أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


إرتكابات جبران باسيل الجرمية (د. جورج حرب )

من يتابع آخر الأخبار السياسية في لبنان يتعجب من نقمة عارمة بوجه الوزير جبران باسيل ممّا يضعنا أمام احتمالين منطقيين :

إما أن باسيل من الصنف المستفِز والمزعج في التعاطي السياسي اليومي، أم أن السياسيين المعترضين منزعجون من قرارات اتخذها باسيل لا يعرفها اللبنانيون !

في جوجلة سريعة لمواقف باسيل منذ حوالي السنة ونيّف حتى اليوم، نجد كمًا من المواقف التي اتخذها، وصبّت كلها في خانة متضررين كثر، ما لبثوا أن شكلوا جبهة اعتراض على أدائه، محاولين فرملة ما يعتبرونه تماديًا منه، داخل لعبة سياسيّة اعتادوا على احتكارها منذ ما بعد الطائف حتى اليوم، وبالأسماء يمكن التحديد (مع حفظ الألقاب):

بطرس حرب منزعج من مشاريع بالجملة كان قد حصّلها جبران باسيل لمنطقة البترون جُرداً وساحلاً بعد حرمانٍ طاولها منذ عقود.

وليد جنبلاط منزعج من إصرار باسيل على إنجاز ملف المصالحات في الجبل وعودة مشرّفة للمهجرين، كان آخرها موقف باسيل الصريح من القضية خلال جولة له في الشوف في صيف 2017، ناهيك عما طاله منه في قانون النسبية الإنتخابي و”أخذه” منه ما يقارب ال 7 نواب.

سليمان فرنجية منزعج من الإتفاق الرئاسي الذي أرساه باسيل مع الرئيس الحريري كانت نتيجته انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسًا للجمهورية ممّا حرم فرنجية من حلم إعادة “النمرة رقم 1 ” إلى سيارة جدّه السوداء الأثرية التي لا يزال يحتفظ بها في أقبية قصره في زغرتا.

أما كبير المنزعجين، والذي اعتاد السيطرة والهيمنة على مختلف الإدارات العامة في الدولة العائدة للمسيحيين ولغير المسيحيين، فبسبب مطالبة باسيل الملحة بتعديل المادة 95 من الدستور والتي تفرض الميثاقية المحققة في كل فئات الوظائف، كما ووقوف باسيل في وجهه أكثر من مرّة ومنعه تمرير قرارات إستئثارية كعقود الجامعة اللبنانية وتعيين حراس الأحراج وإقامة مبانىٍ جامعية في مناطق من لون واحد، وتعيين موظفين في ملاك وزارة الأشغال لا يبلغ عدد المسيحيين فيهم ال 10 %، دون اعتراض يذكر من الوزير فنيانوس..، ناهيك عن تحفيز باسيل للطاقة الإغترابية مشاركةً في المجلس النيابي المقبل مع كل ما يحملوه من نقمة على طبقة سياسية كانت سببًا في هجرتهم أصلاً.

نعم إن ما ذكرنا هو غيض من فيض، موثق بالأرقام وبمحاضر جلسات مجلس الوزراء، كلها مراسيم لعب الوزير باسيل دوراً في تصحيحها أو عرقلتها عندما يرفضون التصحيح، بالتنسيق مع من يعنيهم الأمر ليجبر أصحابها على الممارسات الميثاقية في شتى التعيينات.

أما انزعاج الجميع بالجملة من جبران باسيل، فيعود إلى الديناميكية التي فضحت كسل باقي الوزراء، وأيضًا بالأرقام والقرارات، لا ننسى مشروع النفط ، والسدود، والإتفاقيات الدولية لاستجرار الطاقة الكهربائية ورفع ساعات التغذية بعد أن وصلت إلى درك رهيب، بالإضافة إلى قانون الإنتخاب النسبي الذي جرّهم جرّاً إليه، مما أدخل إلى اللعبة الإنتخابية دمًا جديداً لن يعرف لاعبوه حجمه إلا بعد إعلان النتائج.

نعم، مزعج جبران باسيل في مواقفه الداعمة للمقاومة كوزير خارجية وحيد بين كل أقرانه العرب، ومزعج في استبساله بشرف مع دولة الرئيس الحريري إبان محنته الأخيرة، نعم مزعج جبران باسيل لمن لم يؤمنوا يومًا بالدولة الرسالة، أو بلبنان القوي، أو الميثاقية المقدسة، وبصراحة، أرادوا لبنان على قياسهم، لكن المقاسات خابت بعد أن حاكها جبران باسيل.