– فاز يوم داس على قانونٍ أكثريِّ متحجِّرٍ (أمين أبوراشد)
***
بعد ثلاثِ ساعاتٍ من بدء عملية الإقتراع، مررتُ على دارته في جب جنين – وأنا لا أهوى زيارات النواب والوزراء – لكن إيلي الفرزلي ليس كما سائر أهل السياسة، وأنا البقاعيُّ الطبيعي، أشعُر منذ السبعينات والثمانينات أني مدينٌ لإيلي الفرزلي بالبقاء في بيتي وأرضي وفي سهل الخير، دون أن أستورِد إقطاعياً من هنا أو حزباً من فئة “العياري” لحمايتي، أنا المسيحي الذي تعمَّدت مسيحيته بترابِ البقاع على مختلف تلاوينه الدينية التي تُشبه ألوان السهل في كل الفصول.
زيارة أردتها دقيقة واحدة، أُقبِّل فيها جبينه وأعود الى بيروت، فأرادها إيلي الفرزلي صبحية فنجان قهوة لم نتحدَّث خلالها كلمة واحدة عن الإنتخابات التي تجري، بل عن قانون الإنتخابات الذي أرفُض أنا تسميته بالقانون الأرثوذكسي، لأنه من بنات أفكار إيلي الفرزلي ورؤيته وإيمانه بالحق لكافة مكوِّنات الشعب اللبناني، وأن هذا القانون “الفرزليّ” الذي سقط بتواطؤ بعض “الساقطين”، كان المسمار الأول الذي دكَّه المُشرِّع والقانوني / المرجَع إيلي الفرزلي في نعش القانون الأكثري الظالم، الذي سمَحَ باستيرادِ “وكيل” علينا من عندِ إقطاعيِّ رفضنا ونرفض “يده الطويلة” التي حرمتنا من “إبن الأرض”، واستبدلته بناطورٍ نحن الذين نرفُض منطق الإقطاع ولسنا نبحث عن ناطور.
فاز عليهم إيلي الفرزلي بعد ثلاثِ جولاتٍ دامت سنوات من نضاله من أجل قانونٍ عصري ما زال يرى أنه بحاجةٍ لتعديل ليغدو أكثر عدالةً، وعاد الحق لأصحابِ الحق، وعادت “الأرض” لإبن الأرض، وانتصرنا على “نواطير الثلج”، بقامةٍ بقاعيةٍ تصرخ الحقّ شرعة حقوقِ إنسانٍ في سهلنا، وخذوا عنا كلَّ الوكلاء والدُخلاء والعُملاء، واتركوا لنا إيلي الفرزلي…
فاز إيلي الفرزلي يوم داس في الجولة الأولى على قانونٍ أكثريِّ متحجِّرٍ كما عقولهم، وفاز إيلي الفرزلي يوم شرَّع القانون الأرثوذكسي الذي أسَّس لإستيلاد القوانين ورَسَت على القانون النسبي،
وفاز إيلي الفرزلي يوم رفض استرضاء الإقطاع السياسي سواء من “بيت الوسط” أو من قصر المختارة، للحصول على مفتاح العودة الى المجلس النيابي، فانتصر على بقايا الإقطاع، بنبضات وقبضات “الفلاحين” وانتصرنا معه عليهم وبالضربة القاضية…