عَ مدار الساعة


ماذا بعد تحرير الغوطة الشرقية؟

حسان الحسن-

تشهد الغوطة الشرقية من دمشق مرحلة جديدة لم تألفها منذ بداية الحرب على سوريا اواخر عام2011 ، و هي على طريق الاكتمال بعد إستسلام المجموعات التكفيرية المسلحة المسيطرة على حي جوبر، وبلدات: عين ترما، زملكا وعربين، وهي مناطق متصلة ببعضها، وموافقة هذه المجموعات على تسليم منطقة جنوب الغوطة الشرقية إلى الجيش السوري والخروج إلى محافظة إدلب.

هذا الاتفاق الذي رعاه الروس ضمن اتفاقٍ مبرمٍ بين الطرفين يقضي بتسليم المسلحين المنطقة وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للجيش مقابل ضمان خروجهم الآمن إلى إدلب مع عوائلهم حي يبلغ عددهم الإجمالي نحو سبعة آلاف عنصر ، تم التوصل إليه بين الجانب الروسي وقادة الفصائل المسلحة، ويقضي بإنسحاب مسلحي “فيلق الرحمن”، أحد أكبر الفصائل المعارضة المسلحة في المنطقة المذكورة آنفاً، من كامل الغوطة الشرقية.

اما في شأن مدينة دوما، كبرى قواعد تنظيم “جيش الإسلام” الوهابي، فهي آيلة حتماً الى العودة تحت سيادة الدولة السورية، في غضون أيامٍ قليلة، بحسب ما تتوقع مصادر ميدانية متابعة التي تلفت الى أن مفاوضات مماثلة للتي أجريت مع “فيلق الرحمن”وأحرار الشام” وأدت الى خروجهم من شرق دمشق، تجري الآن مع “جيش الإسلام”، لتأمين خروجه أيضا، وقد تكون وجهته محافظة درعا في الجنوب السوري، حيث ينتشر بعض المجموعات المسلحة المنضوية في صفوف “الجيش الحر” وسواه من الذين يحظون برعاية مباشرة من القوات الأميركية المنتشرة على الحدود السورية – الأردنية، لاسيما في قاعدة التنف، ومن حلفائها الأردنيين، على ما تقول المصادر .

وتؤكد أن إستعادة “الغوطة”، وإنتهاء العمليات الحربية في محيط دمشق، سيكون لها تداعيات على ما تبقى من الجيوب المسلحة الخارجة على سلطة الدولة السورية، وسيؤدي حكما الى إنهيارها في شكلٍ دراماتيكيٍ، أو تسريع المفاوضات وعقد المصالحات وتسوية أوضاع الذين تورطوا بحمل السلاح، ويرغبون بالعودة الى كنف الدولة، كما يحدث في ريف حمص الشمالي، (الرستن وتلبيسة)، على أمل أن تصل الى الخواتيم المرجوة، حقناً للدماء، وتجنيب المنطقة المزيد من الدمار. كذلك الأمر في شأن بعض البؤر المسلحة في محافظة دير الزور في شرق البلاد، ما خلا بعضها التابع مباشرةً للإحتلال الأميركي.

ولن يكون للتطورات الأخيرة في الغوطة إنعكاسٍ مباشر على المناطق الخارجة على القانون، والتي هي على تماسٍ مباشرٍ مع دول إقليمية وقوات أجنبية، كالجيب الموجود في حماه الشمالي والمتصل بأدلب، وهي على تماس مباشر بتركيا، أو كالمسلحين المنتشرين في محافظة درعا على الحدود مع الأردن، الذين يأتمرون بواشنطن وعمان. ولا يوجد أي تصور واقعي لإستعادة هذه المناطق، قبل الوصول الى تفاهمٍ إقليمي ودوليٍ ينهي وجودهم، وقبله إتمام المهمة التي وجدوا من أجلها، برأي مصدر سوري معني.

ولا شك أن الوظيفة الرئيسية لمختلف قوات الإحتلال الأجنبي الموجودة على الأراضي السورية، وتحديداً على المعابر والمنافذ الحدودية، كمعبر التنف وسواه، هي لتقليص نفوذ السلطة السورية على الحدود، ومحاولة عرقلة عودتها على ما كانت عليه قبل الأزمة، أي سوريا بنموذج ما قبل العام 2011، والعمل من خلال ضرب التوازن السياسي والعسكري والاداري في البلاد ، و ايضا من خلال ضرب البنية الاجتماعية للشعب السوري، وتعزيز أوراق قوى الاحتلال المذكور في أي عملية سياسية مرتقبة.

ولكن على ما يبدو ، ومن خلال اعتماد الغوطة الشرقية نموذجاً، فان الدولة السورية هي على الطريق لاعادة الوضع الى ما كان عليه لناحية بسط سلطتها القوية على كامل التراب السوري، وهي الان تنهي وفي منطقة تلو الاخرى ، كل تواجد غريب و غير طبيعي للارهابيين او لرعاتهم وتستكمل اعادة الوحدة ولم شمل كافة اطياف الدولة الصادقين والمخلصين.

-المرده-