أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عُقدة التشكيل، هي بالوزارات السيادية الممنوعة عن البعض

– مشكلة “كيمياء” مع القوات نتيجة كل “الحرتقات” ( أمين أبوراشد )

***

الإصرار على حكومة وحدة وطنية تُرضي الجميع، فيه من العواطف والتمنيات أكثر مما فيه من الواقعية، خاصة أن الكُتل البرلمانية الكبيرة التي أنتجتها الإنتخابات الأخيرة، تنظُر الى الوزارات السيادية الأربع على أساس أن الحصول على إحداها يأتي تتويجاً لنصرها الإنتخابي، لكن المشكلة التي سيواجهها الرئيس المُكلَّف، أن عدد الوزارت السيادية غير كافٍ من جهة، ومن جهة أخرى فإن بعض هذه الوزارات ممنوعةُ عن البعض وبشكلٍ خاص الخارجية والدفاع.

وزارة المالية في الحكومة العتيدة هي حُكماً للرئيس بري وبالتالي للثنائي الشيعي، ليس لأن “العُرف” الجديد يقتضي ذلك، بل لأن هذه الوزارة ستكون إحدى أدوات الرقابة على باقي الوزارات لبدء حملة مكافحة الفساد التي ألزم السيد حسن نصرالله نفسه بها قبل الإنتخابات، ثم أعلن مؤخراً عن ضرورة إنشاء وزارة تخطيط لهذه الغاية، إضافة الى تكليف النائب حسن فضل الله على رأس فريق عمل لإدارة ملف تم إعداده بهذا الخصوص، وبإشرافٍ مباشر من أمين عام الحزب لمزيد من الضمانة في الإنجاز.

وزارة الداخلية ستكون كما في حكومة تصريف الأعمال تعويضاً لتيار المستقبل عن “خسارة” المالية، التي لن تعود إليه في المدى المنظور نتيجة الأداء السيء لمَن تولاها، وأبرزهم الرئيس السنيورة الذي ما زال حتى الآن مبلغ الأحد عشر مليار دولار بذمَّته وينتظر اللبنانيون قطع حسابات السنوات السابقة ليظهر مصير هذا المبلغ وقد لا يظهر.
لماذا “الداخلية” هي الوزارة السيادية الحصرية لتيار المستقبل بهدف تعويضه عن “المالية”؟، فلأن حقيبة الدفاع باتت شبه عُرفٍ لرئيس الجمهورية، ولأن وزارة الخارجية ممنوعة على المستقبل ومًستحيلة للقوات اللبنانية، بسبب رمادية مواقف المستقبل في السياسة الخارجية وموقف الرئيس الحريري من سوريا تحديداً، ولأن القوات اللبنانية هي الخصم الأعند لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، ومن هُنا تبرُز الثقة الكبيرة التي أولاها الثنائي الشيعي للوزير جبران باسيل في وزارة الخارجية التي كانت محسوبة للطائفة الشيعية يوم كانت المالية مُحتكرة من المستقبل، وهذه الثقة مستمرَّة بالتيار الوطني الحر للخارجية بصرف النظر عن شخص الوزير “البرتقالي” الذي قد يتولاها.

تمسُّك الثنائي الشيعي بالمالية، وتيار المستقبل بالداخلية، وعدم وجود “كيمياء” تجمع حقيبة الدفاع بالقوات حتى لو تنازل عنها الرئيس عون من باب “أوعا خيَّك”، و”الفيتو” الحازم الحاسم على القوات لحقيبة الخارجية، ما يعني أن كتلتها النيابية الوازنة التي تُعطيها “الحق الممنوع” بحقيبة سيادية، سيدفع بالرئيس الحريري رغم الفتور مع قائد القوات الى احترام الأحجام النيابية، وهنا تبرُز مشكلة تمثيل القوات بأربعة وزراء والتعويض عليها بوزارة جاذبة، وليس هناك ما يجذِب أكثر من حقيبتي الأشغال والإتصالات.

ولأن حقيبة وزارة الإشغال هي “قِبلة” الجميع لدرجة أنها باتت “سيادية”، وهي كما قطعة الحلوى والكلّ يُطالب بها، وحقيبة وزارة الإتصالات باتت كما الدفاع لديها مشكلة “كيمياء” مع القوات نتيجة كل “الحرتقات” بحق من تناوبوا عليها من وزراء التيار الحرّ، مما يعني أن أكبر عقدة ستواجه الحريري هي عقدة تمثيل القوات ذات الـ 15 نائباً وألَّا، سترفض المشاركة في الحكومة وترتحل الى المعارضة وتنتفي صفة حكومة الوحدة الوطنية، وليتها لا تكون هكذا حكومة، لأن حكومة الوحدة الوطنية في لبنان – بلا معارضة نيابية جدّية – ستكون استمراراً للتكاذب المُتوارث على مدى عقود وهذا ليس لمصلحة عهد شعاره التغيير والإصلاح ومكافحة الفساد…