عَ مدار الساعة


ماذا لو نفّذ ترامب تهديداته؟ (بقلم حسان الحسن)

تراجعت حدة التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد روسيا من خلال تغريدة له على موقع “تويتر” جاء فيها: “الهجوم على سوريا قد يكون قريبا جدا وقد لا يكون كذلك”، وذلك بعدما حبس أغلب الاطراف انفاسه على وقع ارتفاع منسوب التشنج في الموقف الأميركي في الأيام القليلة الفائتة إلى درجة التهديد بإستهداف القوات الروسية المنتشرة في سوريا بأحدث أنواع الصواريخ الذكية والعالية الدقة، كما جاء على لسان سيد البيت الأبيض، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى التصدي لهذه الصواريخ، إذا كان قادراً على ذلك.

هذه التهديدات لسوريا ولروسيا كانت لافتة بغرابتها، حيث انها قد تخطت كل خطوط الديبلوماسية والعلاقات بين الدول، وكان من ورائها يكمن الخطر الكبير، لو تفاقمت الأمور أكثر فأكثر، ومضى ترامب منفذا تهديداته ، لكان أدى ذلك الى مواجهة مع روسيا، و”خروج الوضع عن السيطرة بما يهدد البشرية جمعاء”، على حد قول الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي حذر بدوره رئيس دولته من تداعيات أي عمل عسكري ضد روسيا وسوريا.

ومعلوم أنه بعد سلسلة الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه، خصوصاً الأخيرة، أي تطهير الغوطة الشرقية من الإرهاب، لن تعد تجدي من بعدها أي ضربة أميركية محتملة، ولن ينتج عنها اية نتائج ميدانية مهمة، خصوصاً فرضية إستغلال المسلحين للقصف الأميركي المتوقع، ومحاولات تقدمهم نحو مراكز القوات السورية، فهم أضحوا بعيدين عن المقار العسكرية الحساسة، ما خلا بعض الجيوب الداعشية في محافظة دير الزور. والدليل الى ذلك، ان القصف الإسرائيلي الأخير لمطار “التيفور” العسكري في شرق محافظة حمص في وسط سوريا، لم يحقق اية نتائج ميدانية تذكر .

ومعلوم أيضاً أن القوات الأميركية غير قادرة على القيام بإنزال جوي أو بحري، بعد الإنتشار الكبير للقوات المشتركة الروسية والسورية والإيرانية بمنظوماتها الدفاعية في المواقع الاستراتيجية في سوريا، أضف الى ذلك إنتشار القطع البحرية الروسية قبالة الشواطىء السورية، تحسبا لأي عدوان من البحر. كذلك وصول دفعة من المقاتلات الروسية الى القواعد العسكرية الجوية في إيران، كل ذلك يمكن وضعه في خانة الاستعداد لأي مواجهة محتملة مع القوات الأطلسية.

في ضوء هذا الوضع القائم، كل المؤشرات توحي بأن أي ضربة أطلسية تستهدف سوريا، ستكون محدودةً، إلا إذا نشبت مواجهة بين الروس والأميركيين على أرض سوريا، وهنا الطامة الكبرى، لإن أي مواجهة دولية من هذا النوع، ستهدد حتما وحدة الأراضي السورية، وقد تؤدي أيضاً الى حرب أهلية، وخير مثال على ذلك، إنقسام جمهورية فيتنام الى شمالية متحالفة مع جبهة التحرير الوطنية، وجنوبية متحالفة مع الولايات المتحدة. من ناحية اخرى، و رغم التراجع في حدة مواقف ترامب التصعيدية، لا يزال الخطر قائماً، لغاية التخفيف من الوجود العسكري الأطلسي حول سوريا خصوصاً الغواصات والمدمرات.

في هذا الصدد، علقت مصادر سورية ميدانية على التطورات المذكورة آنفاً، بالقول: “الأمور آيلة نحو التهدئة، بعد وصول فريق تقصي الحقائق في شأن إستعمال السلاح الكيماوي الى بيروت ثم الى دمشق، ما يؤشر الى أن الأوضاع متجهة الى الحلول السياسية، خصوصاً في ضوء الإتصالات المستمرة بين القيادتين العسكريتين الأميركية والروسية.

من جهة أخرى وفي سياق متصل، تحدثت تقارير صحافية أميركية عن أن تهديدات ترامب المذكورة، أدت الى التلاعب في أسعار الأسهم التجارية العالمية، وارتفاع في سعر النفط، وقد حققت من خلال هذه التهديدات بالحرب، استنادا لحالة الخوف الاقتصادي والمالي العالمي، شركات الرئيس ترامب أرباحاً خيالية، وصلت الى خمسة مليارات دولار ودائما بحسب التقارير.

-المرده-