باسيل للشرق الأوسط: بري رجل ميثاق، وانقلاب من مشهد غير حقيقي مزور الى آخر يعكس إرادة اللبنانيين بتوازناتها الداخلية والخارجية
ثائر عباس –
أكد وزير الخارجية اللبنانية، جبران باسيل، أن نظرة الرئيس اللبناني الجديد العماد ميشال عون إلى العالم العربي «أكثر من إيجابية»، معتبرًا أن عون يرى أنه «لا يمكن أن يكون لبنان من دون وجهه العربي، وانتمائه العربي ومحيطه العربي، وعلاقاته الطبية مع الدول العربية».
وشدد باسيل على أن الرئيس عون كان حليفًا لـ«حزب الله» عندما كان رئيسًا لتكتل التغيير والإصلاح النيابي، لكنه بعدما أصبح رئيسًا للبلاد أصبح حليفًا لكل اللبنانيين. وقال: «أشعر بأن هناك إقرارًا بالحقوق وببعضنا البعض والاعتراف المتبادل، وهذا كله يسهل تشكيل الحكومة طالما أنها حكومة وحدة وطنية وتمثيل حقيقي، وحقوق الجميع تقدم بتوازنات تعكس الواقع اللبناني، فلا يوجد الكثير من النقاط التي نتقاتل عليها.
وفي ما يأتي نص الحوار:
* عهد يرأسه حليف «حزب الله» كيف نقدمه للعالم العربي؟
– أول شيء نقدمه للبنانيين لأنه رئيس لبنان. وطالما أن نظرته (الرئيس عون) للعالم العربي هي أكثر من إيجابية، نظرة تقول إنه لا يمكن أن يكون لبنان من دون وجهه العربي وانتمائه العربي ومحيطه العربي وعلاقاته الطبية مع الدول العربية. نحن عانينا من التدخل بشؤوننا، ونحن ناضلنا لكي يكون قرارنا الداخلي يعكس رئيسنا، هذا رئيس كل اللبنانيين. عندما كان رئيس تكتل التغيير والإصلاح كان حليفا لـ«حزب الله»، واليوم هو حليف كل اللبنانيين.
* خروج لبنان عن الإجماع العربي.. هل سنشهد ما يغير هذه الصورة؟
– لا يمكن أن نبني على خطأ حصل في الماضي. لبنان بحكومته ووزير خارجيته لم يخرجوا عن ميثاق جامعة الدول العربية ولم يخرجوا عن سياسة الابتعاد عن المحاور، والشيء الذي حصل بجامعة الدول العربية هو أنني أدنت باسم لبنان والحكومة والخارجية الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية (في طهران)، بناء لسياسة حكومة أكدت عليها الحكومة لاحقا ببيانها، ولم نخرج أبدًا عن هذا السياق. كان هناك قرار خليجي بالخروج والابتعاد عن لبنان. اليوم هذه مناسبة بدأنا نلتمسها من زيارة الوزير السعودي ومن اتصال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (بالرئيس عون)، ومن نية السعودية لإعادة العلاقات إلى طبيعتها ورغبتنا نحن، ومطالبتنا للسعودية بأن يتم هذا الشيء ونحن ندخل إلى مرحلة تعود المملكة العربية السعودية إلى لبنان كوطن مضياف صديق مرحّب بها وبأهلها بأفضل العلاقات معها، ويكون اللبنانيون كما كانوا في داخل المملكة، هذا الشعب الذي فيه الخير وأنا أرى أننا نعود إلى الوضع الطبيعي الذي فيه الخير بين لبنان والمملكة، والمستقبل واعد ومشرق بهذا المجال.
* بما يتعلق بتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة من حوله كيف سنتعامل مع مسألة وجود «حزب الله» بسوريا؟
– أولاً الموقف الرسمي للبنان الذي نحن كحكومة وخارجية وتيار وطني حر وتكتل تغيير وإصلاح، دائمًا كنا مع سياسة الابتعاد عن المشكلات الخارجية والصراعات الخارجية وإبعادها عنّا، هذا موقفنا الرسمي ونعمل من أجل تحقيقه بالمقابل. لكن هناك واقعا قائما بأن هناك 80 دولة متدخلة بسوريا، ويعتبر «حزب الله» من هذه الأجزاء والأفرقاء المتدخلة بسوريا، وهذا وضع شائك يتطلب انسحابا كاملا لجميع الأفرقاء وترك سوريا للسوريين لإنهاء الوضع العسكري القائم ومحاربة الإرهاب وقيام نظام بسوريا يرضي جميع السوريين، نحن هذا موقفنا، وهذا الوضع القائم يجب ألا يبقى قائمًا، ويجب أن ينتهي بهذا الشكل.
* ما العنوان الأول للعهد الجديد؟
– وحدة لبنان على المفاهيم الميثاقية الوطنية الأساسية التي هي الميثاق والدستور والقانون.
