لا نُحمِّل النائب وليد جنبلاط كل المسؤولية، إذا كان بعض النواب المسيحيين الحاليين في الشوف، يرتضون لأنفسهم أن يُعامِلهم وليد بك، كما يُعامل “أوسكار”. ( أمين أبوراشد)
***
قد تكون لإنتخابات الجبل (الشوف وعاليه) نكهتها الخاصة التي تُميِّزها عن سائر الدوائر على امتداد لبنان، لأنها تُمثِّل بالنسبة للمسيحيين المُخصَّص لهم في هذه الدائرة 7 مقاعد من أصل 13، وكأنها رحلة “حقّ العودة” الى جبلهم، والى ممارسة دورهم السياسي في مناطق هُجِّروا منها منذ عقود، وملفّ بعض مُهجَّريهم لم يُقفل بعد، وكل وزير تُسنَد له وزارة المُهجَّرين منذ عشر سنواتٍ وحتى الآن، يأخذ على عاتقه إلغاء جدوى هذه الوزارة، وأنه سوف يُعيدهم الى ديارهم على “عهده الميمون”، ولم يتحقَّق ما يستحق الذكر في هذا الملف المُعضِلة، سوى معزوفة “مصالحة الجبل” وتبويس لحى المسيحيين و”عالوعد يا كمُّون”.
سبق للمرشَّح على “لائحة ضمانة الجبل”، الدكتور ماريو عون أن صرَّح الى جانب قيادات من التيار الوطني الحر، أن ترشيحه عامي 2005 و 2009، جاء إنطلاقاً من عودة القرار المسيحي الحرّ الكريم الى الجبل، طالما أن الإنتخابات في لبنان تُجرى على أُسس قوانين إنتخاب طائفية توافقية، وهي كانت ظالمة جداً وفق النظام الأكثري، حيث زعيم المنطقة هو “البوسطة” التي تحمل الركاب الى المجلس النيابي، ومقبولة نسبياً وفق النظام النسبي الحالي، لكن تعديل القانون لم يمنع النائب وليد جنبلاط، استعداداً لإنتخابات أيار 2018، من ممارسة زعامته واختيار المقرَّبين منه، ووضع “فيتو” على آخرين لمجرَّد أنهم غير تابعين لصرح المختارة، خاصة أن “تقليعة” نجله تيمور يجب أن تكون مرتاحة، لكن “التقليعة” لا يجوز أن تكون على حساب كرامات الآخرين، ولو أن البعض من الزاحفين على أدراج المختارة من المسيحيين، قد اختاروا سابقاً أن يكونوا نواباً عند “البيك” حتى ولو عُوملوا كما “المحروس أوسكار”.
أمام هذا الواقع، تكتسب الإنتخابات المُقبلة في الشوف وعاليه أهمية بالغة، وترفع “لائحة تضامن الجبل” راية “حق العودة” واستعادة الحقوق، لا سلب حقوق الآخرين كما يدَّعي البعض، ولا يسعى أي مرشَّح مسيحي في هذه اللائحة الى اقتسام زعامة مع أحد، لا بل يحترم حيثية الآخرين، وعلى الآخرين الإعتراف بحقِّه في الوجود الكريم ورفع مظلَّة “الذمِّية” عنه، وتطبيق الدستور والقانون ومبادىء الوفاق الوطني عليه وعلى سواه، والأخوة الدروز والسُنَّة في الجبل مدعوون قبل المسيحيين، الى التصويت وبكثافة للائحة تضامن الجبل، لأن مرشَّحي هذه اللائحة هُم أبناء هذا الجبل، وليكُن فوزهم، أو فوز بعضهم، مؤشراً صادقاً واعترافاً بحق عودتهم الى هذا الجبل، والرهان على كثافة الإقتراع من أبناء الجبل المُقيمين فيه أو خارجه هو الأساس لتأسيس هذه العودة وطيّ صفحة الماضي الأليم…