حسان الحسن-
على طريق العودة الوشيكة الى حضن الدولة والوطن من خلال مناورة لافتة، استطاع الجيش السوري وحلفاؤه استعادة السلطة الى الغوطة الشرقية وتحريرها من المجموعات الارهابية، وذلك عبر عملية تمحورت خطوطها الرئيسة على شطر الغوطة الشرقية لدمشق الى ثلاثة اقسام، وعلى اساسها تم عزل مدينتي دوما وحرستا بالكامل، ثم تقسيمها الى ثلاثة اجزاء وهي دوما ومحيطها شمالا، وحرستا غربا، وباقي المدن والبلدات الممتدة من الوسط إلى الجنوب.
جاء ذلك بعد إستعادة الجيش وحلفائه مدينة مسرابا كنقطة ارتكاز في عمق الغوطة، وتابعوا منها تقدمهم في اتجاه منطقة جسرين، التي حرروها أيضاً في الساعات الأخيرة الفائتة، وبذلك باتت عملية تحرير الغوطة الشرقية على الطريق كاملة وواقعة حكماً في القريب العاجل. أمام هذا الواقع، أيقن الرعاة الإقليميون للمجموعات المسلحة بانه لم يعد هناك من جدوى في تقديم أي دعم إضافي لمسلحي “الغوطة”، بعدما باتوا محاصرين في بؤرٍ مقطوعة الأوصال، لا قيمة ميدانية او عسكرية لها، فترك هؤلاء الرعاة أتباعهم ليواجهوا قدرهم بأنفسهم، خصوصا بعد إنعدام فرص أي تدخل خارجي لنصرتهم، في ضوء إستعداد الروس الكامل للتصدي لأي عدوانٍ خارجي، على حد قول مصادر ميدانية متابعة.
ومن خلال تحقيق هذه الإنجازات الميدانية شرق العاصمة دمشق، تكون القوات السورية الشرعية قد تمكنت من إخراج النفوذ الخليجي، خصوصاً السعودي من بلادها، والذي طالما كان قائماً عبر تبني بعض المجموعات المسلحة ودعمها، وأبرزها “جيش الإسلام” الذي إتخذ من مدينة دوما عاصمةً له، وبذلك ينحسر النفوذ الخارجي في الجارة الأقرب تقريبا، بالأميركي الموجود مباشرة في قواعد أقامها في شمال البلاد وشرقها كالرميلان والتنف، مستغلا وجود بعض التواجد لداعش يحميه ليبرّر من خلاله وجوده غير الشرعي في سوريا، وفي بعض مناطق الجنوب عبر وكلائه كـ “لواء شهداء اليرموك” المرتبط ايضا بداعش، وذلك في درعا وسواها.
من ناحية اخرى، تحاول مصر الدخول على خط الأزمة، من خلال المساعي التي تجريها منذ أشهر، وقد نشطت مؤخراً، تحديداً مع فصيل “جيش الإسلام”، من أجل التوصل الى إتفاق أو تسوية تنهي الحالة المأساوية في الغوطة الشرقية، خصوصاً بعد الفراغ السعودي فيها، كون مصر كانت وسيطا محايداً.
بالإضافة الى الدور المصري، تحاول تركيا مد نفوذها الى شرق دمشق، من خلال محاولتها التوسط لدى الإيرانيين، في مسعى لإيجاد حل لإنهاء العنف الدموي في المنطقة المذكورة، ولتعزيز النفوذ المذكور في آنٍ معا.
وعن السيناريو المفترض للتسوية في “الغوطة”، ترجح مصادر سياسية ما يلي :
– إمكان التوصل الى مصالحة مع “جيش الإسلام ” تقضي بتسليم الأخير سلاحه الثقيل الى الحكومة السورية، وتكليفه ببعض أعمال الحراسة وما شاكل.
– عودة مؤسسات الدولة السورية الى المناطق المطهرة من الإرهاب في “الغوطة”، كالشرطة والدفاع المدني ومراكز الشؤون الإجتماعية.
– السماح لمن يريد الخروج من الغوطة بالمغادرة.
وهكذا ، وبعد الوصول الى ما هو مرتقب لناحية التسوية مع جيش الاسلام، ترجح المصادر الميدانية المذكورة آنفا، تأجيل التقدم نحو منطقة جوبر المتاخمة للعاصمة التي يسيطر على غالبيتها مسلحو “جبهة النصرة” و”فيلق الرحمن” المصنفيّن على لائحة الإرهاب العالمي، الى أسابيع قليلة، بعد الإنتهاء من دوما وحرستا والمزارع الميحطة بهما، كونها الأقرب الى العاصمة.
-المرده-