الميثاق ثابت، دستور متطور باتفاق اللبنانيين، وقوانين متغيرة بحسب حاجات اللبنانيين، وصورة لبنان الدولة المستقلة بقرارها الداخلي وبسياستها الخارجية التي تحفظ مصلحتها وتنسجم مع المواثيق الدولية والجامعة العربية وانتماء لبنان العربي الواضح، وانفتاحه على بقية الدول، ومن هنا تضع لبنان باستقرار دائم وليس مصطنعا، والميثاقية تعطيك التداول الطبيعي للسلطة الذي يصنع استقرارك السياسي وموقع الاستقرار والموقع السياسي فيه الذي يبتعد عن المشكلات يعطيه إمكانية الازدهار الاقتصادي الذي نحن دونه نصل إلى كارثة اقتصادية ومالية كبيرة.
* الذي حصل خلال الشهر الماضي من تبدل في التحالفات يمكن أن يترجم كأنه انقلاب في المشهد السياسي، كيف وصلنا إلى ما نحن عليه؟
– لا، هذا عودة الأمور للميثاق بشكلها الطبيعي، الانقلاب هو إما استعمال قوة أو القيام بعمل غير طبيعي، انقلب المشهد لأنه كان مشهدا غير حقيقي مزور، حتى أصبح مشهدا يعكس إرادة اللبنانيين بتوازناتها الداخلية والخارجية، بصعوباتها ودقتها، إنما اليوم هناك مشهد طبيعي جدا وهو أن المسيحيين يريدون ميشال عون رئيسا للجمهورية، وهو أصبح رئيسا بموافقة كبيرة من اللبنانيين سنة وشيعة ودروز، السنة يريدون سعد الحريري رئيسًا للحكومة وأصبح رئيسا للحكومة بموافقة كبيرة من المسيحيين والشيعة والدروز، ونبيه بري رئيسا للمجلس بموافقة المسيحيين والسنة والدروز، وهذا مشهد طبيعي وهذا تصحيح للصورة.
* من وجهة نظركم هو مشهد الأقوياء كل في طائفته يتزعم المنصب المخصص للطائفة؟
– طبعا، الأقوياء يحكمون، وهل الضعفاء هم من يحكمون؟ عندها يصبح البلد ضعيفا، لكن القوة لم تقلّد لطرف بشكل دائم، هذه مرحلة فيها عون قويا والحريري قويا، لكن عندما يتم فرز هيئة جديدة بالانتخابات النيابية فترى تحت هذا المعيار من هو القوي، ورئاسة الحكومة تحت هذا المعيار وهذا هو المشهد الطبيعي طالما أن دستورنا هو نفسه ونظامنا طائفي، فهذا الشيء الذي يشكل الاستقرار؛ لأن هناك توازنا وانطلاقا من الإرادة الشعبية، فعندما تريد أن تكسر هذا الشيء بمحل تريد أن تقوم بالتوازنات بجميع الأماكن، أو الخيار الثاني هو الذهاب إلى دولة علمانية، ونحن كتيار وطني حر نتمنى ذلك، وأنا كوزير خارجية للبنان أتمنى ذلك؛ لأن ذلك يمنع النظر إلى رئيس لبنان أو رئيس حكومته بطائفته، بل فقط أنه لبناني وليس تحت أي مسمى ثان.
* التركيبة الموجودة حاليا التي ستقود البلاد في تلك المرحلة، هل هي تركيبة تعاون كامل بين السلطات؟
نحن برأينا محكومون بالنجاح وبالتعاون الكامل بين السلطات، توافق تعاون، بالفصل بين السلطات والقضاء وحرية الإعلام، لكن لا أرى على الإطلاق أن وضعنا وتركيبتنا السياسية ونظامنا السياسي يسمح في ألا يكون هذا التعاون، بل على العكس أن هذا التعاون ضمان للنجاح، ودونه سيكون هناك فشل للعهد والحكومة وللبلد.
* هناك كلام كثير عن التفاهم الذي وصل إلى حد الصفقة، وأنت أن كنت عرابًا له من جهة عون، ونادر الحريري من جهة الرئيس الحريري. إلى أي مدى ممكن وصف هذا التفاهم الذي قمتم به بالصفقة؟
هناك تفاهم وطني، ولا يوجد أي صفقة، وتبين حتى للذين روجوا للصفقة بهدف إفشال انتخاب عون أنه لا توجد صفقة، وتباعا سوف يتبين أكثر أن كل ما قيل عنه غير صحيح، مثلا يوم أمس الرؤساء الثلاثة اتفقوا على أننا نريد قانون انتخاب سريع وانتخابات بموعدها، إلا أنه قيل إننا قبلنا بقانون الستين، والآن هناك تأليف حكومة، وسيتبين أنه لا توجد صفقة، بل اجتمعنا في كتلة التغيير والإصلاح لنرى ما نريد أن نطلبه من الحكومة، فسوف يتبين مع إصرارنا على تأليف حكومة بسرعة أن هناك مطالب من كل فريق فيها أخذ وردّ، أي لا يوجد عليها اتفاق. مثلاً سوف يتبين أننا لسنا متفقين على قائد الجيش مسبقا، ولا على حاكم مصرف لبنان مسبقا. نحن متفقون «مع الحريري» على مبادئ وطنية ميثاقية يأخذ فيها كل طرف حقوقه، التمثيلية والدستورية، يحافظ على النظام العام والدستور بالبلد، وديمقراطية تأخذ بعدها، وإن كان هناك من صفقة فهي صفقة لمحاربة الفساد لا بأس فيها نقبل بهذا التوصيف، لكن ليس لاستهداف أحد.
