ما إن حدد الدكتور سمير جعجع رؤيته لشكل الحكومة ودورها والحقائب الوزارية التي تستطيع “القوات اللبنانية” ان تشكل قيمة مضافة إذا ما تولتها حتى فتحت نهار جهنم عليها، وكأنه ما يحق لغيرها لا يحق لها، ولكن يبدو ان بعض القوى السياسية إما اعتادت على طوباوية “القوات”، وإما ترفض الإقرار بحضورها وتعمل دوماً على تغييبها.
فعشية تشكيل كل حكومة منذ اتفاق الطائف إلى اليوم تدور حرب “داحس والغبراء” بين القوى السياسية على اختلافها على الأحجام والحصص ونوعية الحقائب، ولا تتردد بعض تلك القوى في وضع الفيتوات واشتراط وزارات محددة واعتبار ان هذه الوزارة او تلك من الحقوق المكتسبة غير القابلة للنقاش.
وكل ما تقدم يفترض ان يعتبر من البديهيات وفي سياق شد الحبال الطبيعي، أما دخول “القوات” على هذا الخط فيعتبر من المحظورات، علماً انها لم تطالب يوماً بالحصة التي تتناسب مع دورها الكبير، هذا الدور الذي تظهّر أقله في ثلاث محطات أساسية:
الدور الأول في تغطية اتفاق الطائف الذي لما أبصر النور لولا تلك التغطية، فكان نصيبها الحل والاعتقال.
الدور الثاني في صناعة لحظة 14 آذار 2005 باعتبارها القوة الأساسية التي مهدت المناخ المعارض للوصول إلى تلك اللحظة، فكانت مشاركتها في السلطة بالكاد شكلية.
الدور الثالث في هندسة الخروج من الفراغ وإطلاق الدينامية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى القصر الجمهوري، وبالتالي إما تكون الثالة ثابتة، كما يقال، وإلا الأمور لن تمر بسلام.
فبأي منطق وحق يكون حجم “القوات” داخل الحكومة كحجم قوة سياسية عارضت انتخاب عون، او يكون حجم “القوات” أقل من قوة أخرى وضعت كل ثقلها لمنع انتخابه، او يكون حجم “القوات” كحجم أحزاب أخرى أدوارها ثانوية وملحقة بهذا الطرف أو ذاك؟
وإذا كانت الكتل النيابية تمثل وفق أحجامها، فـ”القوات” يجب ان تمثل ليس فقط انطلاقاً من وزنها النيابي، بل انسجاماً مع دورها السياسي الكبير الذي ساهم بإنهاء الفراغ وانتخاب عون، وتذكيراً هناك ثلاث قوى أساسية ساهمت بانتخاب عون: “حزب الله” و”القوات” و”المستقبل”.
وما كان يصح في الماضي ليس مسموحاً استمراره اليوم مع انطلاقة عهد جديد.
وما تطالب به “القوات” ليس كفراً، إنما يدخل في باب الحقوق البديهية، ومن ثم لماذا العودة إلى تجارب فاشلة تحت مسمى حكومات الوحدة الوطنية، خصوصاً ان القوى التي انتخبت عون تجسد بحد ذاتها الوحدة الوطنية حيث تضم الأكثر تمثيلاً داخل كل الطوائف اللبنانية من دون استثناء، وبالتالي اين المصلحة في جمع القوى التي انتخبت عون وعارضت انتخابه في حكومة واحدة تعيد إلى الأذهان الأدوار المشاكسة غب الطلب، فيما ثمة مصلحة وطنية في فتح الباب أمام تجربة قديمة – جديدة على قاعدة معارضة وموالاة بين من مع العهد ومن ضده، خصوصاً ان هذه التجربة القابلة للتكرار والاستمرار حدودها الانتخابات النيابية، اي اقل من ستة أشهر، وبالتالي ألا تستحق الاختبار؟
فخطيئة “القوات” التي لا تغتفر انها طالبت بالحصة التي تتناسب مع دورها الوطني كشريكة أساسية في الوصول إلى هذه اللحظة، وكحريصة على ان تلعب دور الرافعة للعهد الجديد استكمالاً لدور الرافعة في انتخابه، فتجنّدت قوى الممانعة لإقفال الطريق عليها ومحاصرتها، إلا ان “القوات” التي نجحت والعماد عون في فك الحصار عن القصر الجمهوري، ستنجح والرئيس عون في فك الحصار عن العهد الجديد من أجل انطلاقة جديدة ونوعية تمنع إفشال العهد الجديد، وتقدم تجربة نموذجية تجعل من عهد عون أفضل العهود التي عرفها لبنان.
المصدر: موقع القوات