات التي يفرضها كأمر واقع ، اقتنعت به او ارغمت، مجموعات المسلحين المشتتي الولاءات والدعم ، لا شك ان هذه المعركة ستشكل مفصلا مهما في الحرب على سوريا، فاين تكمن حساسيتها وقيمتها.
لناحية حساسية العملية؟
تعتبر العملية بدقتها وبحساسيتها، لناحية تحرير مناطق العمليات في ارياف درعا والقنيطرة والسويداء من الارهابيين، وكأنها عملية استئصال اورام خبيثة من عضو أساسي في جسم الدولة، تريده الاخيرة سالما ومعافى ومحرر.
جميع مناطق العمليات العسكرية تحضن باغلبها العدد الأكبر من المواطنيين المغلوب على أمرهم من قبل الإرهابيين، والذين طالما كانوا يريدون الدولة والجيش، وحيث يناور الارهابيون مستغلين وجود المدنيين العاجزين عن النزوح جنوبا او غربا، ينفذ الجيش عملياته في ظروف معقدة وحساسة ودقيقة، تحت ضغط حماية هؤلاء، وفي نفس الوقت لتحقيق الهدف الرئيس من العملية: تحريرها والقضاء على المسلحين او إخضاعهم للتسوية.
تتداخل في تلك المنطقة الجنوبية مواقع سيطرة المجموعات المسلحة الارهابية و غير الارهابية فيما بينها، وحيث تسلك بعضها بالتسوية مقتنعة بها، تعرقل الاخرى ذلك، بالقوة وبالعبوات الناسفة وبالاغتيالات، الامر الذي يعقد عمل الوحدات الامنية والعسكرية لناحية فرز تلك المجموعات والتعامل معها كما يجب.
هذا في موضوع حساسية العملية لناحية التواجد الواسع للمدنيين، او لناحية تقطع السبل بهم لصعوبة النزوح باتجاه الاردن او الجولان، اما لناحية قيمة ما تعنيه هذه العملية، فيمكن تحديده بالتالي:
ميدانياً
– تكتمل في هذه العملية الجغرافيا السورية جنوبا، بين العاصمة دمشق وامتدادا الى الحدود مع الجولان المحتل ومع الاردن، وهذا يعطي بعد ميداني متحرك لانتشار وحدات الجيش العسكرية، مع هامش مناورة واسع ومرونة في العمليات الهجومية والدفاعية، هي اساسية وضرورية في المدافعة عن كامل الوسط السوري، بمواجهة الارهابيين: الاسرائيليين او التكفيريين.
– بعد تحرير الجنوب السوري كاملا من المسلحين، وخاصة ارياف السويداء ودرعا الشرقية والشمالية، بالاضافة لما كان قد تحقق سابقا لناحية تحرير كامل محيط العاصمة شرقا وشمالا وجنوبا، ما بين القلمون الشرقي والغوطتين الشرقية والجنوبية، وما تحقق بالامس من تحرير للبادية من تنظيم داعش الارهابي، يمكن القول انه بذلك قد نزع الجيش العربي السوري من قاعدة التنف قيمتها واهميتها بالنسبة لمعركة الاميركيين ضد الدولة السورية، حيث كانت نقطة ارتكازهم المحورية للضغط وتوجيه الارهابيين في عمليات حساسة وواسعة في كافة الاتجاهات.
عسكرياً
ـ ما يتم تحريره اليوم جنوباً، يعتبر بقعة الدفاع الاساسية في المواجهة الاستراتيجية ضد العدو الاسرائيلي، وحيث شكلت تلك البقعة بعد سيطرة المسلحين عليها الثغرة الاخطر ونقطة الضعف الاهم في تلك المواجهة، في الوقت الذي كانت تتميز فيه ببنيتها التحتية الاساسية لناحية بطاريات الصواريخ والمراكز والملاجىء والانفاق ونقاط الرصد والتنصت، تتحضر اليوم لتعود الى دورها في المعركة ضد العدو بشكل عام وفي الدفاع الجوي بشكل خاص.
ـ يعود الجيش العربي السوري الى خط المواجهة المباشرة مع العدو الاسرائيلي في الجولان المحتل وفي جنوب وادي اليرموك .
ـ يفقد المسلحون الميدان الاستراتيجي الاخير في معركتهم ضد الدولة، خاصة وانهم كانوا يستفيدون في انتشارهم جنوبا، بين درعا والقنيطرة والحدود مع الاردن او مع الجولان المحتل، من عدة نقاط و تقييدات استراتيجية، إقليمية أو دولية.
استراتيجياً
ـ برهنت المفاوضات او المتابعات الدولية والاقليمية، والتي خاضتها وقامت بها روسيا، قبل واثناء التحضير لمعركة تحرير الجنوب، ان القسم من المجتمع الدولي والاقليمي، والذي طالما كان ضد الدولة السورية ضد رئيسها وجيشها، إقتنع الان مرغما طبعا، بدور واهمية وحاجة المنطقة والاقليم والعالم، لمنظومة الدولة السورية الشرعية الحالية، في محاربة الارهاب وفي تحقيق التوازن في الشرق، وهذا كان من النقاط الضاغطة لقبولهم مرغمين، بتمدد الجيش العربي السوري جنوباً.
-العهد-