حسان الحسن –
تشكل مدينة حلب محط أنظار القوى الإقليمية والدولية، وبالتأكيد حسم المعركة فيها، سيحدد معالم صورة سورية الجديدة، بل المنطقة بأسرها،
لذا يشهد الميدان الحلبي، حرب عالمية بالوكالة، تستخدم فيها أعتى أنواع الأسلحة، بما فيها الكيميائية المحظورة دوليا، التي لجأت الى استعمالها المجموعات التكفيرية المسلحة، علّها تتمكن من رفع الحصار عن الأحياء الحلبية الشرقية، أو على الأقل تستمر في استنزاف الجيش السوري، والتشويش على الدور الروسي، عبر محاولة إسقاط الهدن، التي أعلنتها القيادة العسكرية الروسية مراراً، لتسهيل خروج المدنيين، ومن يرغب من المسلحين الى خارج “الشهباء”، خصوصاً بعدما كان فصيل “فاستقم كما أمرت” المسلح في صدد الاستعداد للخروج من المدينة، غير أن باقي الفصائل وفي مقدمها “جبهة النصرة” و”جيش الفتح” منعوه من ذلك، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية متابعة.
وللغاية المذكورة أعلاه، شنت الجماعات المسلحة، هجوماً كبيراً على الأحياء الغربية الحلبية، أطلقت عليه “المرحلة الثانية من ملحمة حلب الكبرى ـ غزوة أبو عمر سراقب”، ولكن لم يستغرق أكثر من ساعتين، ليحبطه الجيش السوري وحلفاؤه، لانهم أتقنوا كيفية التعامل مع عدة الإرهاب، وفقاً لتعبير المصادر.
وفي التفاصيل، ظهر الخميس الفائت قامت الفصائل المسلحة ، أبرزها كان: “أحرار الشام، جيش الفتح، نور الدين الزنكي”، بهجومٍ عنيفٍ في اتجاه غرب المدينة، وكعادتهم سيّروا في مقدمة الهجوم، أريع عربات مدرعة ملغومة، كان يقودها إنتحاريون، عرف منهم واحد سعودي وثاني شيشاني، وآخر تركستاني، بحسب المصادر. وأشارت الى أن القوات السورية تمكنت من تدمير هذه العربات قبل وصولها الى أهدافها، ما أدى الى فشلهم منذ بداية الهجوم، عندها لجأوا الى استخدام الغازات ضد الجيش السوري، ورغم ذلك استمر الهجوم منذ الساعة 12:00 ظهرا الى نحو 2:00 بعد الظهر، قبل أن تستوعبه القوات السورية، ودائما وفقاً للمصادر.
وفي السياق، يؤكد مرجع عسكري واستراتيجي أن الهجوم كان فاشلاً من حيث التحرك والتنسيق، وهذا الأمر ظهر جليا على محور “منيان”، حيث لم يصل الإمداد اللوجستي اللازم لمسلحي “أحرار الشام”، الذين إتهموا بدورهم “النصرة”، بعدم مدهم بالسلاح.
ويرى المرجع أن هدف الهجوم المذكور، هو الوصول الى الكلية الجوية في جنوب غرب حلب، عندها يمكن للمجموعات المسلحة بلوغ طريق الراموسة المفتوحة على أدلب بسهولة، لمحاولة رفع الحصار عن الأحياء الشرقية، غير أن محاولتهم هذه، باءت بالفشل.
بالرغم من الاستبسال في القتال الذي يظهره الجيش السوري في الميدان الحلبي، ولكن ربما يكون التقدم نحو شرق “الشهباء” خطوةً قاسيةً، نظراً لتعقيدات الأمور فيها، خصوصا لجهة احتجاز المجموعات المسلحة للمدنيين هناك، إضافة الى وجود آلاف المسلحين، لذا يبدو هناك تهيب روسي في فتح المعركة، من هنا أعلنت القيادة العسكرية الروسية الهدن المتكررة، لمنح المسلحين الفرص بالخروج، أو الافساح في المجال أمام الوساطات الدبلوماسية للإسهام بإخراجهم.
ولكن بطبيعة الأحوال، الصبر الروسي لن يدوم طويلاً، وقد تستعر المعارك في شرق حلب في الأيام المقبلة، أي خلال فترة إنشغال الأميركيين في الانتخابات الرئاسية، وما يرجح هذه الفرضية، ما أعلنته الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، بأن المسلحين يستغلون الهدن الإنسانية لإعادة رص صفوفهم، وهذا الأمر استدركه الروس، لذلك لن يبقوا قابعين في “فخ الهدنة”.
المصدر: موقع المردة