– بِئس نكران جميلٍ من تُجَّار في المنظمات الفلسطينية، وبئسنا إذا لم نُحصِّن أنفسنا (أمين أبوراشد)
***
إذا كان ثلث النواب الحاليين قد عزفوا عن الترشُّح لإنتخابات 2018 فلكٍّل منهم أسبابه، ولا أسف على غالبيتهم الساحقة، لكن الوفاء يقتضي التنويه بإنجازات البعض منهم، خاصة من نذروا أنفسهم لقضية معيَّنة وحملوا ملفَّها بِعِنَاد، تماماً كما فعل النائب نعمة الله أبي نصر بموضوع الجنسية اللبنانية، عبر مطالبته بمنحها لمن يستحقها ونزعها عن مَن مُنِحَت له زوراً، خاصة أن من أعظم إنجازات النائب أبي نصر، أنه كان اللبناني الأقوى والأشرس في رفض تجنيس الفلسطينيين، حفاظاً على مصلحة لبنان من جهة، ومصلحتهم في حقّ العودة من جهة أخرى، رغم أن هذه العودة ليست لغاية الآن سوى خطابات مُستهلكة على ألسُن قادة ما تُسمَّى” القوى والفصائل”، أو شعارات على جدران المخيمات في لبنان.
ولأن السياديّ نعمة الله أبي نصر لبنانيٌ واجب الوجوب في المجلس النيابي، فليس لنا سوى التمنِّي، أن يرزقنا الله العقل في خياراتنا الإنتخابية، علَّنا نستنسخ منه نائباً على الأقل، لأن معركتنا في حماية لبنان من النازحين واللاجئين الطامعين بالبقاء بيننا طويلة!
منذ نحو أسبوع، ردّ رئيس الدائرة الإعلامية لحركة حماس في منطقة الخارج، المدعو رأفت مُرَّة على تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل، الذي دعا في روما الى شطب أي لاجيء فلسطيني من سجلات الأونروا إذا تغيّب عن لبنان أو استحصل على جنسية أخرى، واعتبر “مُرَّة” موقف باسيل مخالفاً للقوانين الدولية ولميثاق الامم المتحدة ولشرعة حقوق الانسان، ولقرارات القمم العربية التي تجمع على صفة اللاجىء وحقه في الحصول على كافة الحقوق، وبالغ في الوقاحة لدرجة أنه قال: “نرفض هذه التصريحات ونتمسّك بحق اللاجىء في هويته وصفته وحقوقه كافة، والمجتمع الدولي ممثلا بالاونروا هي المسؤولة عن رعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين والحكومة اللبنانية معنية باحترام حقوق الانسان وحقوق اللاجئين”.
لسنا بوارد النقاش بالقوانين الناظمة لشؤون اللاجئين ولكن، إذا اعتاد الفلسطيني على إعانات الأونروا، منذ ولادته، مروراً بحياته الدراسية والعملية وحتى وفاته، فهذه مسألة بينه وبين الأونروا، أما أن يتحدَّث أي مسؤول لبناني سواء كان وزير خارجية أو أي مسؤول آخر بشأن لبناني، فلا يحقّ لأي فلسطيني مهما كانت صفته أن يفتح فمه بالردّ، لأننا اكتفينا دفع أثمان قضية، باعها أصحابها من زمان، وتشرذموا الى عصابات “قوى وفصائل” تتقاتل فيما بينها والشعب الفلسطيني ومعه الشعب اللبناني يدفعان الثمن.
إن الوقاحة التي تتَّصف بها التصريحات الجاحدة لبعض قادة عصابات “القوى والفصائل” الفلسطينية، تجعلنا نقف مذهولين أمام “طولة بالنا”، والظروف – المذهبية للأسف – التي يستفيد منها الفلسطينيون المقيمون في لبنان، للتظلُّم كلما “دقّ الكوز بالجرَّة”، وبتنا مسؤولين عن أمن مخيماتهم المُتفلِّتة التي تأوي لاجئين مع ضيوفهم، وممنوعٌ على قوانا الأمنية دخول المخيمات، حتى تلك التي تأوي أخطر إرهابيي الأرض، وبتنا أيضاً مسؤولين عن معيشتهم متى تلكأت الأونروا في تلبية حاجاتهم.
وعندما يُناشد الوزير باسيل المؤسسات الدولية، فلأن لا دولة فلسطينية قائمة، ولا سلطة تضبط شرذمة القرار السياسي، في ظلّ منظمات “القوى والفصائل” التي ترفض التوحُّد لا بل ترفض المصالحة، لأن مصالح قادتها مرتبطة بالدول التي يرتهنون لها، ولأن الفلسطينيين اعتادوا أن يستنزفوا لبنان بإسم قضيتهم، ولأن الشعب اللبناني حمل ويحمل قضيتهم حتى النزف، فَبِئس نكران جميلٍ من تُجَّار الرقيق في المنظمات الفلسطينية، وبئسنا نحن إذا لم نُحصِّن أنفسنا بسياسيين مُلتزمين بلبنان..فقط بلبنان، من امثال اللبناني النقي القويّ نعمة الله أبي نصر…