لا شك ان للروس الدور الاساس في دعم الدولة السورية لتحرير كامل الجغرافيا في سوريا، وايضا لإعادة التوازن السياسي والميداني الى الساحة السورية في شكل عام، كما ان لهم دوراً مهماً وفعالاً لناحية ما يحدث راهناً في الشمال السوري، أي معركة تحرير ادلب الكبرى من جهة، وفي ما يتعلق بالاعتداء التركي على عفرين من جهة اخرى .
من هنا، يُلاحظ ان الروس يحاولون إيجاد الأجواء المؤاتية، لدخول مدينة أدلب، والإجهاز على البؤر الإرهابية فيها، والتي لا يمكن إعادتها الى كنف الدولة، أو تهيئة الأجواء لذلك، إلا من خلال دور فاعل يستطيع الأتراك تأديته، نظرا لما لهم من نفوذ في الشمال السوري على المجموعات المسلحة، وكانوا بالاساس من داعميها ورعاتها .
هذا الدور التركي، برأي مصادر سياسية سورية ، يسهم في دخول الجيش السوري وحلفائه الى كبرى قواعد “جبهة النصرة” الإرهابية، وتعتبر هذه المصادر أن أهم ما يفترض أن تقوم به أنقرة هو الآتي:
أولاً: إغلاق الحدود في وجه المسلحين الذي قد يفرّون الى الأراضي التركية، جراء تقدّم محور المقاومة المرتقب في اتجاه المدينة.
ثانياً: تفكيك الشبكات الاقتصادية المربوطة بين الأراضي التركية وأدلب، فهي اغنى المحافظات بالزيت والزيتون، ويتم إدخال كل هذه الخيرات الى تركيا، عبر شبكات تجار، كذلك هناك عصابات تهريب بشر، يتم إدخالهم وإخراجهم الى تركيا، و كل ذلك مرتبط بالاستخبارات التركية.
ثالثاً: أن يضغط الروس على الأتراك، لكي يفككوا البنية السياسية “للنصرة”، أي هناك فصائل مسلحة منضوية تحت “الجبهة راهنا، وبإمكان أنقرة تحريك هذه الفصائل كما تشاء، واسترضاء الأتراك ضروري لإستعادة إدلب، ودائما برأي المصادر السياسية السورية.
وتلفت هذه المصادر الى أن القوات السورية بدأت دخول محافظة ادلب من جهة الجنوب الشرقي، لفصلها عن محافظة اللاذقية تحديداً، الذي صار لازماً على الجيش السوري وحلفائه، فرض مساحة بين هاتين المحافظتين، كذلك أدى تقدم الجيش نحو الأولى، الى فرار العديد من المسلحين منها.
وعن بدء معركة إستعادة أدلب، تجيب المصادر بالقول: “من الصعب تحديد توقيت بدء هذه المعركة” .
وتربط بين توجه القوات التركية والفصائل التابعة لها نحو مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، وبدء معركة تطهير أدلب من الإرهاب، معتبرة أن معركة عفرين، ستؤول الى بداية عملية تفاوض في شأن الإجهاز على أكبر قواعد “النصرة”، لافتةً الى أن الروس لم يعترضوا على التوغل التركي في المدينة المذكورة، كذلك ضغطوا على القوات السورية لعدم التصدي لهذا التوغل، لتفادي التصادم مع الأتراك، ما قد يسهم بتغيير أولوياتهم، بالتالي رفع الغطاء عن مسلحي ادلب.
وتؤكد المصادر أن هذه المعركة في عمقها هي روسية- أميركية، بعدما دفع الأميركيون بالروس الى المواجهة، عندما أنشأوا حرس الحدود، والروس لن يدخلوا في صدام مباشر مع الأميركيين، فدفعوا الأتراك الى ذلك، بالإضافة الى أن كل الدول الإقليمية المؤثرة في سوريا، لن تقبل بقيام كيان كردي في الشمال السوري، أي تركيا، وايران والعراق وسوريا، وقد تشجع معركة عفرين الأكراد السوريين الى العودة الى حضن الوطن، بعدما وضعوا كل ثقتهم بالأميركيين، فحصدوا الخيبة. وهنا خفف الأتراك اهتمامهم بدعم “النصرة” في ادلب، ويركزون الان جهودهم على ضرب المشروع الكردي، الأمر الذي يمهد في الوقت عينه الى ضرب الأولى، رغم الاعتداء على السيادة السورية، ودائما برأي المصادر.
سياسياً، يشكل مؤتمر سوتشي المنعقد راهنا، قاعدةً سياسية للتفاهم مع الأتراك، لأن الطرف “المعارض السوري” التابع لتركيا، سيشارك في هذا المؤتمر، بحسب ما تشير مصادر معارضة، وسيكون مستقبلا جزء من العملية السياسية، و”سوتشي” لن يكون بديلاً عن مؤتمر جنيف، حيث يتم توقيع الاتفاق السياسي الآيل الى حلّ الأزمة، بل مساعداً له، كون الأول يتسع لوفود كبيرة، وفيه هامش واسع للتفاوض، على أن يتم توقيع الاتفاق النهائي في جنيف.
-المرده-