* هل تتوقع تشكيل الحكومة سريعًا؟
نعم، فهناك دفع إيجابي كبير يساعد، وأشعر بأن هناك إقرارًا بالحقوق وببعضنا البعض والاعتراف المتبادل، وهذا كله يسهل تشكيل الحكومة طالما أنها حكومة وحدة وطنية وتمثيل حقيقي، وحقوق الجميع تقدم بتوازنات تعكس الواقع اللبناني، فلا يوجد الكثير من النقاط التي نتقاتل عليها.
*هل نحن قادرون على إعداد قانون انتخابات وإجراء الانتخابات النيابية بهذه السرعة؟
نحن دعونا وندعو الآن بأن يتم الحديث عن قانون الانتخاب بالتوازي مع الحكومة. قانون الانتخاب يحصل بالتوافق بين الأطراف السياسية، ولا شيء يمنع القوى السياسية من أن تتفق عليه خارج المجلس والحكومة وأي إطار، طالما أنه سيتخذ طريقه التشريعية برضى الكل ولا نستبعد احدا من الموافقة عليه. يجب أن نكون جاهزين للاتفاق على قانون انتخاب بفترة لا تتعدى الشهرين أو الثلاثة أشهر، ونقوم بالانتخابات بموعدها.
* التمديد لولاية البرلمان غير مطروح حتى التقني منه؟
– التقني هو أن يكون هناك شيء ملزم أن تؤخر شهرا أو اثنين أو ثلاثة، لأنك لم تقر قانون انتخاب إلا في أبريل (نيسان)، فلماذا نريد أن نتأخر إلى هذا الحد؟ فكرة التأجيل هي فكرة مطاطة غير شرعية وغير سليمة وغير ديمقراطية، وإذا اتفقنا على ألا نمدد وأننا ملزمون بموعد شهر فنضع وقتًا لنحل قضية القانون. ونضع اتفاقا سياسيا على قواعد ومعايير، وتضع فريقا يعمل ليلا ونهارا لكي يطلع بقانون انتخاب. نحن بدأنا بالكلام عن قانون الانتخاب بعد الرئاسة مباشرة، وسألنا كل الأطراف إن كان هناك شيء يمنع الكلام عن قانون انتخاب، وأمس اتفق كل من الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والبرلمان والحكومة) على ذلك.
* بالنسبة للحكومة ماذا طلبتم من رئيس الحكومة؟
– طلبنا عدة أمور ليس من المهم ذكرها كلها، إلا أن أهم شيء فيها ميثاقية الحكومة، ميثاقية التمثيل، كان هناك خلل في جميع الأماكن بالدولة منها الحكومة، وطلبنا أن يصحح هذا الخلل بما لا يمس حقوق ولا تمثيل أحد.
* «التحالف الداخلي المسيحيين القوات» و«التيار الوطني الحر» سيكون احتكار التمثيل المسيحي بالبلد!!
سيكون بما يمثل المسيحيين خير تمثيل، ولا يغبن أحدا مثلما هو الواقع اليوم. هناك شيعة خارج «أمل» و«حزب الله»، وهناك سنة خارج تيار المستقبل، وهناك دروز خارج الحزب التقدمي الاشتراكي، لذلك ليس هناك احتكار بل تصحيح تمثيل، إلا أننا لا يمكن أن نكون بوضع أن واحدا لا يمثل شيئا له 3 وزراء، وواحدا يمثل 60 إلى 70 في المائة له وزيران.
* كيف هو الوضع مع حزب الكتائب؟
– أفضل ألا أعلق لأنني بالأصل لا أفهم ما هو موقفهم.
* العلاقة مع رئيس البرلمان نبيه بري بدأت سيئة، يبدو أن الأمور تحسنت؟!
– الرئيس بري هو رجل الميثاق في لبنان وهو من وضع قواعد الميثاقية ورفض أن يخالفها، وصحيح أنه لم يفعل ذلك برئاسة الجمهورية (بتصويته بالورقة البيضاء)، إلا أنه صححها برئاسة الحكومة (بتسميته الحريري لرئاستها)، فهو ميثاقي ووطني و(شاطر) بما فيه الكفاية، وهو أساسي وجزء من الوضع المرغوب بتصحيحه، فطبيعي أن يكون جزءًا من هذه العلمية أو هكذا نرغب على الأقل، ونحن لن نتعاطى معه إلا بإيجابية، واليد مفتوحة للتعاون معه.
المصدر: الشرق الأوسط